قصة يونس عليه السلام

قصة يونس عليه السلام

0 reviews

وان يونس لمن المرسلين. هذا يونس بن متى عليه السلام. نبي كريم من انبياء الله تعالى 

شرفه الله تعالى فاختصه بالنبوة واكرمه بالرسالة. وقد ذكره الله تعالى في كتابه العزيز ست مرات في سور النساء والانعام ويونس والانبياء والصافات والقلم

فذكر باسمه صراحة في اربع منها. وجاء باللقب حيث لقبه الله تعالى بذي النون اي صاحب الحوت في سورة الانبياء

وسماه الله تعالى بصاحب الحوت في سورة القلم. وقال تعالى ( انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داود زبورا

 

وقال سبحانه وتعالى  ( واسماعيل والياسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين )

. فذكره سبحانه في زمرة الانبياء والمرسلين الذين اجتباهم واصطفاهم وفضلهم على العالمين

( الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. )

اما في سورة يونس فقد ذكر قريته التي كذبته واعرضت عما جاءهم به من الحق والنور المبين. فقال( فلولا كانت قرية امنت فنفعها الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. و

في سورة الصافات حكى قصته مفصلة

 

ذكر انه واحد من المرسلين. وان يونس لمن المرسلين. وفي سورة القلم امر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالصبر الجميل ونهاه ان يكون كصاحب الحوت

شيئا من خبره مع قومه ثم رفع مقامه ومكانته لئلا يقع احد في الظن السيء لقوله لنبذ بالعراء وهو مذموم. فقال عن صاحب الحوت عليه السلام

فاجتباه ربه فجعله من الصالحين. واخيرا ذكره في سورة الانبياء بهذا اللقب الذي عرف به. وذا النون اذ ذهب مغاضبا

والنون هو الحوت. اي اذكر صاحب الحوت ذهب مغاضبا لقومه. هذا مجمل ما ورد عن يونس عليه السلام من ايات كريمة واخبار

 

سنعرض لها مفصلة مفسرة ان شاء الله تعالى. قوم يونس عليه السلام

قد بعثه الله تعالى الى اهل نينوى من ارض الموصل بالعراق. وهذا قول اهل التفسير قاطبة. فدعاهم الى الايمان بالله عز وجل. فكذبوه وعاندوه

خرج من بين ظهرانيهم خافوا نزول العذاب وحلول البأس والنكال. فقذف الله تعالى في قلوبهم التوبة والاوبة

الا ان اهل نينوى كانوا ممن سبقت لهم الحسنى. ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون. فلما غضب يونس عليه السلام من عنادهم ويأس من ايمانهم

فندموا على ما سلف منهم فصرخوا وتضرعوا الى الله تعالى وبكى الجميع رجالا ونساء وشيوخا وشبانا. وكانت ساعة انابة عظيمة علم الله صدق توبتهم. فكشف..

فكشف عنهم العذاب ومتعهم الى حين. فذلك قوله سبحانه فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمانها. اي ان هذا لم يوجد في الامم السالفة التي اهلكها الله تعالى.؟

فما امنت قرية بكمالها. بل كان السابقون كما وصفهم الله عز وجل وما ارسلنا في قرية من نذير

وقال تعال (وما ارسلنا في قرية من نذير الا قال مترفوها انا بما ارسلتم به كافرون. الا اهل نينوى  كانوا ممن اخذ الله بنواصيهم الى الحق والهدى. واراد بهم سعادة الدارين الا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم. ).. 

يونس بن متى

اما عن فضائله عليه السلام ومناقبه فهي كثيرة جاءت بها الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمنا العدل والانصاف!!

ان ننزل الناس منازلهم ونعرف لهم مكانتهم واقدارهم. فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر. دعوة ذي النون عليه السلام..

فانه ما دعا احد بدعوته اذ كان في بطن الحوت الا نجاه الله من كربه وكشف همه وازال غمه. كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (الا اخبركم بشيء اذا نزل برجل منكم كرب او بلاء من امر الدنيا دعا به ففرج عنه دعاء ذي النون. لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.)

 وفي لفظ اخر نعم دعوة ذي النون اذ هو في بطن الحوت. لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. فانه لم يدعو بها مسلم ربه في شيء قط الا استجاب له)..

. تلبية يونس عليه السلام للحج

فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الازرق. فقال اي واد هذا? فقالوا هذا وادي الازرق

قال كأني انظر الى موسى عليه السلام هابطا من الثنية وله جؤار الى الله بالتلبية. ثم اتى على ثنية هرشا فقال اي ثنية هذا? قالوا ثنية هرشا

قال كاني انظر الى يونس ابن متى عليه السلام على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف خطام ناقته خلوبة اي ليف وهو يلبي

لا ينبغي لاحد ان يقول انا خير من يونس ابن متى. فعن ابي العالية قال حدثني ابن عم نبيكم يعني ابن عباس

(النبي صلى الله عليه وسلم قال) ..(  ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى ونسبه الى ابيه. )

وفي قصة المسلم الذي لطم وجه اليهودي حين قال 

( لا والذي اصطفى موسى على العالمين. قال البخاري في اخره ولا اقول ان احدا خير من يونس ابن متى. اي ليس لاحد ان يفضل نفسه على يونس

في رواية لا ينبغي لاحد ان يفضلني على يونس ابن متى. وهذا من جميل تواضعه صلى الله عليه وسلم

ومن فضائله ايضا انه ذكر الله تعالى في موضع لم يذكره فيه احد من العالمين. في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ظلمات البحر والليل وبطن الحوت

..وعن ابي هريرة ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال اني خير من يونس ابن متى فقد كذب. فنادى في الظلمات

وكان ذلك سببا في نجاته. فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون. وعن علي رضي الله عنه قال

ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس ابن متى. قد سبح الله في الظلمات. وكذا ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية…

اثر ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. لما اراد الله حبس يونس في بطن الحوت اوحى الله الى الحوت ان خذه ولا تخدش لحما ولا تكسر عظما

فلما انتهى به الى اسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا? فاوحى الله اليه وهو في بطن الحوت ان هذا تسبيح دواب البحر

فحبسته في بطن الحوت في البحر. قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد اليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح? قال نعم. ف

قال فسبح وهو في بطن الحوت. فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا يا ربنا انا نسمع صوتا بارض غريبة. قال ذلك عبدي يونس

فشفعوا له عند ذلك. فامر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله وهو سقيم. فاجتباه ربه..

ولو لم يكن ليونس عليه السلام الا هذه المكرمة لكفاه شرفا. فاجتباه ربه فجعله من الصالحين. فعن الحبر ابن عباس قال لا ينبغي لاحد ان يقول اني خير من يونس ابن متى نسبه الى ابيه. اصاب ذنبا ثم اجتباه ربه. وما اجمل قول القائل اللهم ان تغفر تغفر جما..وان اي عبد لك ما الم. فالتقمه الحوت وهو ملين

بعد ان عرضنا بعض فضائل ومناقب يونس عليه السلام نأتي ها هنا لنذكر صورا ومشاهد من هذه القصة. وها نحن اولاء نتابع هذا المشهد المهيب الذي حكته لنا سورة الصافات

 

وهي لمحة سريعة عن هذا النبي الكريم وما تعرض له من هلكة او شفى هلاك لكن الله تعالى سلم وانجاه برحمته

فكان من المضحضين. فالتقمه الحوت وهو مليم. فلولا انه كان من المسبحين. للبث في بطنه الى يوم يبعثون

 

لما قام يونس في الظلمات يدعوه ويجأر اليه. وان يونس لمن المرسلين. اذ ابق الى الفلك المشحون

فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وانبتنا عليه شجرة من يقطين. وارسلناه الى مائة الف او يزيدون. فامنوا

فمتعناهم الى حين. هكذا تذكر الايات الكريمة هذه القصة فتبدأ بالتأكيد على نبوة يونس وانه واحد من المرسلين

 ثم تنتقل للحديث عما اصاب يونس عليه السلام حين التقمه الحوت وهو مليم. فيذكر المفسرون ان يونس ضاق ذرعا بتكذيب قومه واعراضهم وعنادهم

فخرج من قريتهم غضبان اسفا حزينا. وغادرهم مغضبا ابقا. كالعبد الابق من مولاه. فكان هذا الخطأ والزلل منه عليه

وها نحن نرى يونس عليه السلام وقد الجأه المسير الى شاطئ البحر

ركب سفينة مشحونة بالناس والاحمال والاثقال. وبينما كانت السفينة تحمل اهلها امنين اذ جاءتهم ريح عاصف فهاجت الامواج وعلى الصراخ ووجلت القلوب

فكان حال اهل هذه السفينة كما قال الله تعالى هو الذي يسيركم في البر والبحر. حتى اذا كنتم في الفلك وجرينا بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاء.

وقال نعم لقد احيط بالقوم وسقط في ايديهم ورأوا انهم على شفا هلكة

انه لا وزر ولا مفر الا ان يجعل الله لهم من هذا مخرجا. وكأن لسان حال الجميع حين رأوا هذه الامواج العاتية

اللهم اريتنا قدرتك فارنا رحمتك فارنا رحمة. كانت هذه الامواج الغاضبة اشعارا لاهل السفينة

 

ان عبدا ممن معهم على ظهرها قد ارتكب خطيئة. لعل الجميع يغرقون ويهلكون جراء ذنبه وخطيئته. فما كان منهم الا ان القوا ما معهم من

وطعام زائد عن حاجتهم لكن السفينة ما زالت تتلاعب بها الامواج وسط البحر. والجميع ينتظر الهلاك المحتوم. فستغرق السفينة بمن فيها وما عليها

فما كان منهم الا ان اقترعوا ان يلقوا احد الركاب لينجى الجميع من باب دفع الضرر الاكبر باحتمال اقل الضررين. فاستهم القوم فخرج سهم يونس عليه السلام

ولعله كان معروفا عندهم بالتقوى والصلاح. فابى القوم اول الامر ان يلقوا نبي الله. لكن سهمه خرج مرة اخرى مؤكدا انه لا نجاة للجميع الا بالقاء يونس في البحر. فلا مفر اذا

فالقي فالتقمه الحوت وهو مليم اي مستحق للوم لانه ترك مهمته التي بعثه الله من اجلها. وترك قومه مغاضبا لهم قبل ان يأذن الله تعالى له

لما كان يونس عليه السلام في هذه الظلمات احس ضيقا ووحشة عظيمة. فلجأ الى الله تعالى وسبح وذكر واستغفر واعترف بذنبه. لا اله الا انت

سبحانك اني كنت من الظالمين. سمع الله دعاءه واستغفاره وانابته فاستجاب له. فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون

لولا انه كان دائم الصلة بالله والذكر له والعبادة لكان هذا اخر العهد به. ولما خرج من بطن الحوت ولكان الحوت قبره الى يوم يبعثون

ان يونس كان يذكر الله تعالى في الرخاء. فذكره الله تعالى في الشدة وكشف عنه الكربة وازال الغمة. كما قال صلى الله عليه وسلم

الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. هذا صوت يونس الضعيف المنهك المحبوس في بطن الحوت وظلمات البحر يصل عنان السماء

فتسمعه ملائكة السماء فتعرفه لانه كان دائم الصلة بالله عز وجل. خرج يونس من بطن الحوت عاريا سقيما ضعيفا لا حول له ولا قوة

لكن الله تعالى لطيف بعباده المؤمنين. كيف سيعيش يونس وهو ضعيف الجسد خائر النفس منهك القوى. انه لا يستطيع البحث عن الطعام ولا الحركة من مكان الى مكان..

انما اصابه من كرب والم وسقم في بطن الحوت جدير بان يدعه ضعيفا لا قوة به ولا حركة. اللهم الا ان ينتظر رحمة الله تعالى تتداركه على البر كما ادركته في ظلمات البحر

وانبتنا عليه شجرة من يقطين. كان هذا ايضا من تدبير الله له

لكن لماذا اليقطين وهو القرع? انها حكمة الحكيم الخبير. فالقرع يظلله بورقه العريض ويمنع عنه الذباب الذي يقال انه لا يقرب هذه الشجرة

فورقه كثير وظليل ويؤكل ثمره من اول طلوعه الى اخره. فسبحان من بيده التدبير والتقدير. ارسله الله تعالى الى مائة الف او يزيدون

وللمفسرين اقوال في هذا الامر. فمنهم من يزعم انهم قوم اخرون سوى اهل نينوى. ومنهم من يقول هم قومه الذين خرج وذهب عنهم مغاضبا. كانوا قد تابوا

وانابوا لما احسوا قرب وقوع العذاب بهم. وكان يونس في بطن الحوت لا يعلم من امرهم شيئا. فلما نبذ بالعراء واتاه الفرج وعوفي من الداء. ارسله الله تعالى اليهم فامنوا فمتعناهم الى حين

المهم ان هذا المقطع من سورة الصافات يصف لنا ما حدث للنبي الكريم يونس عليه السلام. وكيف انقلبت المحنة منحة

والبلاء عطاء. وكيف اقبل الله تعالى بقلوب اهل نينوى واخذ بنواصيهم الى الهدى والحق بعد ان كانوا معرضين مكذبين. ليعلم الخلق جميعا ان القلوب بيد الله

وان المدبر هو الله وانه سبحانه اذا اراد امرا هيأ له اسبابه. فنادى في الظلمات..

وهذا مشهد اخر من قصة يونس عليه السلام تعرضه لنا سورة الانبياء في سياق الحديث عن ثلة كريمة من الانبياء. يأتي ذكر ذي النون بعدهم

اشارة سريعة توضح لنا بعض ما اجمل في سورة الصافات. ففي هذا الموضع تصفه الايات بانه صاحب الحوت. وذا النون اذ ذهب مغاضبا

فهو صاحب الحوت لان الحوت قد التقمه ثم نبذه. ويا لها من اشارة لطيفة من اشارات القرآن الكريم. فاذا كان الحوت قد التقمه ليلة او ثلاث ليال كما قيل في التفسير فنسب اليه وذا النون

فهو صاحب الحوت لان الحوت قد التقمه ثم نبذه. ويا لها من اشارة لطيفة من اشارات القرآن الكريم. فاذا كان الحوت قد التقمه ليلة او ثلاث ليال كما قيل في التفسير فنسب اليه وذا النون

بلى والله فما كان الله ليخزي اولياءه وعباده الصالحين. ذهب مغاضبا

وكلب اصحاب الكهف لما صحبهم ذكر معهم وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد. فكيف بمن عبد الله وحده واخلص له الدين? الا يستحق هذا الوعد

كما تبين الايات سبب خروج يونس عليه السلام من قريته. انه الغضب الذي ملأ صدره. لما عصاه قومه واعرضوا عن دعوته. لقد ضاق بكفرهم ذرعا وذهب ولكن الى اين? انه لا يدري ولا يعرف له وجهة

غضب يونس عليه السلام فترك قومه املا ان يجد قوما اخرين يفتح الله قلوبهم لدعوة التوحيد والحق

على معاناة الدعوة وعناد المعاندين واعراض المعرضين. ولعله ظن ان الله لن يضيق عليه. فارض الله واسعة. ولو ان قومه كذبوه فلما لا يخرج لارض اخرى يلتمس قلوبا اخرى واناسا

على معاناة الدعوة وعناد المعاندين واعراض المعرضين. ولعله ظن ان الله لن يضيق عليه. فارض الله واسعة. ولو ان قومه كذبوه فلما لا يخرج لارض اخرى يلتمس قلوبا اخرى واناسا

اخرين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب الى اهل الطائف يدعوهم بعد ان اغلقت مكة كل الابواب في وجه النبي الكريم. اجتهد يونس عليه السلام فاخطأ

لابد من درس يتعلمه ويقف عنده اصحاب الدعوات طويلا يتأملون كيف عوقب هذا النبي الكريم لانه لم يصبر..

الدعوة وجهل الجاهلين وسفه السفهاء. انه لمن اليسير على الداعية ان يغضب لان الناس لم يستجيبوا له. فيعتزل الناس ويهجرهم. هذا عمل!

هذا عمل يسير قد يطفئ غضب الداعية. ولكن

اين  هي الدعوة? وماذا سيعود على الدين من هجران المكذبين واعتزال المعرضين? ذهب مغاضبا ضاق صدرا بالقوم

ترك اعباء الدعوة اخلد الى الراحة او هكذا ظن ذهب ضيق الصدر حرج النفس فكان الجزاء من جنس العمل. اوقعه الله تعالى في الضيق والحرج الذي تهون بجانبه..

 

مضايقات الكافرين وسفه المعرضين. فالتقمه الحوت مضيقا عليه اشد الضيق. وحبس حبسا لولا لطف الله به لكان قبره الى يوم يبعثون

هذا الغم الذي اصاب يونس عليه السلام هو اضعاف اضعاف الغم الذي كان يكابده. والهم الذي كان يعتريه من تكذيب قومه واعراضهم عنه

ليكون الجزاء من جنس العمل. فاثابكم غما بغم لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما اصابكم

فظن ان لن نقدر عليه. ظن ان لن نضيق عليه وليس من القدرة. معاذ الله ان يكون هذا ظن الانبياء والمرسلين بربهم

فالصالحون يعلمون ان الله على كل شيء قدير فكيف بالنبيين? فظن فنادى فاستجبنا. ما اجمل هذه الفاء! وما ادلها على سرعة

الحال من الضيق والسجن في بطن الحوت في الظلمات الحالكة التي تبث الهول والفزع في النفس الى الاستجابة السريعة والنجاة من الهلاك المحقق والموت الذي لا مفر من

لكنه الله الحليم الغفور. نعم والله فلولا حلمه ورحمته لزالت السماوات والارض. يا له من مشهد رهيب ترجف لهوله القلوب

حين ترى يونس عليه السلام يصارع الامواج وينظر حوله فلا منقذ ولا مغيث. ثم يأتيه هذا الحوت فاغرا فاه قاصدا اياه. فلا حول له ولا قوة ولا نجاة الا بالله..

يجيب المضطر اذا دعاه. لنا ان نتخيل الان يونس عليه السلام بعد ان صارع الامواج وعاين الموت. فكان اقرب اليه من شراك نعله. فلما.

فلما نجا من الغرق اسلمته الامواج الى هذا الحوت الذي التقمه ليأكله هنيئا مريئا. فكان كالمستج من الرمضاء بالنار. انها لحظات عصيبة قاسية!!

مرت على نبي الله يونس. فاذا به في الظلمات فاين المفر? لا جرم انه سيذهب الى الباب الذي لا يغلق في وجه من قصده. سيلجأ الى الركن القوي الوثيق الذي لا يخذل من لجأ اليه

واذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون الا اياه. فالله اكبر ما اجل هذا المشهد واروعه. انه مشهد الذل والانكسار بين يدي العزيز الغفار

لقد هرع يونس الى ربه قام يصلي حيث لم يصلي احد ويدعو ويذكر في موطن يذهل اللبيب ويصرع العاقل فلا يبقى له عقل ولا فؤاد من هول ما رأى وما حل به

لكنه ثبات الانبياء ويقينهم بقرب الله تعالى منهم. لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. لقد ثاب الى ربه وتاب واناب بظلمه لنفسه. والرب شكور غفور فاستجبنا له ونجيناه من الغم. فما اسعد هذه اللحظة وما ابردها على قلب يونس عليه السلام 

انه خير يوم يمر على العبد يوم ان يتوب الله تعالى عليه فيدنيه ويعفو عنه ويغفر له ويبشره بالمغفرة لا تقنطوا من رحمة الله

لقد ذهب الغم والهم والحزن فلا رجعة لها. نزل الامن والطمأنينة على القلب السقيم الحزين فبدل الهم فرجا. والحزن فرحا والضيق انشراحا. واليأس املا والبكاء ضحك. وكذلك ننجي المؤمن

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

6

followers

7

followings

1

similar articles