فهم السيرة النبوية وخصائص الانبياء

فهم السيرة النبوية وخصائص الانبياء

0 المراجعات

سمات النبوة وخصائص الانبياء

اخوانى:تحدثت اليكم فى المحاضرة السابقة عن النبوة,حاجة الانسانية اليها , وفضلها على المدينة ,ومهمتها ,ورسالتها فى العالم .واحب ان اتحدث اليكم فى هذه الفرصة السعيدة عن طبيعة النبوة ومزاجها الخاص , وعن خصائص الانبياء وعما يمتازون به عن قادة الفكر وزعماء الاصلاح من طوائف البشر.

جناية الاساليب الصناعية والمصطلحات السياسية على فهم النبوة والانبياء:

لقد طغت الاساليب الصناعية والمناهج السياسية , وطرق القيادة والتنظيم الحديثة , ومناحى التربية والتعليم التى قامت ولا تزال بدورها فى تعليم الاميين , ورفع مستوى الحياة , ومحاربة الفساد , وتحرير البلاد , وكل يذكر ويشكر , ولكنا استولت على العقول والنفوس , وانطبعت نفسية اصحابها وسيرتهم ومنابح قوتهم وعزائمهم , ودوافع اعمالهم وجهادهم وأساليب تفكيرهم ومقاييس نجاحهم فى نفوس الناس , حتى اصبحو لا يتصورون النبوة والانبياء الا من هذه الزاوية , ولا ينظرون اليهم الا بهذا المنظار , وقد بدأ بعض الكتاب الاسلاميين فى العصر الاخير يخضعون فى قليل او كثير لهذه المفاهيم والظلال , يفسرون دعوة الانبياء والرسل واعمالهم بمصطلحات سياسية واجتماعية حديثة , مما يحول بين اهل العصر وبين فهم منصب النبوة على حقيقته , أو طبيعة الانبياء وطبيعة رسالتهم التى يكلفونها , ومناهج عملهم , ويمنع من الاقتداء بهم والتشبع بروحهم , ويتجه بالفكر على درب أقل ما يقال فيه انه غير درب النبوة وشاكلتها.

الحاجة الى دراسة القرأن المجردة عن التأثيرات الخارجية:

لذلك اشتدت الحاجة الى دراسة القرأن فى هذا الموضوع دراسة عميقة حرة  , مجرة عن التاثيرات الخارجية والثقافات الأجنبية , مجردة كذلك عما قد تهواه قلوبنا وتطمح اليه نفوسنا , وقد يكون مما يستحسن ولايستهجن وقد يكون شيئا طبيعيا.

  • ولكن لا يجوز ان يخضع القرأن وتخضع سيرة الأنبياء السابقين لكل ما يستحسن , مجردة عن كل تقليد وعن كل تطبيق , فالعصور تتبدل , ومناهج الفكر تتبدل  , وقيم الاشياء ودرجاتها تتغير وتتبدل , وترتفع وتنخفض , وما حدث فى عصر من نظرية او مصطلح لايجوز أن يسلط على عصر سابق أو جيل سابق , فضلا عن القرأن الذى هو كتاب سماوي خالد , فانه لا يخضع لعصر ولا يخضع لفكر , ولا يخضع لفلسفة فكرية او سياسية , وعلوم الانسان ونظرياته كثيب مهيل من رمل يتناثر وينبسط , وينضوي ويمتد , لا يصلح عليه البناء , ولا يجوز أن ينزل عليه القرأن من منزلنه العالية السماوية ومن أساسه المحكم الأبدى.
  • الفارق الاساسي بين الانبياء والمرسلين , والحكماء والمصلحين:
  • ان أول وأهم مايمتاز به معشر الانبياء أن العلم الذى ينشرونه بين الناس , والعقيدة التى يدعون اليها , والدعوة التى يقومون بها , لا تنبع من ذكائهم أو حميتهم أو تألمهم بالوضع الزرى الذى يعيشون فيه , او من شعورهم الدقيق الحساس , وقلبهم الرقيق الفياض , أو تجاربهم الواسعة الحكيمة , لاشئ من ذلك , انما مصدره الوحى والرسالة التي يصطفون لها ويكرمون بها , فلا يقاسون ابدا على الحكماء أو الزعماء أو المصلحين , وجميع اصناف القادة الذين جربتهم البشرية وتاريخ الاصلاح والكفاح الطويل , والذين هم نتيجة بيئتهم , وغرس حكمتهم , وصدى محيطهم , ورد فعل لما كان يجيش به مجتمعهم من فساد وفوضي , والقول الفصل في ذلك قول القرأن علي لسان سيد الرسل صلى الله عليه وسلم:
  • (قل لوشاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به , فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون (1) )) وقول الله تعالي:((وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا , ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان , ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا , وانك لتهدى الي صراط مستقيم)).

وهذه هى السمة الفاصلة الاساسية المميزة بين الانبياء صلوات الله عليهم وبين القادة والزعماء  , والذين تكون رسالتهم وكفاحهم وحي بيئتهم وثقافتهم ومشاعرهم وا ستجابة للقلق الذي يساور المجتمع ويساور النفوس الواعية , والذين يلاحظون دائما البيئة والمجتمع والظروف والاحوال , ويراعون المصلحة والسياسة , ويخضعون لها في كثير من ألاحوال فيتنازلون عن اشياء كثيرة , وقد يتساومون ألاحزاب ويتبادلون معها المنافع , ومبدأ كثير منهم الذي يأخذون به ((در مع الدهر كيف هو دائر)).

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

20

followers

20

followings

3

مقالات مشابة