قصة نبي الله موسى مع فرعون قبل نزول التوراة عليه
سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون
نشأة موسى عليه السلام في قصر فرعون
في زمن ولادة موسى عليه السلام، كان فرعون مصر قد أصدر أمرًا بقتل جميع الذكور المولودين من بني إسرائيل خوفًا من ازدياد عددهم وقوتهم. هذا الأمر جاء بعد أن تنبأ كهنة فرعون بأن طفلًا من بني إسرائيل سيولد ويكون سببًا في هلاك ملكه. خافت أم موسى عليه السلام على ابنها واتبعت وحي الله لها بوضعه في تابوت وإلقائه في النهر، قائلةً في قلبها: "{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}" (القصص: 7).
**وصول موسى إلى قصر فرعون**
انطلق التابوت بموسى في النهر حتى وصل إلى قصر فرعون، وكان موسى في قصر فرعون حيث التقطته الجواري وأخذنه إلى آسيا زوجة فرعون {فالتقته آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}. عندما رأت آسيا الطفل أحبته من أول نظرة وقررت تبنيه، قائلةً: "{قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}" (القصص: 9).
**نشأة موسى عليه السلام في قصر فرعون**
نشأ موسى عليه السلام في بيئة ملكية، حيث تلقى أفضل الرعاية والتعليم. ورغم أنه نشأ كأمير مصري، إلا أن الله أعاد أمه إليه لترضعه، حيث قال تعالى {وحرمنا عليه المراضع من قبل } إلى قوله تعالى{فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون} مما ساعد في ترسيخ هويته العبرانية وأواصره مع بني إسرائيل. كان لموسى قلب محب للحق والعدل، وكان يشعر بمعاناة قومه رغم حياته المرفهة في القصر.
**الشعور بالمسؤولية تجاه بني إسرائيل**
كبر موسى عليه السلام وأصبح شابًا قويًا وشجاعًا. في أحد الأيام، رأى مصريًا يضرب إسرائيليًا بقسوة، فتدخل موسى وضرب المصري ضربة قاتلة. بعد هذا الحادث، شعر موسى بالخطر وقرر الهرب إلى مدين حيث بدأ مرحلة جديدة من حياته. {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين (14) ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيغته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيغته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطن إنه عدو من مضل مبين(15) } [ خروجه من مصر ]
عندما كبر موسى عليه السلام، بدأ يشعر بظلم المصريين لبني إسرائيل. في أحد الأيام، شهد موسى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً من بني إسرائيل بقسوة. دفعته غيرته على بني قومه إلى التدخل، فضرب المصري بقبضة يده فقتله دون قصد. بعد هذه الحادثة، أصبح موسى خائفاً من أن يُكتشف أمره ويُعاقب.
في اليوم التالي، وجد موسى نفس الرجل الإسرائيلي يتشاجر مع مصري آخر. عندما حاول التدخل مرة أخرى، قال له الرجل الإسرائيلي: "أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس؟" عندها أدرك موسى أن أمره قد افتُضح وأن حياته في خطر. هرب موسى من مصر متوجهاً نحو مدين، حيث قال: "فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (القصص: 21).
**رحلة نبي الله موسى إلى مدينة مدين**
سار موسى لمسافة طويلة حتى وصل إلى مدين، وهناك وجد مجموعة من الناس يسقون ماشيتهم من بئر، ووجد فتاتين تبتعدان عن الزحام بانتظار انتهاء الناس من السقي ليسقيا ماشيتهم. قام موسى بمساعدتهما وسقى لهما الماء ، وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23)ثم جلس تحت ظل شجرة وقال: "فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" (القصص: 24).
**لقاء نبي الله موسى بشعيب عليهما السلام والزواج بصافورا**
بعد أن عادت الفتاتان إلى والدهما الشيخ الكبير شعيب، أخبرتاه بما حدث. دعا شعيب موسى إلى بيته وشكره على مساعدته. بعد فترة من الزمن، عرض شعيب على موسى الزواج من إحدى ابنتيه مقابل أن يعمل لديه لمدة ثماني سنوات، وإذا أكمل عشر سنوات فذلك فضل منه. وافق موسى وتزوج من صفورة، وعاش في مدين لمدة عشر سنوات، حيث اكتسب الكثير من الحكمة والخبرة.
**العبر والدروس المستفادة من خروج موسى من مصر**
1. **.الشجاعة في مواجهة الظلم**: تبرز القصة شجاعة موسى واستعداده للدفاع عن المظلومين حتى لو كان ذلك يعرضه للخطر
2. **الثقة بالله والتوكل عليه**: تعلمنا القصة أهمية التوكل على الله في الظروف الصعبة، حيث كان موسى يدعو الله دائماً لينجيه ويوجهه.
3. **العمل والجدية**: تبرز القصة قيمة العمل الجاد وأهمية بناء حياة جديدة حتى في الظروف الصعبة، كما فعل موسى في مدين.
**الخاتمة**
خروج موسى عليه السلام من مصر كان نقطة تحول رئيسية في حياته، حيث بدأ بعدها رحلة جديدة مليئة بالتحديات والنجاحات. تعلمنا هذه القصة أن الله دائماً مع عباده المخلصين، يوجههم ويحميهم حتى في أحلك الظروف نشأة موسى عليه السلام في قصر فرعون كانت مرحلة حاسمة في حياته، حيث أعده الله لمهمة عظيمة. تعلمنا هذه القصة أن الله قادر على تحويل أي ظروف لصالح عباده، وأن الحق والعدالة يجب أن يكونا دائمًا في مقدمة اهتماماتنا.