هرمجدون " ما بعد الملحمه"

هرمجدون " ما بعد الملحمه"

0 المراجعات


    هرمجدون
   ما  بعد الملحمه
" القصه التى لم تروى بعد "

 

image about هرمجدون

 نحن الآن في المستقبل القريب ربما في قرننا الحالي، في القرن الميلادي الواحد والعشرين؟ لأنه على الأرجح والله أعلم لن نتجاوزه كثيرا، وقد يكون القرن الأخير في عمر الأمة الأخيرة. جاء في المستدرك على الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوف، إذ أقبل رجل، فقال يا رسول الله، ما مدة رجاء أمتك فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سأله ثلاث مرات، ثم ولى الرجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي. رجاء أمتي 100 سنة. فقال يا رسول الله، فهل لتلك من أمارة أو آية أو علامة؟ قال نعم القذف والخسف، والرجف، وإرسال الشياطين الملجمة عن الناس.

مياه كثيرة جرت في نهر الزمن. لقد تبدلت الأرض بسرعة عجيبة، وتغيرت نواميس المناخ والسماء، وحدث قذف وخسف، ورجف، واختلفت خرائط الجغرافيا والطبوغرافيا، والديمغرافيا، وانتهى عصر التكنولوجيا، وانتهى كذلك عصر سايكس بيكو، والحدود والحكم الجبري، العصر الذي تعلو فيه التحوت، ويكون فيه زعيم القوم أرذلهم.

لقد أتى أمر الله. وانقلبت موازين القوى. وتصحح مسار التاريخ قبل عقدين تقريبا من لحظتنا المستقبلية هذه.  انقشعت فتنة الدهيماء بدخانها الأسود. و جاب قطار الفتنة الأرض كلها، ولم يبقى أحد إلا ولطمته لطمة، حتى صار الناس إلى فسطاطين.

إنجلت الفتنة بعد انحسار الفرات عن كنز من ذهب، فجذب بريقه جيوش الأشرار والمجانين والحمقى، كما يجذب تراقص الراية الحمراء الثور إلى مصرعه.

قبل عقدين تقريبا، اندلعت تلك الحرب العالمية الأخيرة، أو هرمجدون، وقضت على ثلث البشرية بالموت الأحمر، والثلث الثاني بالأوبئة والمجاعات والإشعاعات اللاحقة، وقتل من الجنود المشاركين فيها من كل ألف تسعه وتسعون، وكل ثور منهم يقول لعلي أنا أنجو، ومنذ عقدين أيضا أتت السماء بدخان مرتقب مبين. وجاء أمر الله الذي يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي.

لقد كان هناك قارة عظيمة متجبرة، آتاها الله من كل الخيرات. لقد كانت هناك عاد الثانية التي يأتيها رزقها رغدا، فكفرت بأنعم الله، وأبت إلا أن تعيش على مص دماء وعرق الشعوب، ومحاربة منهج الله. لقد كان هناك قارة كبيرة لم يبقى منها سوى جزر متناثرة. تشهد بأن الله أكبر .

منذ عقد أو عقدين. كان هنا عالة من الصم، البكم،  رعاة الشاة، الذين تطاولوا في البنيان، فكانوا فقاعة صابون عابرة في شريط الزمن. لقد كان ها هنا أصحاب كنوز وملوك وأمراء وشيوخ مترفون، فأهلكهم الدرهم والدينار، كما أهلك من كان قبلهم، وخبطتهم فتنة شرقية حالقة. أفنت في طريقها الفرس وصريح العرب، وانجلت عن أقل من القليل.

وكان هنا أيضا من يعيشون في القوقعة، ولا وقت عندهم لرؤية العالم الخارجي، ولا نصرة المظلومين الذين جعلهم الله إخوة لهم، لأنهم داخل قوقعاتهم، يحلمون برغيف العيش. شعوب أعجبتها كثرتها وتقول لن نهزم اليوم من قلة، ولو بصقنا على إسرائيل لأغرقناها، فدجنت في حظائر كقطيع من الغنم، فأخذها موت كقعاص الغنم.

لقد كان هنا مسلمون ذوي سعرات إيمانية منخفضة، وعصبية قومية، أو طائفية، أو عشائرية عالية السعرات. لقد كان هنا الأوس والخزرج، وحرب البسوس، وداحس والغبراء. ومرت منها هنا سنوات الهرج التي يقتل فيها الرجل أخاه وجاره وابن عمه  أساودأيضرب بعضها بعضا، ويفني بعضها بعضا.


وكان هنا أيضا طفلا شاميا لم يتجاوز الخمس سنوات من عمره، وؤد. ربيع عمره، طفل شامي نسيه الناس في زحمة المجازر والأخبار، ونسوا ما تمتم به فمه النازف، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. سأخبر الله بكل شيء.

لقد كان هنا ظلمنا وجشعنا ووحشيتنا، أنانيتنا وغفلتنا، لا مبالتنا وقلوبنا الأقصى من الحجر. لقد كانت هنا سنوات غضب الرب، الذي لا ينسى، وسنوات عدله ورحمته وحكمته أيضا.

لقد كان هنا مع العسر يسرى. أرض هي خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، أرض قسمها، سايكس بيكو، ومزقتها الحروب، ومكر الثعالب، وأضعف أهلها، صيب منهمرا من السماء، فأعادت يد الله خياطتها من جديد، وهيأتها كي تكون مغناطيسا يجذب إليها من قلوبهم كزبر الحديد، فهفت إليها الأجناد المجندة، وخيار أهل الأرض في هجرة بعد هجرة، وتلقى أطفالها لقاحا ربانيا أقوى مناعتهم ليوم الفصل العظيم.
وطردت في أثناء ذلك خبثها وأشرارها، كما يطرد الذهب شوائبه المعدنية عندما يفتن بالنار وعادت كي تبقى دائما عقر دار الإسلام،

وكان هنا أيضا بقعة جغرافية أخرى مجهولة وبعيدة، أرض معزولة لا نكترث بدراستها في كتب الجغرافيا، ولا نشاهدها في وسائل الإعلام، لأنه ليس عندها هوليود، ولا بوليود، ولا محطات فضائية تروج لها أرض ظلت عذراء. وعلى فكرة الإسلام الأولى مثل كهف محمي بعناية إلهية، فشمس العولمة الحارقة، وبريقها المخادع. تزاوروا عن كفهم ذات اليمين وذات الشمال.

لقد تغير العالم كله من حولها في قرن الشيطان، أما هي فبقيت أرضا محجوبة عن عين الدجال. هذه البقعة لم تكن يوما عاصمة لصانعي القرار مثل واشنطن، ولا مركزا عالميا للموضة والفن كباريس، ولا يحج إليها الطامعون بالمال السريع كدبي.

إنها أرض قاحلة بمقياس عميان البصائر. هل عرفتموها من كهوف جبالها؟ بعثت أمة الرسالة من جديد، ومن تحت الثلوج التي تغطي قممها، شقت أزهار الربيع طريقها للشمس. فيها كنوز لا يؤبه لها، لأنها ليست من ذهب، ولا فضة، فيها رجال، قلوبهم كزبر الحديد، لا تأخذهم في الله لومة لائم، فيها رجال أخفياء أتقياء، إن ظهروا لم يعرفوا، وإن غابوا لا يفتقدوا، لكنهم ظاهرين على الحق، ولا يضرهم من خذلهم، ومنها خرجت رايه هدى سوداء، أتاها كل من يصدق محمدا، ولو حبوا على الثلج. راية لم يردها شيء، حتى نصبت في إيليا القدس. وكانت هنا، ولا تزال هنا، مدينة طيبة، يأرز الإيمان إليها، كما تأرز الحية إلى جحرها. مدينة بدء الإسلام منها غريبا، وعاد إليها غريبا، كما بدء.

جاء إليها رجل أقنى الأنف، أجلى الجبهة، فكان في موعده مع القدر، رجل أصلحه الله في ليلة، فعاذ بالحرم وبويع مكرها بين الركن والمقام، ورضي عنه أهل الأرض وأهل السماء. رجل من جلدتنا، مات على يديه قرن الشيطان.

هكذا هي الحياة دائما، وهكذا هي الحياة في سنواتها الأخيرة. موت وولادة وقانون إلهي صارم، يسميه ملك الملوك، الغني عن العالمين  استبدال

العرب اليوم، قليل، الإسلام اليوم عزيز كانت هنا هزائم، صارت اليوم انتصارات، كان هنا جوع وحصار، صار هنا خليفة يحذو المال حثيا، لا يعده، عدا كان هنا عقدة دونية، وعقدة خواجة. صار هنا رجال أعاجم أعزهم الله بالإسلام، ولا يتكلمون إلا باللغة التي تكلم بها الله.

كان هنا ظلم وجور، فصار في الأرض، كل الأرض عدل وقسط، كانت هنا حروب، فصار هنا سلام. سنوات قليلة مرت، لم تترك الأرض من بذرها وكنوزها شيئا إلا وأخرجته، ولم تدع السماء من قطرها شيئا إلا وصلته مدرار.
 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

2

followers

1

followings

2

مقالات مشابة