
إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه
قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه من أشد الناس قسوة على المسلمين. كان طويلًا قوي البنية، لا يجرؤ أحد على مواجهته، وكان يرى أن الإسلام خطر على وحدة قريش ومكانتها. وكان يزداد غضبه كلما رأى المسلمين يزدادون عددًا يومًا بعد يوم.
وذات يوم، قرر عمر أن يضع حدًا لهذه الدعوة. حمل سيفه، وانطلق في شوارع مكة متجهًا نحو دار الأرقم حيث يجتمع النبي ﷺ بأصحابه، عازمًا على قتل محمد ﷺ. وبينما هو في الطريق، اعترضه أحد رجال قريش وقال له: "إلى أين يا عمر؟" فأجاب عمر في حدة: "أبحث عن محمدًا لأقتله." فقال الرجل بدهاء: “عجبًا لك! ألا تدري أن أختك فاطمة وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما؟”
اشتعل قلب عمر غضبًا، وغيّر وجهته نحو بيت أخته. وعندما وصل، سمع من بعيد صوتًا عذبًا يتلو آيات من القرآن الكريم. فاقتحم البيت بعنف، فإذا بخباب بن الأرت يعلّمهم شيئًا من سورة "طه". ما إن شعروا بدخوله حتى أخفوا الصحيفة. صاح عمر: "ما هذا الذي أسمع؟!" فأنكرت أخته، فضربها ضربًا شديدًا حتى سال الدم من وجهها، لكنها قالت بثبات: “افعل ما شئت يا عمر، لن نترك دين محمد.”
تأثر عمر من صمودها، وشعر بندم داخلي حين رأى دمها يسيل. فقال لها: "هاتوا الصحيفة لأقرأ ما فيها." فقالت: "إنك نجس على شركك، ولا يمس القرآن إلا طاهر، فقم فاغتسل." فاغتسل عمر، ثم أخذ الصحيفة، وبدأ يقرأ:
“طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرةً لمن يخشى * تنزيلًا ممن خلق الأرض والسماوات العلى...”
توقف عمر عند الكلمات، وكأن قلبه يُفتح لأول مرة. شعر أن هذا الكلام ليس من البشر، بل وحي من رب العالمين. فقال بتأثر: "ما أحسن هذا الكلام! ما أعظمه وما أبلغه!" عندها خرج خباب من مخبئه وقال: “يا عمر، إني لأرجو أن يكون الله قد استجاب دعوة نبيه ﷺ، فقد سمعت رسول الله يقول: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام.”
اهتز عمر لهذه الكلمات وقال: "دلوني على محمد." فانطلق خباب به إلى دار الأرقم. هناك كان الصحابة مجتمعين مع النبي ﷺ، وحين طرق الباب، ارتابوا. فقال حمزة: “دعوه يدخل، فإن يرد خيرًا نأخذ به، وإن يرد شرًا قتلناه بسيفه.”
دخل عمر، وعيناه تقدحان نارًا، وسيفه بيده. أمسكه بعض الصحابة، لكن النبي ﷺ تقدم نحوه بشجاعة وقال: "أما آن لك يا ابن الخطاب أن تسلم لله؟" فسكت عمر لحظة، ثم قال من قلبه: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.”
فكبّر المسلمون تكبيرة عظيمة سمعتها أرجاء مكة. ومنذ ذلك اليوم تغيّر كل شيء. صار عمر من أعظم المدافعين عن الإسلام، وخرج بالمسلمين ليصلوا عند الكعبة علنًا، في مشهد لم يجرؤوا عليه من قبل.
كان إسلام عمر فتحًا ونصرًا عظيمًا، إذ أعز الله به الإسلام، وصار الفاروق الذي يفرق الله به بين الحق والباطل. وتحولت شدته وقوته إلى سيف مسلط في نصرة الدين، فكان مثالًا للعزة والثبات، وواحدًا من أعظم قادة الأمة في تاريخها.
قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه تروي تحوّل رجلٍ شديد العداء للإسلام إلى واحد من أعظم رجاله وقادته. خرج عمر في البداية عازمًا على قتل النبي ﷺ، لكنه فوجئ بأن أخته وزوجها قد أسلما. وبعد أن قرأ آيات من سورة "طه"، لان قلبه وأيقن أن هذا الكلام من عند الله. فذهب إلى النبي ﷺ وأعلن إسلامه، ليكون إسلامه نقطة تحول كبرى في تاريخ الدعوة، إذ أعز الله به المسلمين، وصار الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل.