"عطاء بن أبي رباح: قصة عبد أصبح مفتي للحرم وعالما جليلا "
بــــــسم الله الرحمن الرحيم
اذا كنت تريد ان تعرف لو كان الشخص الذي امامك جيدا او سيئا فانظر فيما يفعل ، وكذلك الاديان يجب ان تنظر على ماذا ينص هذا الدين حتى تعرف اذا كنت على طريق الحق ، فالمسيحيين كانوا يستعبدون بشرا مثلهم ، و اليهود يعتبرون ان من ليس يهوديا فهو من الحيوانات ولا يمكن ان تعتنق اليهودية بل هي بالوراثة ، اما الاسلام جاء فكان نورا للعالمين واظهارا للحق ولم يصنف الناس ، بل من كان احسن لله كان احسن الناس .
و خير مثال على هذا العالم الجليل عطاء بن ابي رباح ، ولد عبدا فاتخذ مسلكا لله فكرمه الله بان كان احسن الناس واعلمهم .
عطاء بن أبي رباح: العالم الجليل والفقيه المتواضع
نسبه ونشأته :
ولد عطاء بن أبي رباح في عام 27 هـ (حوالي 647 م) وقت خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولد في جند باليمن وكان ابوه نوبيا ، ونقل بعدها لمكة ، ونشأ في ظل بيئة علمية ودينية مكثفة. كان مولى لسيدة من قريش اعتقته بعدما باع حياته لله ، وكان اعرجا و يده مقطوعة ولكن هذا لم يمنعه من السعي إلى العلم والدخول في حلقة العلماء الكبار في زمانه حتى اصبح من كبار المحدثين .
حدث عن ، عائشة ، وأم سلمة ، وأم هانئ ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وحكيم بن حزام ، ورافع بن خديج ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن خالد الجهني ، وصفوان بن أمية ، وابن الزبير ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عمر ، وجابر ، ومعاوية ، وأبي سعيد ، وعدة من الصحابة . وأرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أبي بكر ، وعتاب بن أسيد ، وعثمان بن عفان ، والفضل بن عباس ، وطائفة .
علمه وتخصصه :
برز عطاء في الفقه والتفسير والحديث، حتى أصبح من العلماء الموثوقين والمعتمدين في زمانه. وقد اعتمد عليه كبار العلماء وطلبة العلم في أخذ الفتاوى والتوجيهات الدينية. وروي عن ابن عباس انه كان يسال في شيء ، فقال : يا اهل مكة ! تجتمعون علي وعندكم عطاء .
وقال ابن جريج : كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة ، وكان من احسن الناس صلاة .
واصبح مفتي الحرم وورثها عن بن عباس ، حيث كان يُرجع إليه في مسائل الحج والعبادات المختلفة.
مواقفه مع الأمراء والخلفاء :
عُرف عطاء بن أبي رباح بمواقفه القوية والشجاعة أمام الخلفاء والأمراء. كان من العلماء الذين لا يخشون في الله لومة لائم، وكان يصدع بالحق دون أن يتأثر بالضغوط السياسية. ومن أبرز مواقفه كانت مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي كان يقدّر عطاء كثيرًا. عندما ذهب عبد الملك لأداء الحج، طلب من عطاء أن يكون مستشاره في المسائل الشرعية. ولكن، رغم المكانة الكبيرة التي كان يحظى بها عطاء عند الخلفاء، فإنه لم يكن يتأثر بأموالهم أو عطاياهم.
يروى أن الخليفة عبد الملك بن مروان قال مرة لعطاء: "أنت اليوم سيد الناس". فرد عليه عطاء بتواضع قائلاً: "إنما السيد هو من اتقى الله". وكان عبد الملك يأخذ برأي عطاء في العديد من المسائل الشرعية حتى أنه أمر أولاده بالجلوس إليه والتعلم منه. ومع ذلك، لم يكن عطاء يتأثر بهذه العلاقة، وكان يظل على تواضعه وورعه.
تواضعه وزهده :
من أبرز صفات عطاء بن أبي رباح تواضعه الشديد وزهده في الدنيا. كان دائمًا يسعى إلى العيش ببساطة بعيدًا عن مظاهر الحياة الدنيا، رغم أنه كان بإمكانه الاستفادة من المكانة التي وصل إليها عند الأمراء والخلفاء. كان يرفض الهدايا والعطايا من الخلفاء، مفضلاً العيش على الكفاف والبساطة.
ذكر عنه أنه كان يلبس لباسًا متواضعًا ويعيش في منزل صغير بمكة، ورغم ذلك كان محط احترام وتقدير من جميع الناس، بما فيهم الخلفاء والأمراء. كانت علاقته بالخلفاء علاقة علمية ودينية بحتة، ولم يكن يسعى إلى أي مصلحة دنيوية من وراء هذه العلاقة.
وفاته وإرثه :
توفي عطاء بن أبي رباح في عام 114 هـ (732 م) عن عمر يناهز 87 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا كبيرًا، حيث كان له تأثير واضح في الفقه الإسلامي، وخاصة في مسائل الحج والعبادات. كما أن العديد من العلماء الذين جاءوا بعده استفادوا من علمه ومواقفه.
يعتبر عطاء بن أبي رباح رمزًا للعلماء الذين جمعوا بين العلم والعمل، وكان مثالاً في التواضع والورع، رغم المكانة الكبيرة التي وصل إليها. كان نموذجًا للعالم المسلم الذي يسعى إلى مرضاة الله ولا يخشى في سبيل الحق أحدًا.
خـــــــــاتمة
ان في حياة عطاء لدروس وعبر حيث نتيقن انه ليس هناك احدا يرتفع قدره الا بعبادة الله اولا وطلب العلم ثانيا ، وكان والله عطاء خير مثال على هذا ، من عبد الى مفتي الحرم .
هذا ما يوجب علينا ان نحمد الله على نعمة الاسلام ، و الحمد له على ولادتنا مسلمين .