غزوة مؤتة غزوة الشهداء أول معركة بين المسلمين والروم من الفتوحات الإسلامية
لقد عرف المسجد القدس بانه المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ، ولهذا كله ارتبط بيت المقدس بالاسلام منذ الأيام الاولى ، وكان اول مكان هفت له أفئدة المسلمين ، وتطلعت إليه الأبصار خارج الجزيره العربية ، حتى ان غزوتين من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم ، صارت نحو بيت المقدس ، كانت غزوه مؤته ثم غزوه تبوك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، اتجه الى بيت المقدس ، إن مؤته تقع الآن داخل المملكه الأردنيه وقد صارت مدينه كبيره ، وقامت فيها جامعه من الاساتذه والطلاب اسمها جامعه مؤته ، وقد احسنت حكومه الاردن باطلاق اسم الغزوه الاسلاميه على جامعه من الاساتذه والطلاب ، فتتذكر الاجيال وتندبر مغزى هذا التحرك الاسلامي ، صوب القدس ، تقع تبوك في اقصى الجزيره العربيه الى الشمال على مشارف الشام و ، هي تواجه قريه نويبع المصريه التي تقع قريبا جدا من الحدود بين مصر وفلسطين .
ان هاتين الخطوتين لم تكون في مواجهه قبيله من قبائل العرب ، بل في مواجهه الرومان وهم امبراطوريه جبارة ، لهم جيش جرار ، فلم يقف المسلمون ، بل صاروا شمال لمواجهه الرومان ، وكان الرومان يحكمون الشام في ذلك العهد ، و اطلق عليهم فيما بعد اسماء فلسطين والاردن وسوريا ولبنان ، عندما نرى ان المسلمون في غزوه مؤته ، وهي في الجزء الملاصق للجزيره العربيه ، من ارض الشام إلى فلسطين ، وفيها بيت المقدس ، كانت قريه مؤته التي سميت الغزوه باسمها تقع اقصى الشمال على الطريق الممتد من الجزيره الى فلسطين. يحيط بها الاعداء الاشداء من كل جانب .
لقد صار المسلمون يقصدون إلى قتال الروم الذين كانوا يومئذ اقوى قوه في الأرض ، فان كتاب السيره والتاريخ قديما وحديثا يقولون ان تلك الغزوه ، كانت انتقاما من قيصر الروم هرقل لان احد اولاد اولاده ، قتل رجلا جاء اليهم وفد من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن هل يعقل ان يشن المسلمون ويدخلوا في حرب مع امبراطوريه الروم ، لان واحد منهم قتل ، بينما حدث في الوقت نفسه انه بعث الرسول ب 50 رجلا الى قبيله بني سليم ، يدعونا الى الاسلام فقتلت القبيله الرجال الخمسين جميعا ، لم ينجوا إلا رجل واحد مع ذلك لم يرفع المسلمون سلاحا في وجه القبيلة ، ولم يشنون حربا على اعداء الله انتقاما للخمسون مسلم ، والمفترض ان المسلمون يعرفون ان ليس في انفسهم القدره ، على ان يحاربو امبراطوريه كبيره قويه ، وكان من الممكن ان يحاربوا الفرس بدلا من ان يحاربوا الروم ، فعندما بعث الرسول عليه الصلاه والسلام ، برسائله الى الملوك والحكام يدعوهم الى الاسلام ، تلقي قيصر الروم الرساله و قراها و استمع اليها في ادب واحترام ورد عليه رد رقيق مهذب ، وحمل من جاء في الرساله بعض الهدايا .
اما امبراطور فارس فقد استشاط غضبا و مزق الرساله ، وارسل الى أحد الرجل في الحجاز وطلب برأس سيدنا محمد ، فلو كان المسلمين يومئذ ان يحاربوا خارج الجزيره العربيه ، وان يحاربوا من أجل الاساءه او اتقاء لشر ضدهم او غزوه خارجيه ، يتوقعون ان يقتحم بلادهم فقد كان طبيعي ان تكون حملتهم موجهه الى الفرس ، لا الى الروم ، فلم يكن الفرس اقوى واشد باس من الروم ، كان الامر على النقيض من هذا ، فبعد ان انتهت الحروب بين الفرس والروم انتهت بهزيمه الفرس وغلبه الروم ، كما جاء بالقران الكريم من قبل ، ” غلبت الروم في ادنى الارض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون ” ، وكان المسلمون يتعاطفون مع الروم في حروبهم مع الفرس ، وقد تـثأروا وعندما انتصر الفرس ، ومن الروم بالهزيمه اول الامر ، فبشر القران الكريم ، بان الروم سيكسبون الحرب اخر الامر ، و من اسباب هذا التعاطف مع الرومان ، هم كانوا قد اعتنقوا المسيحيه .
و ساروا من اهل الكتاب ، ام الفرس كانوا من الكفار ، والمجوس وكان عدائهم الى المسلمين والعرب عامه ، اشد واعمق من عداء الروم ، فلماذا يبدا المسلمون اول معركه لهم خارج بلادهم بمحاربه الروم المنتصرين ، وكان ايسر عليهم ان يحارب الفرس المهزومين ، لابد ان سببا قويا وعظيم وهدفا كبير ا ، ما جعل المسلمين علي ان تكون اول حرب يقودونها خارج الجزيره العربيه هي حربهم مع الروم ، وان يكون اول قطر يسيرون اليه عبر الصحارى ، هو أرض فلسطين التي كانت تحكمها الروم ، ولا سبب اقوى ولا اعظم ولا هدف اكبر واهم من القدس الشريف ، لما له من مكانة العزيزه عند الرسول عليه الصلاه والسلام والمسلمين ، واعد الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثه الاف رجل ، وصغر حجم هذه الكتيبه الصغيره ، يدل على ان المسلمين لم يقصدوا الى مواجهه اشتباك معهم في معركه حربيه لا تعادل فيها ولا تقارب بين القوتين في العتاد والسلاح فلم تكن غزوات الرسول ، ومغامراته عسكريه بلا ظابط ولا حساب ، ولم يحارب المسلمون في ذلك العهد حربا واحده ، خارج الجزيرة العربية ، فلقد كانت فئاتهم الصغيره ، تغلب الفئات الكبيره باذن الله ، فان ما كان هذا بعد وضع الخطه محكمه واعداد طويل ، وبعد ان يوجة المسلمون الى الدفاع عن انفسهم .
ولقد عين الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الكتيبه والغزورة ثلاثه افراد ، زيد بن حارثه قائد للحمله ، فإن أصيب زايد ، خلفه جعفر بن ابي طالب ، فان أصيب يخلفه عبد الله بن رواحه ، وصار الرسول الكريم مع الجيش حتى نهاية المدينه واوصاهم وصيه ، حتى يومنا هذا ارقى من نصوص القانون الدولي ، اوصي الرسول صلى الله عليه وسلم ، رجاله وقال لهم لا لايقتلوا النساء والاطفال ولا الصبيان ولا الضعاف ولا المكفوفين ، وان لا يهدموا المنازل وان لا يقطعوا الاشجار ، و ان يترك المنقطعين الى العبادة الى ما هم فيه ، ودع الرسول صلى الله عليه وسلم ، المودعون من وراء هذا الجيش الصغير ودعى لهم ، صار الجيش حتى بلغ مشارف فلسطين ، وهناك سمعوا ان هرقل ملك الروم ، حشد جيش من مئه الف مقاتل وقيل انه من مائتي الف مقاتل .
وسمع ان قيصر الروم هرقل يقود الجيش بنفسه ، وقيل ان اخاه تيودور هو الذي يقود الجيش ، وكان نصف الجيش من الجنود الرومان ، والنصف الاخر من قبائل العرب في تلك المنطقه ، ومن اليونان الذين كانوا يحترفون في تلك الايام مهنه الجنود المرتزقه في الجيش الروماني ، ومن قبل هذا في الجيش المصري ، بلغ المسلمون امر هذا الجيش الجرار ، فماذا يصنع ولم يكن عدد كتيبهم إلا من ثلاثه الف ، قال قائل منهم نرسل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونخبره بعدد الجيش الذي حدده الرومان ، ونطلب منه مددا كبيرا من الرجال ، او يامرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بامر فنفضي اليه ، و كادوا يتفقون على هذا الراي ، إلا أن صاح عبد الله بن رواحة فيهم بكلماته مثيره ، قائلا يا قوم والله ان الذى تكرهون للتي خرجتم له تطلبون الشهاده ، نعم فلقد خرج المسلمون اليوم ويطلبون الاستشهاد في سبيل الله ، فهل يخافون وينقصون عهدهم لرسول الله ، عندما جاء ساعه الاستشهاد كان الاستشهاد في سبيل الله ، ودفاعا عن دين الله احد الهدفين امام المسلمين في غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم ، و في حروبهم في صدر الاسلام وكان هدفهم يتعادل ، ويكون عندهم وعند اهلهم اعز واقرب من هدف الغلبه والانتصار .
ثم قال ابن رواحه ما نقاتل الناس بالقوة ولا بدم ، وما نقاتلهم الا بهذا الدين الذي اكرمنا الله به فانما هي احدى الحسنيين ، اما نصر واما شهاده وانطلق حتى وصلوا قريه مؤته ، ودار القتال بين ثلاثه الاف من المسلمين ، وبين مئه الف او اكثر من الروم ، وكانت حرب المسلمون لينتصروا على الاعداء وطلب للشهاده ، وكان زيد بن حارثه ، قائد الجيش يحمل الرايه التي سلمها له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويندفع وسط الرماح بصدره ، وسرعان ما تم فقده واستشهد في سبيل الله ، بعد ذلك اخذ الراية جعفر بن ابي طالب ، وهو شاب في الثالث والثلاثين ، وكان وسيما وبليغ بقدر ما كان باسل ، وهو الذي قاد المهاجرين المسلمين الى الحبشه ، ووقف امام النجاشي يشرح له مبادئ الاسلام ويطلعه عليها ويقرا سوره مريم من القران الكريم ، فسالت دموع النجاشي .
فقطعته سيوف الأعداء قطعت يمينه الى التي يحمل بها الراية حملها بشمالة فقطعته ، و قطع جسمه الى نصفين ومات ، واخذ عبد الله بن رواحة الراية و تقدم وقاتل حتى قتل واستشهد الثلاثه الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأختار الجيش خالد بن الوليد يقودهم في تلك الساعه العصيبه ، فكانت هذه هي اول معركه ، يظهر فيها مواهب العسكريه التي جعلت منه في المعارك الكبرى ، فيما بعد واحدا من اعظم قبل التاريخ في المناورات العسكريه ، وفي تحرك الجيوش واستطاع القائد الشاب ان يكون بحركة ماهرة وان يحدث ضيق في معسكر المسلمين فتوهم الرومان ، ان بدات أمدادات كبيره قد وصلت الى المسلمين ، فراحوا يوزعون الجنود وترتيبهم ، ويوزعون توزيع جديد ، بينما هم منشغلون أمر خالد بن الوليد ان ينسحب الجيش المتبقي ، ويتجه الى المدينه قبل ان يصل الجيش الى المدينه .قبل ان تصل انباء معركه المدينه ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه انس بن مالك واخرجه البخاري يدعي الى الناس من استشهد من المسلمين ، وعيونه تذرف الدمع وهو ينعي من استشهد ويذكرهم ، ويقول ثم اخذها سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ، من غير امر فتح الله تعالى ، تقدم خالد الى القياده الصدار مع انه لم يكن معين لها ، وفتح الله له لقبه الرسول الله صلى الله عليه وسلم باللقب ، الذي اطلق عليه لقب عظيم هو سيف الله ، وعاد الجيش الى المدينه واستقبلهم الناس وعاملوهم معاملة سيئة ، سيئه بل كانوا يحيطون التراب على العائدين ويصحون فررتم من اعداء الله ، واخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يهدئ من غضب الناس ويقول ليس بالفرار ولكنهم الكرار باذن الله ، لقد تنبا الرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد في هذا الطريق ، وان المسلمون سوف يقدرون مره اخرى ويعودون الى هذا الهدف البعيد ، وقد كرروا الغزوة مره ثانيه حتى فتح الله لهم دخلوا القدس الشريف .