قصّة تقشعر لها القلوب قبل الأبدان . من فرّج عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
إنها قصة حقيقية من عجائب القدر وتدبير الله لعباده تقشعرُّ لها القلوب قبل الأبدان :
هذه القصة حدثت فعلاً مع أحد الدعاة
يقول هذا الداعية :
كان عندي في أحد الأيام سفر إلى إحدى الدول من مطار القاهرة وكانت إقامتي في خارج القاهرة وكان الإقلاع بعد الفجر مباشرة و خفت أن تفوتني الطائرة، فاتصلت بصديق لي كان يعمل إماما بأحد المساجد القريبة من المطار
وقلت له : سوف أنام عندك في المسجد الليلة إلى الفجر، فاترك الباب مفتوحاً ؟
قال لي : خير يا شيخ ؟ داري مفتوحة لك أهلا ومرحبا فقلت له : خير لا تقلق يا أخي فقط عندي سفر بعد الفجر مباشرةً وأريد أن أنام قريبا من المطار خوفا من أن لا ألحق بالطائرة ليس أكثر . قال : تشرفنا يا شيخ، أهلاً وسهلاً بك .
المهم، وصلت الساعه الثانية ليلاً، فوجدت باب المسجد مفتوحاً والأنوار مضيئة، ورأيت رجلاً يصلي في المحراب وحده ويكلم الله بصوت مسموع، وهو ينادي ويقول : يارب لم أعد أتحمل، يا رب لم أعد قادر، يا رب تعبت، يا رب ليس لي سواك، يا رب أين أذهب، يا رب ماذا أفعل ؟ ويعيد ويكرر هذه الكلمات وهو يبكي
والله لقد كانت مناجاة عجيبة جداً وبكاء وإلحاح تقشعرُّ له القلوب والأبدان .
فقلت في نفسي : والله ما هذا ببكاء صاحب فاحشة ولا كبيرة، هذا رجل ألجأته الضرورة والحاجة
انتظرت قليلاً ثم اقتربت منه، فلما لمحني سكت فقلت له : يا حاج ماذا بك ؟ والله لقد قطّعت قلبي
وبعد إلحاح طويل قال لي : والله يا شيخ لا أعرف ماذا أقول ؟
زوجتي عندها عملية في الصباح وتكلفة العملية ( 15400 جنيه ) ولا أملك منها جنيه واحد
قلت له : والله يا حاج ما عندي ما أقدر أن أساعدك به، لكن سأقول لك بِشارة وهي :
أن ربنا أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا . وأنه ما وثق في الله أحد وخذله الله أبدا وتذكّر قوله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه
قال لي : ونِعم بالله، ثم أكمل صلاته ودعاؤه وتركته ونمت فلما جاء الفجر حضر المؤذن وأيقظني ثم أذّن لصلاة الفجر وطلب مني أن أصلي بهم قلت له : أشعر ببعض التعب والإرهاق وانا على سفر قال : بالله عليك، ولو بقِصار السور فصليت فعلاً، وبعد الصلاة جاء أحد الإخوة من الصف الثالث ، يلبس طقما فخما ومعطفا طويلا و يبدو عليه ملامح الغنى والثراء فتقدم الي وسلّم عليّ بحرارة وقال : كيف حالك يا مولانا ؟ أنا أتابع برنامجك ودروسك، وسبحان الله قد اشتريت هذه الشقة أمام المسجد من فترة قصيرة، ولعله نصيبي أن أراك وأسلم عليك .قلت له : أهلاً وسهلاً بك، وبارك الله لك وزادك من فضله وهممت بالمشي فإبتدرني قائلا : يا مولانا، أنا ربنا أكرمني كرماً لا حدود له، كان عندي مصنع بلاستيك وفتحت واحد ثاني، والحمد لله ربنا فتح عليّ وأفاض عليا من جوده وكرمه وكنت قد جمعت زكاة مالي وكانت تقريبا ( 15400 جنيه )
وقبل أن يكمل كلامه، قاطعته ببكائي واقشعر جسمي كله نفس الرقم أيها الأخوة والأخوات، والله الذي لا إلا هو، نفسه بالجنيه
الناس في المسجد استغربوا ولم يعرفوا ما الذي يحصل ؟
خاصةً أني بدأت أنظر في وجوههم وأنا أبحث بعيني على الرجل الذي قابلته أول الليل الرجل التاجر استغرب وهو يقول لي : ما بك يا شيخ ؟ قلت له : اصبر قليلاً . ثم وجدت الرجل فعلاً، فأشرت إليه أن يأتي إلينا ؟ فجاء وعينيه يبدو عليهما بكاء الليل الطويل
فأخذته هو والتاجر بعيداً عن الناس وقلت له : يا حاج أنت كنت تبكي وتدعو طوال الليل، ما السبب ؟
قال : يا مولانا أنا قلت لك زوجتي عندها عملية صباحاً ولا أملك المبلغ المطلوب
قلت له : العملية كم تكلفتها ؟ .. قال : ( 15400 جنيه ) .. فصرخ التاجر وهو يقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
وأخذه في حضنه وبكى بكاءً شديداً ثم قال لي التاجر وهو يبكي بكاءً شديداً : والله يا شيخ، زوجتي لها أسبوع وهي تقول لي : أخرج هذا المال وانزل إدفع حق ربنا ؟ كل يوم صباحاً ومساءً تقول لي هذه الكلمات ..
وأنا أقول لها : يا أم فلان، أنا لا أريد أن أخرجهم مئة مئة، ولا خمسمئة خمسمئة، أنا أريد أن أعطيها كلها لشخص واحد مضطر ومحتاج وفيه كُربة، فأفرِّج بها كربته هذه، فيفرِّج الله عني كربة يوم القيامة .
فجاء التاجر بالمبلغ كله وأعطاه للرجل، الذي ظل لآخر لحظة وهو غير مصدق لما حدث
الطريف أنه لما أخذ المبلغ، تركني وترك التاجر ووضع المال في حضنه، وسجد وسمعناه يقول
أنا بحبك يا رب، أنا بحبك يا رب، وبكى بكاءً طويلا يفتّت الصخر فقلت في نفسي : سبحان الله، اجتمع صدق اللجوء في الدعاء ،مع إخلاص الطلب لله عز وجل فكان ما كان .
وأعقب على ذلك فأقول لعل سفر هذا الداعية ونومه في المسجد ماكان إلا سبباً ساقه الله ليجمع هذا الرجل المكروب وذاك التاجر .
انتهت القصة، لكن عطايا ربِّ العالمين لا تنتهي
فمن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب * ومن يتوكل على الله فهو حسبه