ليلة القدر- وجميع أسرارها فى 2025

مقدمة

ليلة القدر، وما أدراك ما عظمتها، فهي أشرف الليالي وأفضلها قدراً. إن العمر كله يهون أمام مكانة هذه الليلة المباركة، التي جعلها الله خيراً من ألف شهر. تحل مرة واحدة كل عام هجري خلال شهر رمضان، وتحمل معها أسمى القيم والفضائل في الإسلام. تتميز بالسكينة، وتفيض بالبركة، وتغمرها الرحمة والسلام.

 

قصة ليلة القدر

علم النبى -صلى الله عليه وسلم- موعد ليلة القدر، ولكن بسبب التشاحن والتشاجر بين اثنين فى المسجد، أنسى الله تعالى النبي -صلى الله عليه وسلم- موعدها بسبب هذا الخلاف، ليجتهدوا في الطاعات والأعمال الصالحة.

 

فعن عُبَادَةُ بْن الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلاَحَى -أى: تشاجر- رَجُلاَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "إِنِّى خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمُ الْتَمِسُوهَا فِى السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ". رواه البخاري.

 

فضل ليلة القدر فى القرآن

جاء ذكرها فى كتاب الله مرتين:

١- هى الليلة التى نزل فيها القرآن الكريم، لقول الله تعالى { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }[ سورة القدر : 1 ].

٢- وصفها رب العالمين بأنها مباركة، لقوله سبحانه عنها { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }[ سورة الدخان : 3 ].

 

وهنا قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى السماء الدنيا فى ليلة القدر، ثم نزل مفصلاً على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الوقائع.

 

أعمال ليلة القدر

 من أفضل العبادات فيها هو قيام ليلها. إذ أن قيام ليلة القدر يكون سبب مغفرة الذنوب الماضية بعد رد المظالم الى أهلها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: من قام ليلة القدر إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. 

 

 

 فضل صلاة ليلة القدر

عبادة هذه الليلة تعادل عبادة  ٨٤ سنة تقريبًا، لأنها خير من ألف شهر، وهذه هدية أهداها الله لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان، تعويضاً لهم عن أعمارهم القصيرة التي تتراوح بين الستين والسبعين عاما، مقارنةً بالأمم الأخرى الذين كانوا يعيشون مئات السنين مثل قوم نوح، وعاد، وثمود، والذين من بعدهم.

 

فلو أن إنساناً من أمة النبي العدنان عبَد الله فى ليلة القدر فى رمضان لمدة عشرين سنة، فسيكون إجمالي عبادته التى يقابل بها ربه ٢٠×٨٤ =١٦٨٠ عاماً، أضف إلى ذلك العبادات فى باقى عمره الذى نفترض أنه ستون عاماً مثلاً، فستكون محصلة عبادته مثل الأمم الماضية أو أكثر، لكى لا يكون للناس حجة على الله عند الحساب.

 

عجائب ليلة القدر

هي الليلة التي تُكتب فيها الأقدار الطيبة والسيئة فى تلك السنة (من سيولد ، من سيتزوج ، من سيُبتلى ، من سينجح ،من سيُعافى ، من سيموت ،..........الخ)، لقوله تعالى عنها فى القرآن الكريم { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }[ سورة الدخان : 4 ].

 

 فعليك بالدعاء بخيرى الدنيا والآخرة فى صلاتى القيام والتهجد، لكى يُبدل الله لك الأقدار السيئة بأخرى طيبة.

 

علامات ليلة القدر  

ثلاث علامات مميزة لليلة القدر، اثنان فى وقتها، وهما:

١- أن يكون الجو مناسباً، والريح ساكنة، لقوله صلى الله عليه وسلم (ليلة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة)، رواه ابن خزيمة وصححه الألباني.

 

٢- الشعور بالطمأنينة، والسكينة، وانشراح الصدر، ولذة العبادة فيها، لكثرة تنزل الملائكة في الأرض بالسكينة على العباد ومعهم روح القدس (جبريل عليه السلام)، لقول الله تعالى { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ }[ القدر : 4 ].

 

وعلامة واحدة لليلة القدر بعد انتهائها، وهي:

٣- أن الشمس تطلع فى صبيحتها صافية لا شعاع لها، يعنى تستطيع أن تنظر إلى شروق الشمس بعينك مباشرة بدون حائل وبدون أن تشعر بأى ضرر أو تعب، كما ثبت ذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب، قال صلى الله عليه وسلم : وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.

 

أدعية ليلة القدر 

 

هناك أدعية مستحبة في ليلة القدر، منها أن تكثر من دعائك فى شهر رمضان بما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام لعائشة لما سألته عن أفضل الدعاء في ليلة القدر، ماذا أقول؟ قال: قولي:( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، رواه الترمذي، وهذا من جوامع الدعاء، فالعبد مهما عمل ومهما اجتهد فى العبادات فهو محتاج لعفو الله تعالى.

 

هل ليلة 27 من رمضان هي ليلة القدر؟

اتفق جمهور الفقهاء طبقا للأحاديث النبوية إلى أنها تقع فى واحدة من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، خاصة فى الليالي الفردية منها، وأنها من المحتمل أن تتمحور في ليلة السابع والعشرين، دون تأكيد كامل بأنها هي. وعليه، 

 

ينبغي على كل مسلم أن يجتهد فى هذه العشر الأواخر من شهر رمضان بكل ما يستطيع من عمل صالح، من الذكر، والصيام، والتضرع إلى الله تعالى، راجين منه العتق من النيران، ومغفرة الذنوب، وقبول الأعمال.

 

سمعت السيدة عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا حديثا من رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول فيه: "تحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ" متفقٌ عَلَيْهِ.

 

 وفى حديث آخر أيضا عن عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَحرّوْا لَيْلةَ القَدْرِ في الوتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَواخِرِ منْ رمَضَانَ)، رواهُ البخاريُّ، وفي الوتر منها، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين.

 

 

ماذا إذا وافقت ليلة الجمعة إحدى ليالي الوتر من العشر الأواخر؟

هذا القول نقله ابن رجب الحنبلي، رحمه الله، عن ابن هبيرة قولا يقول: (إن الليلة الوترية التي توافقها ليلة جمعة من العشر الأواخر من شهر رمضان تعتبر أرجى من غيرها)، وربما اعتمد صاحب هذا القول على أن ليلة الجمعة هي أفضل الليالي في الأسبوع. وإذا كانت في الأوتار الأخيرة من شهر رمضان، فهي أحرى أن تكون هى.

 

خاتمة

وإلى هنا نكون قد انتهينا من مقال اليوم لشرح كل ما يخص ليلة القدر، والذى تعلمنا منه أنها من أعظم الليالي في الإسلام، وأنها خير من ألف شهر.