
صدقة الماء.. شريان حياة وصدقة جارية باقية
صدقة الماء.. شريان حياة وصدقة جارية باقية
المقدمة
الماء هو سر الحياة، وبدونه لا تستقيم حياة إنسان أو حيوان أو نبات. وقد عظَّم الإسلام من شأنه، فجعل سقيا الماء من أعظم القربات، بل عدّها بعض العلماء أفضل الصدقات الجارية، لقول النبي ﷺ: *"أفضل الصدقة سقي الماء"*.
اولا : الماء في ميزان الشريعة
جعل الله الماء نعمة عظيمة، قال تعالى: *"وجعلنا من الماء كل شيء حي"*. لذلك، فإن بذله للناس عمل محمود يدخل في باب الصدقات الجارية. وقد ثبت في الأحاديث أن رجلاً سقى كلبًا فغفر الله له، فما بالك بمن يسقي بشرًا ويخفف عنهم مشقة العطش والمعاناة! فالماء ليس رفاهية، بل ضرورة يومية، ولهذا أُدرجت مشاريع حفر الآبار، وتوصيل خطوط المياه، وبناء محطات التحلية، ضمن أفضل أبواب الخير التي يتقرب بها المسلم إلى ربه.
ثانيا : البعد الإنساني لصدقة الماء
لا يمكن تصور حياة بلا ماء. ملايين البشر حول العالم يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضع لترات من المياه غير النقية. وفي مصر وبعض الدول العربية، ما زالت قرى تعاني من نقص مياه الشرب، الأمر الذي يهدد الصحة العامة ويزيد من معاناة النساء والأطفال في جلب الماء من مسافات بعيدة. هنا تأتي **صدقة الماء** لتغير المشهد، فتحول المعاناة إلى راحة، والعطش إلى ريّ، والمرض إلى صحة. إنها صدقة تُعيد للإنسان كرامته قبل أن تروي جسده.
ثالثا :البعد الاجتماعي والتنمية المجتمعية
حين تتوفر المياه في قرية أو منطقة نائية، ينعكس الأثر بشكل مباشر على المجتمع بأكمله. فالمدارس تصبح بيئة صحية للتعليم، والمزارع تنتج غذاءً أوفر، وتخفّ أعباء الأسر اليومية. بذلك تتحول صدقة الماء من مجرد عمل خيري إلى **مشروع تنموي** يعزز الاستقرار الاجتماعي، ويحدّ من الهجرة الداخلية، ويقوي روح التعاون بين الناس. وهنا يظهر جمال الصدقة الجارية: فهي لا تفيد فردًا واحدًا فحسب، بل تمتد ثمارها إلى أجيال متتابعة.
رابعا :صور عملية لصدقة الماء
1- حفر الآبار في القرى المحرومة**: وهي من أوسع الأبواب التي يسلكها المتصدقون، إذ يستفيد منها مئات الأشخاص يوميًا.
2- مدّ خطوط المياه للمنازل**: كما حدث في بعض قرى صعيد مصر مؤخرًا، حين تكفل محبو فنانة مشهورة بمد خط مياه لقرية بأكملها صدقةً جارية عنها.
3- تزويد المساجد والمستشفيات والمدارس بخزانات مياه**: حيث يختلط الأجر بتخفيف معاناة الفئات الأكثر حاجة.
الخـــــــاتــــــمــــــة
صدقة الماء ليست مجرد مشروع خيري محدود الأثر، بل هي **رسالة حياة** تعكس القيم الإسلامية والإنسانية في أبهى صورها. فهي تُشبع الجسد والروح معًا، وتبني مجتمعات أكثر قوة وتماسكًا، وتفتح أبواب الثواب المستمر للمتصدقين. ومن هنا، فإن كل قطرة ماء تصل إلى عطشان، هي في الحقيقة قطرة نور تُسقى بها روح صاحبها في الدنيا والآخرة. فليكن لنا جميعًا نصيب من هذا الفضل، فمن اعظم القربات الى الله سقيا الماء