رحلة الإسراء والمعراج .

لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ " ( سورة النجم ) "

الإسراء والمعراج :

“  سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ”(سورة الإسراء ) (1)

الإسراء وهي الرحلة الارضية التي توجه فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إلي بيت المقدس من البيت الحرام في سرعة ووقت لا يصدقه العقل البشري ولا يقدر عليه في ذلك الوقت .

المعراج : حيث عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس إلي السماوات وهي الرحلة السماوية حتى تكتمل المعجزة .

أسباب رحلة الإسراء والمعراج :

بعد وفاة عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا طالب الذي كان يخفف عنه ويؤازره من تكذيب المشركين ويدفع عنه الكثير من الأذى ، في نفس العام توفت زوجته السيدة خديجة ، التي كانت أقرب الناس إلي قلبه وأكثرهم وقوفاً بجانبه وتصديقاً له .

حزن الرسول صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً وضاق صدره بسبب تكذيب المشركين ووفاة عمه وزوجته فسمي هذا العام بعام الحزن ، فشاء الله أن يهون على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويربط على قلبه بهذه الرحلة والمعجزة .

تجهيز رسول الله إلي الإسراء والمعراج : 

أورد البخاري الحديث في صحيحه على أربعة أوجه :

في كتاب «مناقب الأنصار» جاءت رواية لحديث طويل عن أحداث الإسراء والمعراج رواه «هدبة بن خالد» عن «همام بن يحيى» عن «قتادة» عن «أنس بن مالك» عن مالك بن صعصعة جاء في مطلعه أن النبي محمد حدّث أصحابه عن ليلة أُسري به، فقال: «بينما أنا في الحطيم، وربما قال في الحِجْر مضطجعًا ؛ إذ أتاني آت... فشق ما بين هذه إلى هذه - أشار من ثغرة نحره إلى شعرته -، ... فاستخرج قلبي، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانًا، فغسل قلبي، ثم حشي، ثم أعيد ...» .».

 ثم خرج النبي مع جبريل فوجد دابة بيضاء سميت البراق فحملت الرسول صلى الله عليه وسلم من البيت الحرام إلي بيت المقدس ، فوجد أنبياء الله إبراهيم وموسى وعيسي فتقدم الرسول وصلى بهم .

رحلة المعراج إلي الساموات :

صعدالرسول صلى الله عليه وسلم إلي السماء مع جبريل فرأى الرسول في كل سماء نبي من انبياء الله .

السماء الأولى رأى سيدنا آدم أبو الأنبياء ، وفي الثانية عيسى ويحيي عليهما السلام ، وفي الثالثة سيدنا يوسف عليه السلام ، وفي الرابعة إدريس عليه السلام ، وفي الخامسة هارون عليه السلام ، وفي السادسة موسى عليه السلام ، وفي السابعة والآخيرة إبراهيم عليه السلام .

بعض تشريعات رحلة الإسراء والمعراج : 

روى الإمام أحمدُ ومسلمٌ وغيرهما عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  ( أتاني جبريلُ عليه السلام بإناءٍ من خمر، وإناء من لبن، فاخترتُ اللبن، فقال جبريل : أصبتَ الفطرة ) .

فكان هذا تحريم للخمر على أمة رسول الله صلى الله وسلم .

فرض الصلاة على المسلمين : 

فرضت الصلاوات الخمس على المسلمين في رحلة الإسراء والمعراج ، وكأنه تكريم ورفعه من الله لهذه العبادة ، فكلف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء ولم ينزل بها وحي .

خمسين صلاة :

وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في المعراج : َ(فَرَضَ اللَّهُ عز و جل عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) فرجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى موسى فقال له راجع ربك فقال النبي استحيت من ربي .

وصايا سيدنا إبراهيم :

حين التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيدنا إبراهيم أوصاه بذكر الله وحدثه عن الجنة وعن غراسها فقال : 

عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: " لَقِيْتُ إبراهيم ليلة أُسْرِيَ بي، فقال: يا محمد أقْرِىء أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلام، وأَخْبِرْهُم أن الجنَّة طَيّبَةُ التُّربَة، عَذْبَةُ الماء، وأنها قِيعَانٌ وأن غِراسَها: سُبْحَان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " .

ما رآه الرسول في رحلة المعراج :

1- رأى الرسول اقوام يعذبون في النار .

2- رؤية مالك خازن النار .

3- رؤية البيت المعمور .

4- رؤية سدرة المنتهى .

 " فَأَوۡحَىٰٓ إِلَىٰ عَبۡدِهِۦ مَآ أَوۡحَىٰ (10) مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ (11) أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ (13) عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ (15) إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ (16) مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ " ( سورة النجم ) (18)

وفي هذا تشريف كبير لرسول الله حيث أنه قد وصل لمكانه لم يصل إليها نبي أو رسول قبله .

الغرض من الإسراء والمعراج :

كانت بهدف التهوين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومواساه ربانيه لنبيه ، ولزرع العقيدة في قلوب المسلمين وتصديق رسول الله فيما يقول حتى ولو كان الأمر فوق القدرة العقلية للتصديق وهذا الغرض من هذه المعجزة ، ثم تشريع بعض الأمور الدينية كتحريم الخمر وفرض الصلاة وغيرهم .

معجزة عظيمة كرم بها الله الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته فاللهم صلي وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .