انتبه، هل تذكّرت صاحب النعمة؟؟
هل تذكّرت صاحب النعمة؟
ربما تاقت نفسك إلى مولود يملأ بيتك سعــادة و ابتهاجا فاتخذت الدّعاء سبيلا ليتحقق رجاؤك و جعلت من الليل ملاذا تستأنس فيه بالوهاب تدعوه بيدين متضرعتين و عينين دامعتين و قلب خـاشع منكسر كله شوق إلى زينة الحيـاة الدنيا... دعوتَ و دعوتَ و طال انتظارك و ازداد شــوقك إلى اليوم السعيد و لكن قدّر الله و مــا شاء فعل،، لـم يتحقق رجاؤك.. و لمّا تمكّن اليــأس منك و قطع عنك خيط الرجاء جاء الفرج و حدث ما لم يكن في الحسبان..
بالله عليك كيف كــان شعــورك و أنت تعيش اللحظات الأولى من البشرى السعيدة؟؟ كيف تصرّفت حينما تحقق حلمك؟؟ مهما تكن إجابتك فالأكيد و المؤكد أنك في تلك اللحظات كنت أسعد إنسان في الوجود و أعجز مخلوق عن التعبير، و لكن دعني أهمس في أذنك قائلا:
- " هل تذكّرت صاحب النعمة؟ و هل شكرته على نعمته؟؟ أم أنّ الفرحة أنستك المنعم الذي ساق إليك هبته بعدما أغلق عليك اليأس أبواب الأمل؟؟ إن كنت نسيتَ فتذكّر الأيام الخالية التي قضيتها ضارعا متضرّعا لمولاك و أنت تذرف دموع الرجاء و الانكسار بعدما ضاقت عليك الأرض و لم تجد إلا باب الواحد القهار و تيقنت أن لا ملجأ إلا إليه و هو الغني الحميد.. تذكر يوم أن كنت تدخل بيتك و كلك أمل أن تجد صبيا يجري نحوك لاستقبالك و هو يردد:" أبي"..
تذكر يوم كنت تحترق ألما و أنت تشاهد أخاك أو جارك يداعب ابنه و كله سعادة و أنت تردد بحرقة قوله تعالى: "المال و البنون زينة الحياة الدنيا" تذكر كل لحظة مرّت عليك و أنت محروم من نعمة الأولاد لترى كم هي جميلة لحظات الغبطة و السرور و كم هي أجمل لما يكون الفارج هو "الله" جل شأنه،، تذكر جيدا كيف كان حالك آنذاك و كيف هو الآن؟؟ أليس من واجبك أن تسجد لله شاكرا و حامدا على نعمة سُرَّ لها فؤادك و قرت لها عيناك و ابتهجت لها نفسك، نعمة عجز على تحقيقها الأطباء و حينها لم يجد اللسان أمامها عبارة أجمل من قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾
نعم عزيزي القارئ، نِعم كثيرة نسبح في حياضها و لكنّ الغفلة أنستنا شكر المنعم ، فكم من صحيح فينا كان يوما يئنّ من آلام مرض أنهك جسده و أتعب قواه و ما إن وهبه الله الصحة و العافية نسي الشافي الذي وهبه نعمة الشفاء .. و كم فقير عانى من ويلات الحاجة و لما فتح الله عليه أبواب خيراته نسي المعطي الذي وهبه من عطائه،، وكم و كم..!
و الآن ما رأيك أيها القارئ الكريم لو نتفق سويا على عمل يومي نحقق فيه معنى عبادة الله باسمه الوهاب فنتعلّم كيف نهب عباد الله من حبّنا وودّنا ، فنجبر كسر هذا، و نعين ذاك، و نتجاوز عمّن أساء إلينا فلعلّ الوهّاب ينظر إلينا نظرة رحمة فيغدق علينا من عطائه مثلما كان يغدق على أنبيائه و الصالحين من عباده ، فهذا سليمان عليه السلام تعلّق قلبه باسم الله الوهّاب فنال من خالقه ما رجاه منه و في ذلك يقول المولى تبارك و تعالى على لسان هذا النبي الكريم : ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لي وَهَبْ لي مُلْكًا لاَّ ينبغي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ﴾ ص: الآية 35 فكان الاستجابة الفورية: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ *وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ* وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأَصْفَادِ﴾ص :36-38