الإستغفار راحة القلوب
خطبــة جمعـــة بعنـــوان :
[ الإســـتغفـــــــار ]
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام:
إنّ حالَ المسلمين اليوم يا عباد الله حالٌ شديدة،
فكوارث ومصائب تَحلُ بالأمة ..!
وضعفٌ يواجههم في الدنيا ، وضعفٌ اخر أمامَ الكفار ..
وابتلاءات ومتاعب ومصاعب وضوائق مالية أو ماديه او مشكلات عائلية أو ظروفاً نفسية أو مضايقاتٍ في عملٍ ونحوها مما يعتري الإنسان في رحلةِ الحياة.
ومن جهة اخرى انغماسٌ في الشهوات والملهيات والاشتغال بالدنيا ..
وقحطٌ، وجدب، واحتباسٌ للمطر، وانقطاعٌ للغيث،
من جهة اخرى ..
ومعاصي وذنوب وسيئات ومنكرات وتعديات ومخالفات من جهة رابعة ..
وهذه المصائب وهذه المحن تُعالج أو تخفف بما شرعه الله لعباده من وسائل مادية أو التجاءٍ لله بالدعاءِ أو استعانةٍ بالصبرِ والصلاة ...
بيد أنّ هنالك علاجاً نافعاً لكلِ ما يَحلُ بالأمةِ المسلمة ، وكذا ما يصيب الفردَ المسلم ...!
علاجٌ غَفِلَ عنه الكثيرون لأنهم اعتقدوا أنه لا يكونُ إلا لمحوِ الذنوبِ والخطايا فحسب ...!
إنّه الاستغفار يا عباد الله ..!
دواءُ الذنوب ، ومطهرُ القلوب ..!
من أهمِّ القربات, وأعظمِ الطاعات..!
هو عُدّةُ التائبين، وملاذُ النادمين، وصفةُ عبادِ الله المتقين..
إنّه بَرَدٌ لقلوبِ العاصين، وأوبةٌ لعبادِ الله الغافلين، وسكينةٌ لنفوسِ الحائرين المضطربين .
بل إنّه أساسٌ لاستجلابِ الخيرات وحلولِ البركات ونزولِ النّعم وزوالِ العقوبات والنقم.
نعـــم
بالاستغفار تُقالُ العثرات، وتُغفرُ الزلات، وتُكفّرُ الخطيئات، وتَرتفع الدرجات، وتَعلو المنازل عند الله تبارك وتعالى ..
- وبالاستغفار يُرفع العبدُ من المقامِ الأدنى إلى المقامِ الأعلى ومن المقامِ الناقص إلى المقامِ الأتم والأكمل.
ومعنى “ أستغفر الله ” أي :
طلبُ العبد مِن ربِّه أن يمحو ذنوبَه ويستر عيوبَه..
والله سبحانه وتعالى من أسمائه تعالى الغفور؛ أي :
الذي يَتجاوز عن ذنوبِ عباده ويَستر عيوبَهم.
والاستغفار أصله في اللُّغة من المِِغفر؛ أي :
الساتِر الحديدي الذي يَضعه المقاتِل على رأسه.
وكذا بالاستغفار يقي المسلم نفسه من الفتن والعذاب والمصائب والشدائد ..
والاستغفار سنةٌ من سننِ الأنبياء والمرسلين، وطريقةٌ ووسيلةٌ للأولياءِ والصالحين، يلجؤون إليه في كلِّ وقتٍ وحين، في السراءِ والضراء،
فبه يتضرعون وبه يتقربون :
فهذا نبي الله آدم عليه السلام وأمنا حواء كان ممّا قالا :
{ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ( الاعراف 23).
وهذا نبيُّ الله نوح عليه السلام من دعائه :
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا}
( نوح 28).
وهذا نبي الله موسى عليه السلام لما قتل رجلاً من الأقباط قال : { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } القصص 16).
وفي ايةٍ اخرى وهو يناجي ربه قائلاً :
( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) الأعراف 151
- وقال تعالى عن نبيه داود عليه السلام :
( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩ ) ص 24
- وذكر سبحانه عن نبيه سليمان عليه السلام دعاءه :
( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ص 35
فهؤلاءِ هم الانبياء ومع علو مكانتهم وعصمتهم واصطفائهم من رب العالمين؛ إلا انّ الاستغفار كان دأبهم..
ولقد كان استغفارهم تعبداً وقرباً، وحمداً وشكرا..
وبواسطتهم أمرَ اللهُ النّاسَ عبر الأجيال أن يُقلِعوا عن المعاصي، ويطلبوا الغفرانَ من الله على ما اقترفوه ، حتى ينالوا رحمتَه ويجتنبوا غضبه.
- فهذا نبيّ الله هود عليه السلام يعِظ قومه بقوله ﴿وَيا قَوْمِ إسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مدْرَارا وَيَزِدْكُمْ قُوَّة إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ ﴾.
- وهذا نبيُّ الله صالح عليه السلام يعظ قومه بقوله ﴿ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
- وهذا شعيبٌ عليه السلام يرى قومَه على أسوأ الأخلاق مع الشرك والإلحاد، فيلحُّ في نُصحهم للإقلاعِ عمّا هم فيه من ضلال، خوفاً عليهم من عذاب الملك الجبار ويبشّرهم بأنّ ربَّهم رحيمٌ بعباده، ودودٌ بهم فقال :
﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾. ( هود 90).
وهذا خاتمُ المرسلين صلى الله عليه وسلم يوصي أمته بالاستغفار بقوله كما روى ذلك مسلم :
{ يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة }..
وكما جاء في البخاري في صحيحه :
قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
« وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً » ..
وهو القائل رضي الله عنه واصفاً حال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما جلست إلى أحد أكثر استغفاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
ويروى عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يعدون للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد سبعين مرة وفي بعض الروايات مائة مرة أنه يقول : { أستغفرك وأتوب إليك }.
والنبي عليه الصلاة والسلام إمامنا، وقدوتنا، وحبيبنا، وأعظم الأمة، وأعْبدُ العباد يقول في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه
عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ :
« إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
( إنّه ليغان على قلبي ).
ليغان من الغين، والغين هو : ما يتغشى القلب ، وما يغطيه ويغان على قلبي أي :
ينتابه من الضيق، والضنك، ويشتته الغم والحزن، فيرده عليه الصلاة والسلام ويلمُّ شعثه بالاستغفار، بل بإكثاره وإطالة اللهج به .
وهل النبي عليه الصلاة والسلام يفعلُ المعاصي ليغانَ على قلبه ؟
لا ،،، لكن قالوا :
بما يشتغل به من مصالح أمته، والمباحات أحياناً، وما يكون من محاربةِ العدو، وتأليفِ المؤلفة ..
ونحو ذلك من مصالح الأمة التي يفكر بها فيَعتبِرُ أنّ هذا الانصراف عن الحضور ..
حضور الذهن والقلب مع الله إلى اشتغال القلب والذهن بمصالح الأمة؛ يعتبره غيناً على قلبه ،
ومع انّ هذه الامور من الطاعات ..!
هل رأيتم هذه الدقة والحساسية التي جعلته يُكثر من الاستغفار حتى لا ينزلَ عن المستوى العالي.!
ونحن اليوم ننزل من مستوى أسفل إلى أسفل،
ومن مستوى ادني الى مستوى أدنى منه ..
فإذا كان من غُفرَ له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر صلى الله عليه وسلم يقول :
« إنّي لأستغفر الله في اليوم مائة مرة » ..
وهو عليه الصلاة والسلام مع عصمته ومكانته وعلو منزلته يأمره الله بالاستغفار، فيقول له :
- (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [النساء: 106]. ويقول له :
- ( فَسَبِّـــحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) النصر-3 - ويقول له :
- ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾.
فكيف بمن هو دونه من الناس؟
فكيف بي وبك ..!
ونحن المقصرون ! ونحن المخطئون !
ونحن العاصون؟! ونحن المذنبون !
فالاستغفار نجاةٌ للقلب، ومطهرةٌ للذنوب، وسلوى للخاطر، وحياةٌ للأفئدة والأرواح ...
يُشــرعُ في كل وقت، وفي أيِّ مكانٍ محترم ...
بيد أنّ للاستغفارِ أوقاتاً فاضلة من هذه الاوقات :
وقت السحر وهي الساعات الأخيرة من الليل
تلك الساعات الغالية والثمينة والنفيسة التى يصف ربنا سبحانه عباده الصالحين فيقول :
( كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) [الذاريات:17-18].
وفي آية أخرى ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾.
وفي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزلُ اللهُ تبارك وتعالَى إلى سماءِ الدُّنيا كلَّ ليلةٍ فيقولُ : هل من داعٍ فأستجيبَ له ؟
هل من سائلٍ فأُعطيَه ؟
هل من مستغفرٍ فأغفرَ له ؟ حتى يطلع الفجر "
وقال سفيان الثوري رحمه الله :
بلغني أنه إذا كان أوّلُ الليل نادى منادٍ ليقمِ القانتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر ..!
فإذا كان عند السحر نادى مناد :
أين المستغفرون فيستغفر أولئك ..
ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم ..
فإذا طلع الفجر نادى مناد :
ألا ليقمِ الغافلون فيقومون من فرشهم كالموتى نُشروا من قبورهم ..
كما يُشرع الاستغفار في ختامِ المجلس أو الحديث كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه ما كان يقوم من مجلس إلا وقال :
{ سبحانك اللهم ربي وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك } ..
فحينما سئل عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم :
« لا يقولهنّ من أحدٍ حين يقوم من مجلسه إلا غُفر له ما كان منه في ذلك المجلس ».
ويشرع للمصلي إذا انصرف من صلاته أن يقول: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله .. ثلاثا ..
لان بالاستغفار تَكملُ العبادة، ويُسد خللها، ويُعفى عن تقصيرٍ قد حصل فيها..
كما شُرعَ للحجاجِ إذا أفاضوا أن يستغفروا الله .
لقوله تعالى :
﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾.
ومن السنةِ كذلك ن تختم الخطبة الاولى من يوم الجمعه بالاستغفار ....
فأقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مـن كل ذنـب فيـــا فــــوز المستغفـــريـــن
الخطبـة الثانيــــة :
أما بعـد :ــ
احبتــي الكـــرام ..
- إنّ الاستغفار له مكانته العظيمة ومنزلته العليّة في دين الله فهو أساسٌ لاستجلابِ الخيرات وحلولِ البركات ونزولِ النّعم وزوال العقوبات والنقم.
فهو منهج كامل ومنهج شامل لصلاحِ الدين والدنيا.
فما أحوجنا الى الاستغفار في زمن كثرت فيه الفتن والمحن والشدائد ..
وما أحوجنا الى الاستغفار في وقت كثرت فيه ذنوبنا ومعاصينا ..!
وما أحوجنا الى الاستغفار في حال قلت فيه الأمطار وأصاب بلادنا القحط والجدب ..!
وإذا كانت الدول والشعوب تتضررُ اليوم بسببِ الجفاف والجدب ولا يستطيع أحدٌ أن يستمطر السماء مهما أوتي من قوة ...!
فإن الاستغفار وسيلةٌ لهطولِ الأمطار وازدهارِ الزراعة وحصولِ النماء وكثرةِ الرزق والعزّة والمنعة، اقرؤوا إن شئتم ما قاله نوح لقومَه ناصحاً لهم :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾.
فمن أراد الغيث فإنّ الاستغفار سببٌ لنزولِ الغيث من السماء ..! ( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا )..
ومن يتمنى الغنى بعد الفقر فإنّ الاستغفار سببٌ لكثرة المال ..( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ )..
ومن أراد البنين والأولاد فإن الاستغفار سببٌ لمجيء لبنين ..( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) ..
ومن اراد جنَّة ربه ورضوانه ونعيمه وجنانه فإنّ الاستغفار سببٌ لدخولِ الجنة ..!
( وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا )...
وهذا الفاروق عمر رضي الله عنه يخرج يوماً ليستسقى فلم يزد على الاستغفار، فقالوا :
ما رأيناك استسقيت ؟
فقال : لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديحِ السماء الذي يُستنزل به المطر، ثم قرأ هذه الآيات :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾
وجاء رجل إلى الحسن البصري يشكو إليه الجدب والقحط، فأجابه قائلاً :
استغفرِ الله ..!
ثم جاءه رجل آخر يشكو الحاجة والفقر، فقال له : استغفرِ الله ..؟
ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد، فقال له :
استغفرِ الله ..!
فتعجّبَ القوم من إجابته، فقالوا له في ذلك ؟
فقال : ما قلت من عندي شيئاً إنّ الله تعالى يقول في سورة نوح :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾.
فمـــا اجمـــل الاستغفــــار ..!
وما اروع تلك الألســن التى تلهج بالاستغفار دون كسلٍ او كللٍ او مللٍ ..
والأجمــل من ذلك تلكمُ العبارات وتلكم اللوحات الرائعه التى نجدها معلقةً على الابواب المزدحمة وعلى جدران وصالات الانتظار في البيوت او المشافي او المدارس او المكاتب الحكومية :
(( دقائقُ الانتظار أملأها بالاستغفار ))
وتلكم الدقائق التى ملأتها بالاستغفار ستملأ صحيفتك بالحسنات وترفع لك الدرجات وتطرد عنك الشيطان ..!
ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إن الشيطان قال : وعزتك يا رب!
لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى :
وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني».
فالله سبحانه يدعونا إلى الاستغفارِ من خطيئاتنا، وهو القائل سبحانه : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) هود 3.
وقال في الحديث القدسي :
« يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم ».
وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« قال الله : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلاّ غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ..
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ..
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» ..
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾
اخــــيراً احبتي الكــــرام :
يتعدد حشرُ الخلق، ويختلف عرضٌ البشر
ويتباين عرضُ النَّاسِ يوم القيامة ...
فمجموعات من الناس يأتون ووجوههم كالحه
عليها الظلمةُ والسواد ..
واخرون يأتون ويظهر على محياهم الكآبةُ والإحباط ....
وآخرين يأتون محمّلين بأوزار غيرهم ..
بينما يأتي أناس اخرون يوم القيامة وهم في غايةِ السُّرورِ والحبور ..! في غايةِ الفرحِ والبهجه .!
في غايةِ الابتهاجِ والغبطه .! في غايةِ السعادةِ والمرح ..!
إضافةً الى الثواب الجزيل والأجر العظيم والرحمة والمغفرة والعتق من النّار والسلامة من العذاب الذي يمنحون إيّاه من رب العزة والجلال سبحانه..!
أتدرون من هـــمْ ؟
إنّهـــم المستغفـــرون ...
قـال عليه الصــلاة والســلام كما روى ذلك ابن ماجة ومسند البزار من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
« طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ».
وفي المعجم للطبراني عن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
” من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار ” .
وأولى من يُستغفرُ لهم الوالدان تأسّياً بالأنبياء، وطاعةً لله عزوجل حيث قال :
﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستغفار للوالدين ينفعهما فقال :
{ إنّ الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: يا رب! أنّى هذا؟ فيقول : باستغفار ولدك لك }.
فعليكم بالاستغفار ياعبـــاد الله :
أكثروا منه في بيوتكم، وعلى موائدكم وعلى فرشكم، وفي طرقكم وأسواقكم وفي سياراتكم وأينما كنتم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة ..
وليكن الاستغفار ماحياً للذنوب والخطايا محققاً للسعادة والرخاء للفرد المسلم والمجتمع المسلم والأمة المسلمة جالباً لخيرات الأرض وبركات السماء ..
ليكن الاستغفار سلاحاً يُصدُ به عاديات الظلم والطغيان وتسلط الأعداء ومنكرات السفهاء والأمراض المعدية والزلازل والفيضانات وسائر الابتلاءات...
اللهم لا تردنا من هذا المقام إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحةٍ لن تبور ..
اللهم استرنا ولا تفضحنا وأكرمنا ولا تهنِّا وكن لنا ولا تكن علينا..
اللهم اغفر لنا الذنوب التي تهتك العصم..!
واغفر لنا الذنوب التي تنزل النقم ..!
واغفر لنا الذنوب التي تحبس الدعاء ..!
واغفر لنا الذنوب التي تقطع الرجاء.!
واغفر لنا الذنوب التي تُنزل البلاء ..!
واغفر لنا الذنوب التي تبدل النعم ..!
اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا واغفر ذنبنا واستر عيوبنا وفرج كربنا واكشف همنا وأزل غمنا وفك أسرنا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا ..!
اللهم ارفع عن بلدنا الغلاء والربا والوباء والبلاء
والزلازل والمحن وسوء الفتن ماظهر منها ومابطن .
اللهم انّا نستغفرك إِنَّكَ كنت بنا غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً ..
اللهم اسقنا غيث الايمان في قلوبنا وغيث العافيه في ابداننا وغيث الرحمة في اوطاننا ..
اسقي البلاد أقصاها وأدناها وانت ارحم الراحمين..
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه وثنى به ملائكته المسبحةِ بقدسه وثلّثَ به عباده من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.