
الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم فى (الفلك)
الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم
*الإعجاز العلمي في القرآن الكريم في الفلك*
يُعدّ القرآن الكريم كتاب هداية ودستور حياة، ومع ذلك فإنّه يحتوي على العديد من الآيات التي تشير إلى ظواهر علمية أُثبتت لاحقًا بعد قرون طويلة من نزوله. ومن أبرز هذه المجالات التي كشف عنها القرآن الكريم هو علم الفلك، فقد تناول الكتاب العزيز معلومات دقيقة عن الكون، والنجوم، والكواكب، وحركة الأجرام السماوية، بما يدل على إعجاز علمي يفوق المعرفة البشرية في عصر نزوله.
*اتساع الكون*
يقول الله تعالى في سورة الذاريات: *"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"* (الذاريات: 47). في هذه الآية الكريمة تصريح واضح بأن الكون في حالة توسع مستمر، وهي حقيقة لم يعرفها العلماء إلا في القرن العشرين عندما أعلن الفلكي إدوين هابل في عام 1929 م أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض، ما يعني أن الكون يتمدد. وقد أصبحت هذه النظرية من الأسس العلمية في فهم نشأة الكون وتطوره، وهي معروفة اليوم بنظرية "الانفجار العظيم".
*المدارات الفلكية*
يشير القرآن الكريم إلى أن الأجرام السماوية تتحرك في مسارات منتظمة ومدارات دقيقة، حيث يقول الله تعالى: *"وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"* (يس: 40). وهو تعبير بالغ الدقة، حيث وصف حركة الشمس والقمر والكواكب بأنها في "فلك"، أي مدار محدد، و"يسبحون"، أي يتحركون بحساب وانتظام دون تصادم. هذا المفهوم أصبح ركيزة من ركائز علم الفلك الحديث، الذي يؤكد أن لكل كوكب أو نجم مدارًا ثابتًا يدور فيه بفعل الجاذبية.
*السماء كحماية للأرض*
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: *"وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا"* (الأنبياء: 32). وفي هذه الآية إشارة إلى الدور الوقائي الذي تؤديه السماء، وخاصة الغلاف الجوي، في حماية الأرض من الأشعة الكونية، والنيازك، والأشعة فوق البنفسجية، وهي أمور لم تُعرف إلا مؤخرًا بفضل التقدم في العلوم الفيزيائية والفلكية. وقد أثبت العلماء أن طبقة الأوزون في الغلاف الجوي تمنع وصول الأشعة الضارة، وأن الغلاف يساهم في احتراق الشهب قبل وصولها إلى سطح الأرض.
*الثقوب السوداء*
قال الله تعالى في وصف نجم معين: *"فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ"* (التكوير: 15-16). فُسّرت هذه الآية بأنها تصف أجسامًا سماوية غير مرئية "خُنَّس"، تجري في الفضاء "الْجَوَارِ"، وتكنس ما حولها "الْكُنَّسِ". وهذه الصفات تتوافق بشكل مذهل مع خصائص الثقوب السوداء، التي لا تُرى بالعين المجردة، وتتحرك في مدارات، وتجذب إليها كل ما يقترب منها بفعل جاذبيتها الهائلة. هذا الوصف الدقيق يُعدّ من أوجه الإعجاز العلمي المذهل.
*الليل والنهار ودوران الأرض*
جاء في القرآن الكريم: *"يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ"* (الزمر: 5). وكلمة "يُكَوِّر" مأخوذة من التكوير، أي اللف والدوران، وهي تشير إلى كروية الأرض ودورانها الذي يسبب تعاقب الليل والنهار. وقد تم إثبات كروية الأرض ودورانها حول نفسها علميًا، ولكن هذا التعبير القرآني جاء بدقة مدهشة قبل أن يُكتشف ذلك علميًا بقرون طويلة.
*عدد السماوات*
يذكر القرآن الكريم مرارًا أن الله خلق "سبع سماوات"، كما في قوله: *"الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا"* (الملك: 3). ورغم أن تفسير هذه الآية لا يزال محل بحث وتفكر، فإن بعض العلماء ربطوا ذلك بمستويات السماء أو الطبقات المختلفة للغلاف الجوي، أو حتى الأبعاد الكونية التي لا تزال تدرس في الفيزياء النظرية.
—خاتمة
إن الإشارات العلمية في القرآن الكريم، وخصوصًا في مجال الفلك، تدل على أن هذا الكتاب ليس من تأليف بشر، بل هو من عند خالق الكون العليم. فالمعلومات التي لم تكن في متناول البشر في ذلك الزمن جاءت بدقة ووضوح يعجز عنه أي إنسان، وهو ما يزيد المؤمنين يقينًا بأن القرآن كلام الله المعجز في ألفاظه ومعانيه. علم الفلك من أبرز المجالات التي تجلت فيها هذه المعجزة، مما يدفعنا لمزيد من التفكر والتأمل في آيات الله في الكون.