قصص الأنبياء | قصة سيدنا نوح عليه السلام الجزء الخامس والأخير
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه أجمعين…
لما حمل سيدنا نوح عليه السلام فى السفينة من كل زوجين أثنين قال أصحابه : وكيف نطمئن أو تطمئن المواشى ومعنا الأسد؟، فسلط الله عليه الحمى فكانت أول حمى نزلت فى الأرض،
ثم شكو الفأرة فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا، فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها والله أعلى وأعلم.
إستمر هذا الطوفان العظيم زمناً طويلاً لا نعرف مقداره قيل فى أحد الأقوال أنه وصل إلى ستة أشهر، وسفينة سيدنا نوح عليه السلام تبحر فوق الماء، حتى نزل أمر الله سبحانه وتعالى إلى السماء أن تتوقف عن المطر، وإلى الأرض حتى تستقر وتبتلع الماء، وكان سيدنا نوح عليه السلام يبحث عن أرض لترسو عليها السفينة، فأرس الله سبحانه وتعالى حمامة مرات عدة لتبحث عن اليابسة وفى إحدى المرات رجعت ومعها غصن زيتون بمنقارها، وعلى أرجلها آثار طين فعرف أنها وقفت على أرض عليها آثار الماء وبدأت أن تجف، ففرح فرحاً شديداً (ومن هنا جاء رمز الحمامة وغصن الزيتون على أنها علامة السلام) ويُقال أن سيدنا نوح عليه السلام قد دعا الحمامة فلأجل ذلك أصبح الحمام يألف البيوت، وأصبح الحمام مألوفاً، وقيل أن ذلك ببركة دعاء سيدنا نوح عليه السلام.
علم سيدنا نوح عليه السلام أن الماء بدأ أن ينحسر وأن الأرض بدأت أن تظهر، وهذه علامة خير عظيمة، وعندما نزل منسوب المياه أمر الله سبحانه وتعالى سفينة سيدنا نوح عليه السلام أن ترسو على الجودى وتعددت الآراء والإجتهادات فى تحديد موقع جبل الجودى، فهناك من رأى بأنه أسم مكان قديم يُقال أنه جبل فى مدينة الموصل أو أرض الجزيرة قرب الموصل، وقيل أنه فى الموصل من ناحية الكوفة فى العراق، ورأى آخر بأنه أحد الجبلين الواقعين فى منطقة قبيلة طيئ فى الجزيرة العربية، ورأى آخر بأنه يقع فى شرق تركيا فى منطقة متاخمة للأراضى العراقية السورية، وإن معرفة المكان لا ينفع والجهل به لا يضر والله أعلى وأعلم.
وأمره الله سبحانه و تعالى أن يهبط من السفينة محاطاً ببركة الله ورعايته، وقيل أن ذلك اليوم كان يوم عاشوراء، فصامه سيدنا نوع عليه السلام وأمر من مع بصيامه، وهبط سيدنا نوح عليه السلام من السفينة وأطلق الطيور والحيوانات والوحوش فتفرقت فى الأرض، ونزل المؤمنون لتبدأ الحياة من جديد على وجه الأرض.
ولم يجعل الله لأحد من ممن كان معه من المؤمنين نسلاً فكانوا عقيمين فلا يُولد لهم إلا هو فلم يُكن عقيماً، فكان يسمى أبو البشر الثانى لأن كل البشر من بعد ينتسبون إلى سيدنا نوح عليه السلام، وكان له ثلاثة أبناء (سام وحام ويافث) فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بنى آدم ينتسبون إلى أبناء نوح الثلاثة سام أبو العرب وفارس والروم، ويافث أبو الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وحام أبو السودان والقبط والبربر.
وعهد الله سبحانه وتعالى لسيدنا نوح عليه السلام أن لا يُعيد الطوفان على أهل الأرض، وجعل تذكار الميثاق إليه القوس الذى فى الغمام، وهو ما يُعرف فى وقتنا الحالى بقوس قُزح أو بقوس المطر أو قوس الألوان أنه لأهل الأرض من الغرق، فيه إشارة إلى أنه قوس بلا وتر ، أى أن هذا الغمام لا يوجد منه طوفان كأول مرة والله أعلى وأعلم.
وعاش سيدنا نوح عليه السلام بعد الطوفان وبعد أن نجاه الله سبحانه وتعالى بعد أن قضى حياته فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، و كان عليه السلام أطول البشر والأنبياء والرسل عمراً.
قال بعض العلماء إن قوم سيدنا نوح عليه السلام إستقروا فى العراق وجزيرة العرب وقيل إنهم أول من سكن مدينة بابل فى العراق وأول من عمرها، وبنوا المدائن وأصبحت مساكنهم متصلة بدجلة والفرات إلى ما وراء الكوفة، ورأى آخر أن موطن قوم النبى نوح عليه السلام فى اليمن وان أبنه سام عاش فى اليمن وبنى حضارتها والكثير من الأقوال وإن معرفة المكان لا ينفع والجهل به لا يضر والله أعلى وأعلم .
عندما جاء ملك الموت إلى سيدنا نوح عليه السلام قال : يا أطول النبيين عمراً كيف وجدت الدنيا ولذتها ؟
قال : كرجل دخل بيتاً له بابان، فقام فى وسط البيت هنيهه ثم خرج من الباب الآخر .
وأختلف أهل العلم على مكان وجود قبر سيدنا نوح عليه السلام، فقيل إنه بين الركن وزمزم بالمسجد الحرام، وقول آخر أنه مدينة الكرك فى جنوب الأردن، وقول آخر أنه فى مدينة دورا فى فلسطين، وقول آخر أنه ببلدة فى البقاع فى لبنان تعرف اليوم بكرك نوحن وقول آخر أنه بالموصل فى العراق والله أعلى وأعلم.
تمت بحمد الله
