اصحاب رسول الله الذين اشار القرآن إلي قصصهم

اصحاب رسول الله الذين اشار القرآن إلي قصصهم

0 المراجعات

اصحاب رسول الله، اشار القرآن إلي قصصهم.

في ظل الرحمة الإلهية والهدايا الخاصة التي نزلت على الصحابة المباركين، يتنوع غنى القرآن الكريم بآيات تكريم وإشراق، تنقلنا في رحلة مميزة إلى لحظات فريدة في تاريخ الإسلام. إنها الآيات التي نزلت تكريماً لصحابة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. دعونا نستكشف سوياً هذه الآيات المباركة التي ترسم صورة من عظمة وفضل الأصحاب، الذين نالوا لطف الله وتقدير النبي الكريم.

ابو بكر الصديق

اسمه عبدالله بن ابي قحافة ولقبه ابو بكر، كان من اشراف سادة قريش، يتصف بالحكمة ورجاحة العقل، وكان قد ترك افعال الجاهلية من شرب الخمر وعبادة الاصنام.

كان ابو بكر الصديق ينفق كل ماله في إعتاق العبيد، ويقال انه في يوم نادي رسول الله ﷺ  في المسلمين وامرهم بالتصدق، فتصدق ابو بكر الصديق بكل ماله فقال له رسول الله: " يا ابا بكر ما ابقيت لاهلك"، فقال له ابو بكر: "ابقيت لهم الله ورسوله"  فقد انفق كل ماله لاعتاق المسلمين من العبودية. 
وانزل الله في شأن ابي بكر قرآن يتلي الي يوم القيامة

يقول الله-عز وجل- "فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ (7) وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ (10) وَمَا يُغۡنِي عَنۡهُ مَالُهُۥٓ إِذَا تَرَدَّىٰٓ (11) إِنَّ عَلَيۡنَا لَلۡهُدَىٰ (12) وَإِنَّ لَنَا لَلۡأٓخِرَةَ وَٱلۡأُولَىٰ (13) فَأَنذَرۡتُكُمۡ نَارٗا تَلَظَّىٰ (14) لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى (15) ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ (16) وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى (17) ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةٖ تُجۡزَىٰٓ (19) إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ (20) وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ (21)"(سورة الليل: 4الي21)

واثناء هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم الي المدينة كان معه ابو بكر الصديق، وكان قد دخل ابو بكر الصديق قبل رسول الله الي الغار حتي اذا كانت فيه دابة لا تؤذي رسول الله ، واثناء وجودهم في الغار كان قد وصلوا لهم الكفار.

 وفي الحديث عن ‏‏أبي بكر ‏رضي الله عنه ‏‏قال :‏ قُلتُ لِلنبِي ‏‏صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ‏وأنَا فِي الْغَار : لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا . فَقَال ‏‏: مَا ظَنُّكَ يا ‏‏ أَبَا بَكْر ‏‏بِاثنين الله ثَالِثُهُمَا . رواه البخاري (3653) .

ونزل قرآن يكرم من شآن ابي بكر لهذا الموقف، قال تعالى : " إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (التوبة: 40)

سعد بن ابي وقاص

االصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، كان برّاً بأمه ، فلما أسلم امتنعت أمه عن الطعام والشراب ، حتى يرجع عن دينه ، فأبى وثبت على إسلامه ، ولم تجد أمه فائدة من إضرابها فعادت لطعامها وشرابها ، ومما ورد في ذلك قوله رضي الله عنه : ( يا أمّه , تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفسا ما تركت ديني هذا لشيء ، فإن شئت فكلي ، وإن شئت لا تأكلي . فأكلت )

يقول الله عزوجل في ذلك " وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " (لقمان: 14،15)

صهيب بن سنان الرومي

كان من اواخر الذين هاجروا الي المدينة وحين خرج مهاجرا تبعه المشركين ليمنعوه ، فوقف صهيب واستخرج نباله من كنانته وقال لهم: " يا معشر قريش تعلمون أني من أرماكم، والله لا تصلون إليَّ حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي بيدي منه شيء " .
فقالوا له: “ أتيتنا صعلوكا فكثُر مالك عندنا، ثم تريد أن تخرج بنفسك ومالك؟، والله لا يكون ذلك، فقال: أرأيتم إن تركت مالي لكم هل تخلون سبيلي؟، قالوا: نعم، فدلّهم على الموضع الذي خبّأ فيه ماله بمكّة “، فسمحوا له بعدها بإكمال هجرته إلى المدينة المنورة، و وصل خبر صهيب ـ رضي الله عنه ـ الي النبي ﷺ بعد أن لحق به بالمدينة المنورة، فقال له رسول الله : "ربح البيع أبا يحيى".

وقال عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ في تفسيره لقول الله تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ" ( البقرة الآية: 207 ) " نزلت في صهيب بن سنان وأصحابه، اشترى نفسه بماله من أهل مكة " .

العباس بن عبدالمطلب

كان العباس يخفي اسلامه واثناء غزوة بدر خرج العباس بن عبد المطلب مستكرهًا وقاتل مع المشركين واسر مع من أسر، وقد كان العباس غنيًا، فسيدفع فدية ليفدي بها نفسه ، فدار حوار الآتي بينه وبين رسول الله. 
 

قال العباس لرسول الله ﷺ:(يا رسول الله! قد كنت مسلماً)، 
فقال صلى الله عليه وسلم:(الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك، وأما ظاهرك فقد كان علي فافتد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو). 
فقال العباس: (ما ذاك عندي يا رسول الله!)، 
فقال صلى الله عليه وسلم :(فأين المال الذي دفنته وأم الفضل، فقلت لها: إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني: الفضل وعبد الله وقثم)،
فقال العباس: (والله يا رسول الله! إني لأعلم أنك رسول الله! إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل) اقتنع العباس في هذا الوقت أنه رسول الله، وقال رلسول الله أنه سيدفع الفدية، لكنه قال: (فاحسب لي يا رسول الله! ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي)، أي كان معه في أرض بدر عشرين أوقية من المال، قد أخذها المسلمون غنائم ،
فقال صلى الله عليه وسلم: (ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك، لا، لن نحسبها من المال).

فأنزل الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (الأنفال: 70)

وقال العباس تعليقاً على هذه الآية بعد ذلك: (فأعطاني الله عز وجل مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبداً كلهم في يده مال يضرب به، مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل)؛ لأن الله قال: "وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"(الأنفال:٧٠)

ابوعبيدة بن الجراح

قال ابن مسعود: قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه عبدالله بن الجراح يوم أحد وقيل : يوم بدر. لما أكثر ابيه في قتاله قصد إليه أبو عبيدة فقتله.

ذكر بعض المفسرين عند قوله تعالى:" لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(المجادلة: 22)

أنها نزلت في أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه-.

زيد بن حارثة

كان زيد يُنادى بزيد بن مُحمد، حتي قال الله تعالي: " مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" ( الأحزاب: 40)

وكان زيد من السَابقين إلى الإسلام، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو الصَحابيُ الوحيد الذي ذكر اسمه صراحة في القُرآن في الآية التي ذكرت قصة طلاقه من زينب بنت جحش.

كان يري رسول الله ﷺ أن يزوج زيد من ابنة عمته زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ، ليقضي على الفوارق الطبقية بنفسه، وكانت هذه الفوارق من العمق بحيث لا يقضي عليها إلا فعل واقعي من رسول الله ﷺ

وقد شاءت حكمة الله تعالى، أن لا يتوافق زيد وزينب ـ رضي الله عنهما ـ في زواجهما، و قبل ذلك كان يشتكي زيد لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عدم قدرته علي البقاء مع زينب وانه يريد أن يطلقها، ورسول الله يأمره بإمساك زوجه ، مع تقوى الله ، حتى أذن الله بالطلاق، فطلقها زيد ، بعد أن بقي معها ما يقرب من سنة، كما ذكر ذلك ابن كثير.

وأمر الله ـ عز وجل ـ رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالزواج من زينب بعد طلاقها من زيد ـ رضي الله عنه ـ وأنزل الله في ذلك قوله: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً" (الأحزاب:37). 
وفي زواجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من زينب ـ رضي الله عنها ـ القضاء على عادة التبني، إذ كيف يتزوج الرجل امرأة ابنه؟، وقد كانت هذه العادة الجاهلية مستحكمة في نفوس الناس، وقد أخذت أبعادها مع مرور الزمن، فكان هذا الزواج المبارك إلغاءً عمليا لهذه العادة الجاهلية، التي تؤدي إلى اختلاط الأنساب، وضياع الحقوق. 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

1

متابعهم

0

مقالات مشابة