القوة التي يملكها "المسلم" وهو لا يدري!
هل تعلم أن في يدك أيها المسلم مفتاحًا لا يملكه غيرك؟
أدلك أيها القارئ الحبيب في هذه السطور إلى مفتاح عظيم تُفتح به الأبواب وتُذلَّل به الصعاب وتُنور به الظلمات،
مفتاح لا بد لكل مسلم أن يستحضره دائما أمام عينيه لا سيما في أوقات الأزمات والصعوبات.
ألا وهو أن له ربًا عظيما قادرا قاهرا، له من الصفات ما لا يتصورها مخلوق، وله من القدرة والتصرف ما لا تستوعبه العقول،
بيده تدبير أمور العوالم العلوية والسفلية،
يحكي الله عن نفسه ويقول: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ).الروم
ربٌ بهذه العظمة والقدرة أقام أمر السماوات والأرض والعوالم العلوية والسفلية … ألا يقدر أن يُقيم أمرك؟؟
إن مشكلتنا نحن المسلمين أننا لا نعرف الله حق معرفته، ولذلك لا نلجأ إليه حق اللجوء!
إن الواحد منا لو قابل أغنى أغنياء الأرض وطلب منه أن يعطيَه مليون دولار، ههل هذه المليون تساوي شيئا بالنسبة إلى هذا الرجل الذي هو أغنى رجل في العالم؟! لا تساوي عنده سوى بضعة دولارات من جملة ثرواته وممتلكاته!!
كيف لو عرفت أن الله جل وعلا يملك خزائن الرزق كلها بما فيها سبائك الذهب وحقول البترول ومناجم الفحم والماس والجواهر وقيعان البحار والمحيطات بما فيها من اللألئ والأحجار الكريمة…إلخ
قال تعالى عن نفسه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ [الْحجر: 21] )
أعطيك مثالا واحدا في هذا المقال يفتح عينيك على قطرة من فيض صفاته وبحار عظمته
في سورة البقرة يقول الله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)
الكرسي هنا كما قال جماعة من الصحابة والتابعين هو “العرش الذي استوى عليه الرحمن جلَّ وعلا”
تصور معي أيها القارئ أن العرش الذي هو أحد مخلوقات الله يتسع للسماوات والأرض؟؟
أريدك أن تسبح بخيالك في تصور هذا المعنى،
السماوات كلها بما يحيطها من نجوم وكواكب،
التي يصل أعدادها إلى الملايين بل والمليارات-
فعلماء الفلك يقولون أن هناك أقرب النجوم إلى الأرض والتي نراها نقطة صغيرة هي في الحقيقة ضعف حجم الأرض مئات وربما آلاف وربما ملايين المرات،
حتى قال بعضه العلماء: لقد رُصد نجم اسمه “إيتا كاريناي” بضعف حجم بخمس مليار مرة!!
أضف إلى ذلك ما تشمله تلك السموات من ملائكة،
والتي أعدادها تفوق الحصر، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " مَا فِي السماوات مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ"مسند أحمدبرقم(21516)
أضف إلى ذلك كل ما هو مخلوق في السماوات كالجنة والنار،
-التي تحتاج لنقلها لسبعين ألف حبل مع كل حبل سبعون ألفا من الملائكة-
إلى غير ذلك من سائر المخلوقات العلوية كالصراط والميزان والحوض !!
كل ذلك ومعه الأرض بما فيها من جبال وأودية وسهول وبحار وأنهار ومحيطات ووحوش وحيوانات وطيور وديدان وحيتان وأسود ونمور…إلخ،
هل تصورت معي هذا الخلق كله؟
أنا أوقن الآن أنك منبهر مذهول من هذا كله، كيف لو قلت لك أن هذا كله بالنسبة إلى موضع القدم لله جل وعلا كحصاة ملقاة في صحراء؟
ياالله…ما أعظمك وما أعلى شأنك وما أكبر قدرك (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)الزمر
لو أن المسلم تصور عظمة ربه وطلاقة قدرته لاطمأن قلبه وقت الصعوبات والأزمات، ولسان حاله يقول: أيكون ربي بهذه العظمة وتلك القوة ثم أخاف وأقلق؟
إن موسى وهارون عليهما السلام لما أرسلهما الله إلى طاغية زمانهما الذي قهر غيره وأحكم قبضته على شعبه وهو فرعون، (قَالَا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى قالَ لَا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى [طه: 45، 46] ) هكذا المسلم لا يخاف إذا علم أن له ربا عظيما قاهرا قادرا.
لو نظرت أيها القارئ في أحوال كل مسلم غير معلق بالله لوجدته يعيش حياة الكآبة والتعاسة والخوف والإضطراب عند أقل ضائقة وأزمة يمر بها، فمثلا في كوريا نسبة كبيرة جدا ممن يُقدمون على الإنتحار كان السبب لانتحارهم هو أنهم فقدوا الوظيفة التي كانوا يعملون بها!!
وكأن الدنيا قد أُغلقت أمامه لما فقد الوظيفة!! وكأنه إنسان فقد كل الأمل!! ليس له من يلجأ إليه أو من يعوضه عما فقده!!
لكن أنت أيها المسلم لو فقدت وظيفتك فلك رب تلجأ إليه قادر أن يفتح لك من أبواب الرزق أضعاف أضعاف ما قد راح منك!!
في النهاية اجعل علاقتك بالله قوية بكثرة دعائه والتضرع إليه وطلب العناية والرعاية منه،
فإنه سبحانه إن جعلك محِلاً لعنايته ورعايته فأنت أقوى إنسان على وجه الأرض. (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ)