قصة ذو القرنين

قصة ذو القرنين

2 المراجعات

من القصص الجدلية اللي اتذكرت في القرآن قصة يأجوج ومأجوج، و(ذو القرنين).
القصة لغز كبير حير عقول كتير، ولكن ورد فيها نصوص صريحة في القرآن، وذكرها الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وإنتَ قاعد يوم جمعة بتقرأ في سورة الكهف، بتمر عليك آيات وراها قصص عظيمة ولها أثر على الأرض.

ذو القرنين!
مين؟

يأجوج ومأجوج!
مين؟

المخلوقات المرعبة اللي لحد وقتنا هذا مش معروف أشكالهم، لكن معروف صفاتهم، وقد إيه همَ مرعبين.

ممكن تكون عارف.
أو مش عارف.
بس أنا جاي النهاردا احكي لك واحدة من أمتع القصص اللي اتذكرت في القرآن.

جاهز؟!
يلا بينا.

فيه أزمنة كتير تاريخية كان فيها جيوش بتظهر على الأرض وبتكون مفسدة بشكل مفزع، وبتقدر ترهب كل اللي بيواجهها، زي المغول، أو جيوش الملك (بختنصر)، أو الملك (النمرود)، وغيرهم كتير، ولكن على رأس القائمة تربع (يأجوج ومأجوج) علشان ياخدوا المكانة الكبرى، إنهم أبشع مخلوقات على وجه الأرض، وأقواهم!

في يوم من الأيام صحي الرسول -صلى الله عليه وسلم- من النوم مفزوع ودخل على زوجته (زينب) بنت (جحش) وهو بيصرخ:
- لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من سد يأجوج ومأجوج مثل هذه.
وأبعد صباعين الإبهام والسبابة عن بعض.
فقالت له (زينب):
- يا رسول الله، أنهلك ونحن الصالحون؟!
قال لها:
- نعم إذا كثر الخبث.

علشان نعرف قصة (يأجوج ومأجوج) والملحمة اللي هتتم بسبب ظهورهم في آخر الزمان، لازم نرجع مع بعض للبداية، زمان جدًا من آلاف السنين لما كانوا عايشين على الأرض زينا، وعلشان نعرف كل الكلام دا لازم نعرف قصة الشخص اللي كان السبب في سلامنا منهم، ألا وهو (ذو القرنين).

اليهـ* ـود في يوم دخلوا على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وسألوه عن قصة (ذو القرنين)، ودا بسبب إنها مذكورة عندهم في الكتب اليهـ* ـودية، وقتها ربنا نزل آية موجودة في سورة الكهف وهي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)) سورة الكهف.

طيب مين هو (ذو القرنين)؟!
روايات كتير اتكلمت عن سبب اسمه، إلا إن أكترهم قال إن قومه سموه بالاسم دا إعجابًا بيه، وتحية لهمتة العالية وشهامته، ودا لأن (ذو القرنين) اتولد في أمة مستعبدة، احتلتها واعتدت عليها دول مجاورة ليها، ولما كبر وأدرك ضعف قومه واستعبادهم، حزن وفكر يثور لتحرير بلاده.
ويُقال إنه اتسمى بالاسم دا لأنه جاب الأرض كلها من المشرق والمغرب وكأنه أمسك قرنيها!

بدأ (ذو القرنين) في تنفيذ قراره وهو تحرير قومه من الاستعباد، وبدأ في دعوة قومه يساعدوه، ودعاهم للتوحيد والالتفاف حوله وتأييده، ولكنهم اعتادوا على قبول الظلم والذل، وطلبوا منه إنه ميتكلمش في الموضوع دا تاني علشان ميعرفش ملك أعدائهم فيجهز جيش قوي ويهاجمهم بيه.
(ذو القرنين) ميأسش، ودا لأن ربنا أعطاه قوة البدن والصحة، والحكمة والإيمان والرأي السديد.

وفي يوم (ذو القرنين) بيشوف رؤيا عجيبة في منامه فزاد التفاؤل في قلبه، في الحلم شاف نفسه وكأنه بيتسلق الشمس، أو كأنها قربت منه فمسكها من قرنيها بإيديه.
ولما فاق قال لأصحابه الحلم وهو منشرح الصدر وسعيد، وكان تفسير الرؤيا من أصحابه إنه هيقوى وهيكون له أتباع وجيش، وهيملك الدنيا كلها وهيمسك قرنيها -المشرق والمغرب-.
ويُقال إنهم لقبوه من يوم الرؤيا بـ(ذو القرنين).

مع الوقت زادت نفوذ (ذو القرنين) لحد ما بقى الحاكم، والتف الناس حوله وعاهدوه على السمع والطاعة ومحاربة العدو لحد ما يرجع لهم حقهم.
وقتها بلاد (ذو القرنين) كانت بتدفع أموال كل سنة للملك المجاور ضريبة فرضها عليهم، ولما جيه وقت دفع الأموال دخل رجال الملك علشان يجمعوها من الناس، فطردهم (ذو القرنين) وكتب للملك كلام وأرسله:
"هذه الضرائب لن تُدفع بعد اليوم، وإن القتال قادم إن شاء الله."

جهز (ذو القرنين) جيش ضخم واستعد للحرب، واتحرك بالجيش لبلاد الملك الظالم، ولما عرف أهل بلاد الملك بتحرك (ذو القرنين) ناحيتهم، ربنا ذرع في قلوبهم الرعب.

جريوا يستنجدوا بالملك وطلبوا منه يعمل صلح، فغضب منهم وجمع الجيش واستعد للقتال.
اتقابل الجيشين وقامت ملحمة مهولة، وربنا كان مع المؤمنين الصابرين، ونصرهم وهزموا أعدائهم، وسقط حاكم بلاد العدو قتيل في ميدان القتال، وبكدا خلص (ذو القرنين) بلده من حكم الظالم، واتولى العرش مكانه وبقى ملك على بلاده والبلاد المجاورة، فنشر العدل بين الناس.

من هنا يا عزيزي بيقرر (ذو القرنين) إنه يتحرك بجيشه القوي في الأرض كلها ويطهر شرقها وغربها بكلمة الله، وربنا أعطاه كل اللي يخليه قوي ومنتصر (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)) سورة الكهف.

اتحرك (ذو القرنين) بجيشه ناحية الغرب، فلقى ناس كافـ* ـرين مبيعبدوش ربنا، حاربهم وانتصر عليهم، وقدر يسيطر على كل شيء في الغرب، ونصحهم وأصلح شأن بلدهم وعمرها، وبنى فيها أماكن للعبادة وقدر يجعل منهم قوم مؤمنين بيعبدوا الله.

بعد كدا اتحرك (ذو القرنين) ناحية الشرق بعد ما اطمن على حال الغرب، كان معاه جيش ورجال من المهندسين والأطباء، وفضل يدعو كل قوم يلاقيهم في طريقه لعبادة الله، لو آمنوا كرمهم وجعلهم أعزة، ولو كفـ* ـروا عذبهم (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) سورة الكهف.

وصل لمكان مطلع الشمس، لقى ناس هناك وشاف إنهم (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90)) سورة الكهف.
وفي اللفظ كناية عن إن حياة الناس دي كانت بدائية جدًا، ومبيمتلكوش إلا ملابس قليلة اللي مش مكفية لتغطية جسمهم حتى من الشمس!

وصل (ذو القرنين) لأراضي نهايتها المحيط، وبعدين رجع يمشي بجيشه بين سهول الصين الواسعة، فلقى فيها أودية خصبة وهضاب وعرة صعب السير فيها، وفضل يمشي لحد ما وصل لفتحة واسعة عريضة بين جبلين عاليين، ولقى ورا الجبلين أمة وقبيلة صالحة من الناس، لها دين وإيمان وبيعبدوا الله، ولكنهم معزولين عن العالم، وكانت الفتحة اللي بين الجبلين هي سبب تعبهم ومشقتهم، وخوفهم على أولادهم وأنفسهم، لأن من الفتحة دي بيخرج قبيلتين مرعبين، كانوا بياكلوا كل حاجة وبيعتدوا على الناس دي، وبيهلكوا زرعهم وثمارهم، وبيقتـ* ـلوا النساء والرجال والأطفال بوحشية بدون رحمة ولا دين، اسمهم قوم (يأجوج ومأجوج).

ولما شافت القبيلة المؤمنة جيش (ذو القرنين)، وسمعت عن عدله وصلاحه، فرحوا لأنهم كانوا في عذاب من (يأجوج ومأجوج).

اتحرك وفد من شيوخ القبيلة لـ(ذو القرنين)، وبيعلنوا عنده إيمانهم بالله واستغاثوا (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)) سورة الكهف.

ونبهوا (ذو القرنين) عن كارثة هتحصل لو ماتصرفش فيها هيفنى العالم بسببها، لأنهم قالوا له إن (يأجوج ومأجوج) عندهم أولاد كتير جدًا وبيتكاثروا بسرعة مهولة، وإنهم هيملوا الأرض بولادهم عن قريب، وهينشروا الفساد والكفر بين الناس، فطلبوا منه إنه يقيم سد منيع بين الجبلين، يسد بيه الفتحة اللي بيخرج منها (يأجوج ومأجوج)، وعرضوا عليه إنهم يدوه أجر كبير، فقال لهم إنه مش محتاج المال بل هو بينشر الإيمان وعبادة الله الواحد الأحد، وإنه طالب منهم بس يساعدوا على بناء السد.

أمر (ذو القرنين) الناس إنهم يجمعوا الحديد (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) سورة الكهف.
وأمر المهندسين يقيسوا المسافة بين الجبلين وارتفاعها، وأمر العمال يحفروا أساس في الأرض، وبعدين حط قطع من الحديد بين الجبلين (حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) سورة الكهف.
وحط بين كل طبقة حديد والتانية كمية من الفحم، وفضل يحط طبقات حديد عريضة وطبقات فحم فوق بعض لحد ما سد بين الجبلين، وفضل العمال ينفخوا في الفحم لحد ما اتحولت قطع الحديد لنار سايلة (قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا) سورة الكهف.
وهنا كان هدف (ذو القرنين) إنه يربط قطع الحديد ببعض علشان يصنع منها سد بقطعة واحدة.
وبعدها صب النحاس المنصهر على الحديد علشان يسد الشقوق (قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)) سورة الكهف.
واتحول السد لسد ضخم عالي جدًا صعب على (يأجوح ومأجوج) يتجاوزوه (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)) سورة الكهف.

وبعد ما خلص (ذو القرنين) بناء السد العظيم، نظر له بكل تواضع رغم إن عمله عظيم، ولكنه متكبرش لحظة، دقق فيه وحمد ربنا وشكره (قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي) سورة الكهف.
وقدر ينقذ الأمة الصالحة، وعاشت في أمان كامل وتفرغت للعبادة وعمل الخير، فكان (ذو القرنين) ليهم رحمة من الله للمؤمنين.

وبعد الاطمئنان والهدوء، وقف (ذو القرنين) فجأة قدامهم وقال:
- لا تظنوا أن هذا السد سيكون خالدًا وأبديًا (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) سورة الكهف. (وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)) سورة الكهف.
أشار (ذي القرنين) في كلامه لقضية فناء الدنيا وتحطيم هيكل نظام الوجود فيما عند البعث، وإن (يأجوج ومأجوج) هيخرجوا في يوم من الأيام مرة تانية ويبيدوا كل شيء على وجه الأرض.

بس يا عزيزي، القصة بتقف هنا.
بس مبتخلصش.

إيه اللي ممكن يحصل لو خرج (يأجوج ومأجوج) تاني من بين الجبلين؟!

خروج (يأجوج ومأجوج) من علامات الساعة الكبرى، في صحيح مسلم في الحديث عن النواس بن سمعان، فيما معناه:
لما يأذن ربنا بخروج (يأجوج ومأجوج) هيضربوا في السد ويتسببوا في انهيار قطعة منه، وبعدين هيقول قائدهم:
- "سنكمل غدًا إن شاء الله".
فيأذن ربنا بخروجهم لقول قائدهم "إن شاء الله".
هما كدا كدا يوميًا بيضربوا في السد من يوم ما فاقوا من نومهم ولقوه مبني فوقيهم، ولكن قائدهم مابيقولش "إن شاء الله"، بيقول إنهم هيكملوا بكرة، ويرجعوا يضربوا تاني.
يعني حياة البشرية كلها متوقفة على كلمة واحدة يقولها قائدهم، اللي ممكن يقولها في أي لحظة.

هيخرجوا زي ما موجود في الحديث من كل حدب وصوب، وهيفسدوا في الأرض، هيشربوا الماء كله، حتى إن أولهم هيشربوا بحيرة طبرية كلها، وبعد كدا هيكملوا زحفهم وهمَ بياكلوا كل اللي هيقابلهم من دوآب وأشجار، ومش هيسيبوا أخضر ولا يابس إلا وقضوا عليه، وهيقتـ* ـلوا كل البشر اللي هيقابلوهم.

رعب.
فزع.
خوف.
دي بس المشاعر اللي هتحس بيها الناس.
هيتخفوا منهم، كل بشري هيدور على مكان وبتخفى.
ويُقال إن في الوقت دا سيدنا (عيسى) -,عليه السلام- والمهدي هيقودوا المؤمنين إنهم يستخبوا في جبل الطور.

لما الناس هتختفي، (يأجوج ومأجوج) هيزيدوا فجور وكفـ* ـر وهيقولوا:
- قتـ* ـلنا أهل الأرض، فلنقتـ* ـل أهل السماء.
وهيصوب واحد منهم رمحه ناحية السما ويضربها، فهيرجعه ربنا -سبحانه وتعالى- ليهم مليان دم فتنة ليهم، هيزداد غرورهم وهيقولوا:
- قتـ* ـلنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء.

هنا ربنا هيأذن بالقضاء عليهم، فهيرسل (النغف).
والنغف دا دود هيخرج من أنوفهم وخلف رؤوسهم فهيقتلهم كلهم، فتكون نهايتهم بسبب أضعف الكائنات، وهتتملي الأرض بعفنهم ونتنهم ولحومهم.
فهيرسل ربنا عليهم طير ياكل لحومهم، وبعد كدا هينزل مطر يغسل الأرض وترجع أفضل مما كانت.

هيعيش الناس بعد (يأجوج ومأجوج) أفضل حياة على وجه الأرض.
الرسول -صلى الله عليه وسلم- اتمنى إنه يعيش في الوقت دا، حتى إنه قال:
(طوبي لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر ويؤذن للأرض في النبات حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره ويطأ على الحية فلا تضره ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض).

أما نسل (يأجوج ومأجوج) فهمَ من (يافث) ابن سيدنا (نوح)، جد الأتراك والسلاجقة والروم الأولى والمغول والباكستانيين.

وآخرًا كلها اجتهادات من العلماء في تفسير كتاب الله، والله أعلى وأعلم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

11

متابعهم

41

مقالات مشابة