تفسير القرآن الكريم-خواطر  الدكتور مصطفي صيام حول سورة البقرة الآية  27

تفسير القرآن الكريم-خواطر الدكتور مصطفي صيام حول سورة البقرة الآية 27

0 المراجعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)سورة البقرة 

في اللغة العربية يقولون : فَسُقت الرُطبة ،أي بَعُدَت القِشرة عن الثمرة، فعندما تكون الثمرة أو البلحة حمراء، تكون القشرة مُلتصقة بالثمرة، بحيث لا تستطيع أن تنزعها عنها ،فإذا أصبحت الثمرة أو البلحة رُطبا، تسْود قِشْرتها وتبتعد عن الثمرة ،بحيث تستطيع أن تنزعها عنها بسهولة، ومن هنا جاء معني كلمة (الفاسق) ، وهو الشخص المُبتعد عن منهج الله، ينسلخ عن منهج الله بسهولة ، لأنه غير ملتصق به، ولو أن الإنسان لم يُمنح حرية الإختيار في أن يؤمن أو لا يؤمن ، لكان من المستحيل أن يَفسُق، والدليل علي ذلك أن الملائكة لم يُمنحوا حرية الإختيار في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا ،لذلك فهم مجبولون على الطاعة، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ،وعندما أراد الحق سبحانه وتعالى أن يُبين لنا صفات الفاسقين، حددها في ثلاث صفات ، الصفة الأولي هي أنهم يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ، فإذا سأل سائل : ما هو العهد المُوثق الذي أخذه الله على عباده، فنقضوه؟ ، تكون الإجابة : إنه الإيمان الفطري الموجود في كل منا ،فالله سبحانه وتعالى أخذ من البشر جميعاً عهداً، حين أخرجهم من صُلب آدم ،فوفى به بعضهم ،ونقضه بعضهم ، ألم يقل الحق سبحانه وتعالى في سورة الأعراف : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) ، ثم تأتي بعد ذلك الصفة الثانية للفاسقين ،وهي أنهم يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، أي يقطعون ما بين الأنبياء من الصلة والإتحاد والإجتماع على الحق، فيؤمنون ببعض الأنبياء، ويكفرون ببعض الأنبياء، ثم تأتي بعد ذلك الصفة الثالثة للفاسقين، وهي أنهم يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ عن طريق الإستهزاءِ بالحق ،وصد الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، وإثارة الفتن، ثم يقول الحق سبحانه وتعالى : أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ،لأنهم لم ينتفعوا بنور عقولهم ، واختاروا طريق الضلال ، وباعوا آخرتهم بدنياهم .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

6

followers

1

followings

1

مقالات مشابة