شهر رجب المبارك / شهر الطاعة و بوابة الخير والمغفرة نحو رمضان /
بوابة الخير والمغفرة نحو رمضان
/ شهر رجب المبارك / الأصب – الأصم /
"يطل علينا شهر رجب كأول محطات التهيؤ النفسي والروحي لموسم الطاعات الكبرى، فهو أحد الأشهر الحرم التي عظمها الله، وفيه يُوضع بذرُ العمل الصالح ليُسقى في شعبان ويُجنى حصاده في رمضان.
في هذا المقال، نسلط الضوء على قيمة هذا الشهر وكيفية استثماره ليكون بداية لانطلاقة إيمانية جديدة."
ماهي مكانة شهر رجب في الشريعة الإسلامية
هو من الأشهر الحرم المباركة التي عظّمها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.
لقد اصطفى الخالق عز وجل أزمنة وأمكنة، وكان من نصيب شهر رجب أن يكون إحدى هذه الأزمنة الفاضلة.
يأتي رجب ليكون بمثابة بوابة الخير ومحطة التزود الروحاني التي تُمهّد القلوب والأرواح لاستقبال شهري شعبان ورمضان.
إنّ تعظيم هذا الشهر ليس مجرد عادة، بل هو امتثال لأمر إلهي صريح مذكور في قوله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ"
لماذا سُمِّي رجب "الأصم" و"الأصب"؟
لكل اسم من أسماء هذا الشهر دلالة عميقة في التراث الإسلامي.
فاسم "رجب" مشتق من مادة (ر-ج-ب) التي تعني التعظيم والتبجيل.
دلالات الاسم
* رجب "الأصم": لأنه كان لا يُسمع فيه صوت السلاح والقتال، حيث كانت تُحرّم فيه المعارك والغارات بين القبائل العربية، تعظيماً لحرمة هذا الشهر العظيم.
* رجب "الأصب": اعتقاداً بأن الله يصب فيه الرحمة والخير صباً على عباده، وهو ما يجعله فرصة لا تُعوَّض لتكثيف الطاعات.
الحكمة من التعظيم:
تعظيم رجب مرتبط بتعظيم الشهور الحرم الأربعة (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب)، فالله سبحانه وتعالى اختصها بتشديد حرمة الظلم والمعاصي فيها، كما أن الطاعة فيها أعظم أجراً وهو جزء من تعظيم شعائر الله.
مضاعفة الأجر والثواب:
يُفهم من قوله تعالى: "فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ" أن للطاعة والعمل الصالح في هذه الأشهر فضلاً خاصاً، فإتيان الخير فيها يكون أعظم أجراً. لذا، يجب على المسلم أن يُكثر من التقرب إلى الله في هذا الشهر.
حرمة الظلم والمعصية:
ان النهي عن ظلم النفس يشمل جميع الذنوب، ولكنها في الأشهر الحرم تكون أشد إثماً وأعظم عند الله، وهذا تحذير رباني للمؤمن ليزداد تورعاً وتحرزاً من الوقوع في المعاصي والموبقات لذا فإن ترك المعاصي هو أفضل عبادة في هذه الأوقات المعظمة.
الأحاديث الضعيفة والموضوعة حول رجب
إن أغلب ما يُذكر من فضائل مخصصة لصيام أو صلاة أو أدعية في رجب هي أحاديث لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل بعضها موضوع ومكذوب. الالتزام بالسنة النبوية الصحيحة هو العبادة الحقيقية.
الأحاديث الضعيفة في فضل الصيام في رجب :
الأحاديث التي تصف أجراً خاصاً ومحدداً لـ صيام رجب أو أيام معينة منه مثل: "من صام يوماً من رجب فكأنما صام سنة..." أو الحديث عن نهر في الجنة يُسقى منه صائمو رجب، أو من صام ستة في رجب جسمه عن النار احتجب ، هي أحاديث موضوعة ومكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز العمل بها.
بدعة صلاة الرغائب:
* هي الصلاة التي تُؤدى في أول ليلة جمعة من رجب وهي بدعة منكرة باتفاق علماء الحديث، والحديث الوارد في فضلها موضوع.
* لا يجوز تخصيص ليلة الإسراء والمعراج (التي يُرجح وقوعها في رجب) بالاحتفال أو صلاة مخصوصة، لأنه لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة الكرام.
الدعاء والاستغفار المخصص:
* دعاء: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" مشهور، لكنه ضعيف الإسناد، وإن كان الدعاء بالمعنى مشروعاً.
* لا توجد صيغ استغفار معينة أو دعاء لشهر رجب خاص يجب التزامه وتخصيصه في هذا الشهر.
أفضل الأعمال الصالحة والمشروعة في شهر رجب :
إن قيمة شهر رجب تكمن في كونه مفتاح أشهر الخير، وفرصة للتوبة النصوح والرجوع إلى الله، والعمل بما ثبتت شرعيته في كل وقت
العمل الصالح وأهميته في رجب :
- الصيام المندوب العام : صيام الأيام البيض (13، 14، 15) وصيام الإثنين والخميس، اقتداءً بالسنة العامة في كل شهر.
قيام الليل : بتعويد النفس على القيام ولو بركعات قليلة، لتهيئة الجسد والروح لـ قيام رمضان.
الصدقة والإحسان : الإكثار من الصدقة وصلة الرحم والإحسان إلى المحتاجين، والعمل الصالح
حفظ اللسان والفرج : بالتركيز على ترك المعاصي والتحكم في الجوارح، استجابة للنهي عن ظلم النفس في الأشهر الحرم.
طريقة الوصول إلى الذروة الإيمانية :
*رجب (شهر البذر): هو مرحلة التنقية والتطهير، تبدأ فيه ببذر بذور الطاعات والتوبة وترك المعاصي.
*شعبان (شهر السقي): تكثيف العبادات والصيام، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، لـ تهيئة النفس جسدياً وروحياً.
* رمضان (شهر الحصاد): تُجنى فيه الثمار، ويجد المسلم نفسه مهيئاً تماماً لتحمل مشقة الصيام والقيام، ويستشعر حلاوة الإيمان.
خلاصة القول : اغتنم الفرصة قبل فوات الأوان
إن شهر رجب هو فرصة عظيمة من الله عز وجل لـ تجديد النية وتصحيح المسار قبل حلول ضيف الشهور، شهر رمضان المبارك.
لذلك يجب على المسلم أن يُحسن استغلال هذا الشهر العظيم ليس بابتداع عبادات لم تثبت، ولكن بتعميم الطاعات وترك المعاصي، تعظيماً لحرمة هذا الشهر العظيم.
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان سالمين غانمين.
اجعل رجب هذا العام مختلفاً.. انشر المقال ليتضاعف الأجر، وتابعنا لتستعد معنا لموسم الحصاد الأكبر.
