مفهوم الابتلاء من منظور آخر
قد يشعر البعض بأن الله سبحانه وتعالى قد ابتلاه لكثرة ذنوبه ومعاصيه ، ولكن لم يفكر أن الله أصابه بهذا الابتلاء حتى يرفع درجاته ويكفر ذنوبه ويرتقى بمكانته في الجنة .
ضرورة التحلى بالصبر عند البلاء
قد يبتلى الله عزوجل عباده فى أموالهم وأولادهم وصحتهم وفقد عزيز لديهم إلى اخره من أنواع الابتلاء .
قال تعالى : ( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) سورةالبقرة
المصيبة هنا فى الآية الكريمة تحمل معنى أى شىء يسبب شقاء للإنسان ليس الموت فقط بل أى ابتلاء قد يمر به الإنسان.
لابد من التسليم بقضاء الله وقدره والرضا بما حدث لنا من مصيبة والصبر عليها وتفويض أمرنا إلى الله (سبحانه وتعالى) بقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) وهو دعاء يقوله المسلم يقر بملكيتنا لله عز وجل، وبأنه المتحكم فينا وفى أحوالنا وأننا عائدون إليه يوم القيامة للحساب، وليجزى كل إنسان بما فعل.
يرفع هذا الدعاء من روحنا المعنوية ، ويساعد في استقرار حالتنا النفسية، ويحصن المسلم من الوقوع فى الاعتراض على قضاء الله.
الابتلاء تكفير للذنوب وترقية لدرجات الإنسان
قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط) رواه الترمذى.
يحثنا الحديث الشريف على الرضا بالبلاء والصبر عليه وعدم السخط لما فى ذلك من أجر عظيم ،وكلما كان الابتلاء عظيم كان الجزاء أعظم.
وأيضا فى الحديث إشارة إلى أن محبة الله سبحانه و تعالى متمثلة في نزول البلاء على العباد ، وهذا ينفى الاعتقاد بأن العبد كلما زادت ذنوبه عظم ابتلاءه فقد يكون فى البلاء ما هو خير للعبد ، ورفع درجاته وتكفير لذنوبه .
مما لا شك فيه أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء ، فالكل يعلم قصة سيدنا أيوب (عليه السلام ) وصبره على المرض وفقد الزوجة والولد .
وقصة سيدنا يوسف (عليه السلام) وصبره على السجن والظلم الذى تعرض له ، وفي قصته دليل على جزاء الصبر على البلاء ففى نهاية قصته أصبح عزيز مصر.
عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ( إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فلم يبلغها بعمل، فما زال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها)
وعلى هذا فإن البلاء علامة حب ورحمة من الله .
وختاما فعلى المؤمن الصبر على البلاء مهما اشتد ، فإن مع العسر يسرا ، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .