شرح (بسم الله الرحمن الرحيم)

شرح (بسم الله الرحمن الرحيم)

0 المراجعات

{بسم الله الرحمن الرحيم}

افتتح بها الصحابة كتاب الله، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، ثم اختلفوا: هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أو من أول كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من أزل كل سورة، أو أنها كذلك في الفاتحة دون غيرها، أو أنها إنما كتبت للفصل، لا أنها آية؟ على أقوال العلماء سلفا وخلفة، وذلك مبسوط في غير هذا الموضع

وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه {بسم الله الرحمن الرحيم} وأخرجه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في مستدركه أيضا، وروي مرسلا عن سعيد بن جبير . 

وفي صحيح ابن خزيمة، عن أم سلمة : أن رسول الله * قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية، لكنه من رواية عمر بن هارون البلخي، وفيه ضعف، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عنها. وروى له الدارقطني متابعة، عن أبي هريرة مرفوعة. وروى مثله عن علي وابن عباس وغيرهما. وممن حكي عنه أنها آية من كل سورة إلا براءة : ابن عباس ، وابن عمر، وابن الزبير ، وأبو هريرة، وعلي. ومن التابعين : عطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير ، ومكحول، والزهري، وبه يقول عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، في رواية عنه ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام، رحمهم الله.

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقال الشافعي في قول، في بعض طرق مذهبه : هي آية من الفاتحة وليست من غيرها، وعنه أنها بعض آية من أول كل سورة، وهما غریبان ، 

وقال داود : هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل ، وحكاه أبو بكر الرازي، عن أبي الحسن الكرخي، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة ، رحمهم الله . هذا ما يتعلق بكونها من الفاتحة أم لا فاما ما يتعلق بالجهر بها، فمفزع على هذا ؛ فمن رأى أنها ليست منها فلا يجهر بها، 

وكذا من قال: إنها آية من أولها، وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا ؛ فذهب الشافعي، رحمه الله ، إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفا وخلفة، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة، وابن عمر ، وابن عباس ، ومعاوية، وحكاه ابن عبد البر، والبيهقي عن عمر وعلي، ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهو غريب .

 ومن التابعين عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وأبي قلابة، والزهري، وعلي بن الحسين، وابنه محمد، وسعيد بن المسيب ، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وسالم، ومحمد بن کعب القرظي ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبي وائل، وابن سیرین، ومحمد بن المنكدر ، وعلي بن عبد الله بن عباس، وابنه محمد، ونافع مولى ابن عمر، وزيد بن أسلم، وعمر بن عبد العزيز، والأزرق بن قيس، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي الشعثاء، ومكحول، وعبد الله بن معقل بن مقرن . زاد البيهقي: وعبد الله بن صفوان، ومحمد بن الحنفية . 

زاد ابن عبد البر : وعمرو بن دینار . والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها، وأيضا فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدرکه ، عن أبي هريرة : أنه صلى نجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ : إني لأشبهكم صلاة برسول الله ، وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم، وروى أبو داود والترمذي، عن ابن عباس : أن رسول الله كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم . ثم قال الترمذي : وليس إسناده بذاك.

 وقد رواه الحاكم في مستدرکه ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله ان يجهر بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قال : صحيح، وفي صحيح البخاري، عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة رسول الله فقال : كانت قراءته مدأ، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله ، ويمد الرحمن وبمد الرحيم وفي مسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود، وصحيح ابن خزيمة، ومستدرك الحاكم، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله * بقطع قراءته : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.

 الرحمن الرحیم. مالك يوم الدين. وقال الدارقطني: إسناده صحيح. وروى الشافعي، رحمه الله ، والحاكم في مستدركه، عن أنس : أن معاوية صلى بالمدينة، فترك البسملة، فأنكر عليه من حضر من المهاجرين ذلك، فلما صلي المرة الثانية بسمل. وفي هذه الأحاديث والآثار التي أوردناها كفاية ومقنع في الاحتجاج لهذا القول عما عداها، فاما المعارضات والروايات الغريبة، وتطريقها، وتعليلها وتضعيفها، وتقريرها، فله موضع آخر 

وذهب آخرون إلى أنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة ، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الأربعة وعبد الله بن مغفل، وطوائف من سلف التابعين والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة، والثوري، وأحمد بن حنبل، وعند الإمام مالك : أنه لا يقرأ البسملة بالكلية ، لاجهرة ولا سرأ، واحتجوا بما في صحيح مسلم، عن عائشة ، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وبما في الصحيحين، عن أنس بن مالك، قال : صلي خلف النبي ، وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين. ولمسلم: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها. ونحوه في السنن عن عبد الله بن مفل، رضي الله عنه

فهذه مآخذ الأئمة، رحمهم الله ، في هذه المسألة وهي قريبة؛ لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة و من أسر، ولله الحمد والمنة.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

3

متابعين

12

متابعهم

0

مقالات مشابة