أنس بن مالك رضي الله عنه ينقذ قاتل أخيه مرتين

أنس بن مالك رضي الله عنه ينقذ قاتل أخيه مرتين

0 المراجعات

معجزة الفتوح الإسلامية

ليس الهدف من هذا المقال أن أوضح أو أشرح أو أؤرخ لتاريخ الفتوحات الإسلامية التي تعتبر من المعجزات الإسلامية، ودليلا صريحا على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام كان لايزال في مهده، فقد بشر النبي - مثلا - أن سواري كسرى سيلبسهما سراقة بن مالك، وقد لبسهما سراقة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.  

ولكن الهدف من هذا المقال هو أن أستعرض موقفا لسيدنا أنس بن مالك يوضح مدى السماحة والعدل والإنصاف في حياة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المواقف جعلت - بما لا يدع مجالا للشك - الكثير من غير المسلمين يدخلون الإسلام أفواجا، وسرّعت من حركة الفتوح الإسلامية في بلاد فارس والروم أكبر وأعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت.

فتح (تستر)

حاصر المسلمون حصن تستر لأكثر من سنة ونصف، تخلل هذا الحصار بعض الحروب تصل إلى ثمانين معركة بين المسلمين ومَن داخل الحصن، وكان ينتصر المسلمون في كل مرة.

وكان من بين المسلمين البراء بن مالك أخو أنس بن مالك، وكان البراء معروفا بين المسلمين أنه مستجاب الدعاء، فذهب إليه المسلمون يطلبون منه الدعاء بالنصر، فدعا البراء بالنصر للمسلمين وأن يتقبله الله شهيدا، ولما فتح الله للمسلمين، قتل الهرمزان البراء بن مالك بعد أن أثخن في الفرس وقتل منهم مئة.

ولما حاصر المسلمون الهرمزان طلب النزول على حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فوافق المسلمون، وأرسلوه إلى المدينة ليحكم فيه عمر، ولكن المفاجأة هي أن من كُلف بتوصيله إلى المدينة المنورة كان أنس بن مالك أخا البراء بن مالك.

رغم حزن سيدنا أنس بن مالك على مقتل أخيه البراء، فإنه لم يفكر في قتل الهرمزان، بل على العكس من ذلك تماما، حافظ على حياته إلى أن أوصله إلى المدينة.

عمر بن الخطاب والهرمزان 

وقف الهرمزان أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليحكم فيه، فقال عمر للهرمزان: قل ما عندك، فقال الهرمزان: كلام حي أم كلام ميت؟ فقال عمر: تكلم لا بأس.  

والموقف يحكيه أنس بن مالك بنفسه.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حاصرنا تُستَر، فنزل الهُرْمُزان على حكم عمر رضي الله عنه، فقدمت به على عمر، فلما انتهينا إليه قال له عمر رضي الله عنه: تكلَّم. قال: كلام حيَ أو كلام ميِّت؟ قال: تكلَّم لا بأس. قال: إنا وإياكم معاشر العرب؛ ما خلَّى الله بيننا وبينكم، كنا نتعبدكم، ونقتلكم، ونغصبكم. فلما كان الله معكم لم يكن لنا يدان. فقال عمر رضي الله عنه: ما تقول؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، تركت بعدي عدوا كثيرا، وشوكة شديدة، فإن قتلته ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم. فقال عمر رضي الله عنه: استحيي من قاتل براء بن مالك، ومجْزأة بن ثور؟ فلما خشيت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل قد قلت له: تكلم لا بأس. فقال عمر رضي الله عنه: ارتشيت وأصبت منه؟ فقال: والله ما ارتشيت ولا أصبت منه. قال: لتأتِيَني على ما شهدت به بغيرك أَو لأبْدَأنّ بعقوبتك. قال: فخرجت فلقيت الزبير بن العوام، فشهد معي، وأمسك عمر رضي الله عنه، وأسلم – يعني الهرمزان – وفرض له.

والقارئ لهذا الموقف العجيب لا يكاد يصدق، فأنس بن مالك أنقذ الهرمزان من القتل، واجتهد لفعل ذلك فأحضر معه شاهدا هو الزبير  بن العوام رضي الله عنه.

هذا الموقف إنما يدل على حب أنس الشديد للحق وللإسلام، وأن يحقق العدل حتى وإن كان على نفسه وأهله، كما أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمسك عن قتل الهرمزان أيضا لتحقيق العدل والوعد والوفاء.

ولكن نحن لا نتعجب من ذلك على أي حال، فأنس بن مالك تربى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، تربى على يد النبي محمد مباشرة، فلا عجب أن تكون هذه أخلاقه رضي الله عنه. وسيدنا عمر بن الخطاب هو الفاروق الذي فرق بين الحق والباطل.

فرضي الله عن صحابة رسول الله جميعا وجزاهم عنا خير الجزاء.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

4

followers

6

followings

7

مقالات مشابة