قصة سيدنا لوط عليه السلام - ج٣
لما الضيق بلغ ذروته واشتد بـ لوط كربه وقال كلمته
إتحركت الملايكة وقامت , قالوله ماتخافش يا لوط , إنت فعلا تحت حماية ركن ربك الشديد .. إحنا ملائكة وربنا بعتنا هنا عشان ننجيّك .. (وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) [ آية 33 : سورة العنكبوت ] ..
وننفذ العذاب على قومك ..(قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين) .. [ آية 31 : سورة العنكبوت ]
أشار جبريل بـ إصبعه [ أو يُقال بـ جناحه] .. فإتعمى الناس من ورا الباب .. (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) .. [ آية 37 : سورة القمر]
إلتفتت باقي الملايكة لسيدنا لوط وقالوله خد أهلك وأخرج من البلد فوراً
ومحدش فيكم يلتفت ولا يبص ورا أبداً
هتسمعوا أصوات تهتز من فظاعتها الجبال , لكن إوعوا تلتفتوا والي هيلف وشه ناحية القرية بعد ماتطلعوا منها هيصيبه من العذاب زي الي هيصيبهم
تخيل مدى العذاب! .. عذاب بيصيب الشخص بمجرد النظر إليه!
ساعتها الملايكة بلّغت سيدنا لوط إن زوجته كافرة .. هي صحيح هتخرج معاه هو وأهله , لكنها كفرت وكانت من الغابرين , فـ هتلف وشها وهيصيبها زي الي هيصيبهم وبكده يتحقق العدل في إنها ماتهربش من العذاب رغم الكفر ..
(فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) .. [آية 83 : سورة الأعراف] ..
الغابرين معناها الهالكين ..
[وفي تفسير تاني بيقول إنها ماخرجتش معاهم اصلا , يُذكر إن سيدنا لوط بعد ماعرف إنها من الهالكين ما قالهاش إنه هيخرج .. والسبب إنه جاله الأمر الربّاني في الآية (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) هنا فسرها بعض العلماء إن المقصود باللإستثناء هو إستثناء امرأتك من "فأسْرِ بأهلك" .. فـ بعد مراعاة قواعد اللغة والبلاغة والمُقدم والمؤخر .. هتبقى الجملة " فأسر بأهلك إلا امرأتك"
بمعنى إن ربنا أمره ياخد أهله كلهم إلا زوجته
وفي الحالة دي بيفسروا كلمة "الغابرين" بـ الباقيين للهلاك .. يعني الي قعدوا في البلد ووقع عليهم العذاب .. فتكون هي من الغابرين الي ماخرجوش من البلد وفضلوا فيها وأصابهم العذاب]
سيدنا لوط سألهم هو العذاب هيحصل دلوقتي ؟! [ و في تفسير القرطبي وابن كثير مذكور انه سيدنا لوط إستعجل العذاب لقومه .. فالملائكة ردت عليه بإن معاد العذاب ربنا كتبه وحدده في صباح اليوم التالي , وصبّروه بإن الصباح مش بعيد]
(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) .. [آية 81 : سورة هود]
[ لكن حتى تأخير العذاب ده كان فيه حكمة .. الظاهر إن دي كانت مهلة لسيدنا لوط مش لقومه .. مهلة للنبي هو وأهله عشان يبعدوا قدر المستطاع عن القرية قبل مايتحقق فيها العذاب]
فعلا فوراً وفي ظلمة الليل خرج هو وبناته[ وقد تكون زوجته خرجت معاهم ] , إبتدوا يمشوا بعيد لحد ما الصبح قرّب ..
_
الصبح إبتدا يطلع والعذاب إبتدا يحصل
جبريل بطرف جناحه إقتلع مدنهم السبعة ورفعها كلها لفووق في السما .. وبعدين قلَبهم مرة واحدة و رزعهم في الأرض .. فـ إتنكّست المدن [ التنكيس هو إنك تقلب الشيء فتخلي راسه تحت , والجزء الأسفل منه فوق]
أثناء ما كانوا بيتقلبوا كان في حجارة من جهنم بتتساقط عليهم من السما .. حجارة ناشفة قوية ومتتابعة , كان مكتوب عليها اسمائهم! من شدة خطأئهم وفظاعة كبائرهم ربنا خصص ليهم حجارة من جهنم بأساميهم! (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) .. [آية 34 : سورة الذاريات]
إستمر المطر وإستمر العذاب .. مات الجميع وإتنكّست المدن في الأرض
قعدت المدن تدخل جوا الارض لحد ما دخلت مقلوبة وإنفجر الماء فـ غطّاها تماماً ..
(إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) .. [آية 34 : سورة العنكبوت ]
(فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود) .. [ آية 82 : سورة هود]
(فأخذتهم الصيحة مشرقين (73) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) .. [ سورة الحجر ]
والصيحة المقصود بيها هنا العذاب والهلاك , ويُقال كانت صاعقة كبيرة وأصوات عالية جدا جدا .. بس الصيحة دي كانت مجرد بداية للعذاب الأصعب الي واجهوه بعد كدا .. ومٌشرقين يعني عند شروق الشمس
_
كل ده كان سيدنا لوط وأهله سامعينه ,, سامعين أصوات مرعبة تخلي الي يسمعها يخاف حتى إنه يتخيّل بيحصل فيهم إيه
كلهم قاوموا نفسهم وما إلتفتوش وراهم , إلا زوجته إلتفتت فـ إنتهت في ثواني .. تآكل جسدها وتفتت زي مايكون فص ملح وداب
إنتهى العذاب وإنتهى القوم الظالمين أصحاب الفاحشة العظيمة , لكن العظة ما بتنتهيش .. ربنا خلّى مكانهم موجود من بعدهم عشان يبقى عبرة لغيرهم .. (ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ) .. [آية 35 : سورة العنكبوت]
( وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) .. [سورة الصافات]
يعني أهل مكة في أسفارهم للتجارة , كان منهم قوافل بتروح للشام , دول بقى كانوا بيعدّوا على المكان الي كان فيه قرية سدوم دي ذهاباً وإياباً , فربنا بيقولهم إعتبروا وإتعظوا دانتوا بتعدّوا على مكان العذاب صبح وليل..
ربنا كان عايزنا نتفكّر .. كان بيوجّهنا إننا مانعديش القصة كده وخلاص , لازم نفهم هم حصلهم كده ليه , بيقولنا بصوا , لاحظوا , تفكّروا وإفهموا ..
(وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ) .. [ آية 84 : سورة الأعراف ]
(إن في ذلك لآيات للمتوسمين) .. [ آية 75 : سورة الحجر]
(إن في ذلك لآية للمؤمنين ) .. [ آية 77 : سورة الحجر ]
_
• العلماء بيقولوا إن مكان المدن السبعة بقى بحيرة غريبة كده ماؤها أجاج شديد الملوحة وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر المالحة
في البحيرة دي صخور معدنية ذائبة توحي بإن الحجارة اللي إتضرب بيها قوم لوط كانت شُهب مشتعلة [ يُقال إن البحيرة دي هي " البحر الميت " ! .. الي معروف عنه إن الحياة فيه معدومة لشدة ملوحته وكثافة مياهه]
• قصة سيدنا لوط إتذكرت في القرآن 14 مرة في 14 سورة [سورة الأنعام/ سورة الأعراف/ سورة هود/ سورة الحجر/ سورة الأنبياء/ سورة الحج/ سورة الشعراء/ سورة النمل/ سورة العنكبوت/ سورة الصافات/ سورة ص/ سورة ق/ س.