لا يدخل الجنة قتات
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتاتٌ» ، وفي رواية: «لا يدخل الجنة نمَّامٌ» • عن همام بن الحارث قال: كنا جلوسًا مع حذيفة في المسجد، فجاء رجلٌ حتى جلس إلينا، فقيل لحذيفة: إن هذا يرفع إلى السلطان أشياء، فقال حذيفة - إرادة أن يسمعه -: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتاتٌ» ، وفي رواية: «لا يدخل الجنة نمَّامٌ» . أولًا: ترجمة راوي الحديث: هو حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي، أسلم هو وأبوه وأرادا شهود بدر، فصدهما المشركون، كما روى ذلك مسلم، وشهدا غزوة أحد، فقتَل المسلمون أباه؛ لأنهم لم يعرفوه، وذكر ابن إسحاق أن حذيفة تصدق بديَة أبيه على المسلمين.
روى حذيفة كثيرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "لقد حدثني رسول الله ما كان وما يكون إلى قيام الساعة"، وكان يسمى صاحب السر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسَرَّ إليه بأسماء المنافقين، الذين أرادوا المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في مرجعه من تبوك، شهد حذيفة غزوة الخندق وما بعدها، وفتوح العراق، واستعمله عمرُ على المدائن، فلم يزل بها حتى مات سنة ست وثلاثين بعد مقتل عثمان بأربعين ليلة؛ [انظر: الاستيعاب (2/ 318) والإصابة (2/ 39)].
في رواية مسلم الأخرى المقصود به الأمير، وفي رواية البخاري (يرفع الحديث إلى عثمان)؛ أي: عثمان بن عفان رضي الله عنه أمير المؤمنين. (قتاتٌ): القتات يقال: قت الحديث يقته، إذا زوَّره وهيأه وسواه، والقَتَّات بفتح القاف وتشديد التاء هو النمَّام، والنمام هو من ينقل كلام الناس بعضهم إلى بعض بقصد الإفساد، وبعضهم لا يخصصه بالكلام، بل لو نقل إشارة أو فعلاً على وجه الإنسان دخل في هذا المعنى.
لا تقبلن نميمة بلغتها وتحفَّظن من الذي أنباكها إن الذي أهدى إليك نميمة سينم عنك بمثلها قد حاكها الفائدة الثالثة: السبب في انتشار النميمة بين الناس عدة أمور، منها: أ. إرادة السوء بالمحكي عنه. ب. الحب للمحكي له (وهذا في ظاهر الأمر، وإلا فإن من يحب إنسانًا على الحقيقة فإنه لا ينقل له أمرًا سيئًا). ج. الفرح بالخوض في فضول الكلام، وقطع الأعمار والأوقات بما تستهويه النفس؛ [انظر: الزواجر لابن حجر (396)].