تفسير آيات من سورة يوسف - الجزء الثامن
نستكمل اليوم بإذن الله تفسير سورة يوسف من الآيات 50 إلى 57
تروي الآيات تأويل يوسف عليه السلام لرؤيا الملك وخروجه من السجن ليحكم مصر ويصبح مسؤولا عن الخزائن.
(وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦۖ)
حين سمع الملك تفسير سيدنا يوسف طلب من أتباع أن يحضروه إليه.
(فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسۡـَٔلۡهُ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّٰتِي قَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيۡدِهِنَّ عَلِيمٞ)
فلما جاء رسول الملك إلى يوسف عليه السلام يطلبه، رفض يوسف القدوم وطلب منه أن يخبر بأن يبرئ اسمه أولا من تهمة زوجة عزيز مصر والنسوة اللواتي قطعن أيديهن، فهذا كيد منهم.
(قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ)
جمع الملك النسوة اللواتي قطعن أيديهن حين دخل عليهم يوسف، وقال لهم ما خبر ذلك الأمر الذي يقول عنه يوسف بأنكم راودتموه عن نفسه.
(قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ)
فأجابت النسوة بأنهم ما علموا عنه خيراً وما ظهر منه سوء من قبل.
(قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ)
هنا اعترفت زليخة، زوجة عزيز مصر، بما فعلته وقالت أنا من روادته عن نفسه وإنه لصادق فيما يقول.
(ذَٰلِكَ لِيَعۡلَمَ أَنِّي لَمۡ أَخُنۡهُ بِٱلۡغَيۡبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي كَيۡدَ ٱلۡخَآئِنِينَ)
يتحدث سيدنا يوسف عليه السلام عن عزيز مصر، وكان قد مات حينها، يقول: إنما فعلت ذلك ليعلم عزيز مصر وليعلم الناس جميعا أنني لم أخن سيدي وأنا الله لا يهدي من يخون.
(وَمَآ أُبَرِّئُ نَفۡسِيٓۚ إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيٓۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٞ رَّحِيمٞ)
ثم يعود يوسف عليه السلام ليقر بحقيقة هوى النفس، فيقول وما أنا ببريء أيضا فلولا رحمة الله تعالى بي وتثبيته لي لوقعت في الخطيئة. ثم إن الله غفور لمن أذنب وتاب ورحيم بهم.
(وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦٓ أَسۡتَخۡلِصۡهُ لِنَفۡسِيۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُۥ قَالَ إِنَّكَ ٱلۡيَوۡمَ لَدَيۡنَا مَكِينٌ أَمِينٞ)
بعد براءة يوسف عليه السلام طلب الملك حضوره مرة أخرى، فلما جاء قال له الملك إنك عندنا أمين زذو مكانة عالية.
(قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ)
طلب يوسف عليه السلام أن يكون مسؤولا عن الخزائن ليتمكن من الخروج بمصر من الأزمة القادمة.
(وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)
وهكذا مكن الله ليوسف في مصر وخرج من السجن ليصبح السلام عزيز مصر. هذه رحمة الله تعالى به ونعمة منه، فالله لا يضيع أجر المحسنين.
(وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)
إن الفوز بالآخرة خير وأعظم للمؤمنين الذين يتقون الله في السراء والضراء.
من هنا تنتقل السورة لرواية ما حدث مع يوسف عليه السلام وإخواته حين قدموا إلى مصر في طلب القمح، وتأخذ القصة منحنى جديداً.