قول سيدنا كعب: فوالله لا أنساها لطلحة
قصة سيدنا كعب بن مالك وموقفه مع سيدنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
حين تخلف سيدنا كعب بن مالك رضي الله عنه عن غزوة تبوك، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر ندمه، فقام النبي صلى الله وعليه وسلم وقال: (لقد صدقت، فقم حتى يقضي الله فيك). كان هذا لأن بقية من تخلفوا عن غزوة بدر قد كذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم وتحججوا بحجج وأعذار كاذبة ولم بعترفوا بتقصيرهم في عدم حضور الغزوة.
بعد إظهار ندمهم أوحى الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يأمر المسلمين بمقاطعة سيدنا كعب بن مالك والصحابيين الآخرين الذين تخلفا معه، وصدقوا في حديثهم مع النبي صلى الله عليه وسلم.
أمضى الصحابيان أيامها في البكاء والتضرع إلى الله تعالى بينما ظل سيدنا كعب بن مالك يخرج إلى المسلمين ويجرب محادثتهم، يصلي معهم، ويطوف معهم وهو يحاول أن يجعل أحد المسلمين يكلمه.
وكان يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه ويكلمه لكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد عليه ويتركه دون أن يحادثه.
ظل سيدنا كعب بن مالك رضي الله عنه على هذه الحال أربعين يوما حتى ضاق به الحال ولم يعد يجد لنفسه مكانا فالتجأ إلى الجبل.
بعد مضي الوقت الذي أخبر الله تعالى به نبيه محمداً صلى الله وسلم نزلت آية سورة التوبة: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) بأن الله تعالى قد علم صدقهم وإيمانهم وندمهم فتاب عليهم برحمته.
حينها جاء رجل إلى كعب بن مالك صارخا يقول: أبشر يا كعب فإن الله قد تاب عليك.
بكى سيدنا كعب من الفرح وسجد لله تعالى، ثم قدم مسرعاً إلى المسجد ليرى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو في غاية السرور فدخل المسجد وألقى السلام فقام إليه طلحة بن عبيد الله من فوره يعانقه ويهنئه، ثم جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
يقول سيدنا كعب عن هذا: (فلم يقم لي من المسلمين أحد وقتها، ووالله لا أنساها لطلحة).
موقف صغير من سيدنا طلحة أثر في نفس سيدنا كعب بن مالك، رضي الله عنهما، هكذا تكون مواقف جبر الخواطر، صغيرة لكنها تترك أثراً لا يُنسى أبداً.