قصة سيدنا موسى عليه السلام: رحلة نبيٍّ ونبوة
مقدمة:
تُعدّ قصة سيدنا موسى عليه السلام من أروع القصص في تاريخ البشرية، حافلة بالعبر والدروس، مليئة بالمعجزات والخوارق، وتُجسّد صراع الخير والشر، والحق والظلم، والإيمان والشك.
المولد والنبوة:
وُلِد موسى عليه السلام في زمنٍ عصيبٍ، حيث كان فرعون يذبح أبناء بني إسرائيل خوفًا من نبوءة تُنبئ بميلاد نبيٍّ يُحرّرهم من ظلمه.
أرادت أمّه إخفاء مولوده، فأدخلته في تابوتٍ وألقته في نهر النيل. ساقته الأمواج إلى قصر فرعون، فاتّخذته ابنته آسيا تربيةً لها.
كبر موسى وازداد علمًا وحكمةً، ولما بلغ أشده، قتل رجلاً من القبطيين دفاعًا عن مظلومٍ من بني إسرائيل. خوفًا من بطش فرعون، هرب موسى إلى مدين، حيث تزوّج ابنة شعيب نبيّ الله.
في مدين، أتاه الوحي الإلهيّ على جبل طور سيناء، واصطفاه الله نبيًّا ورسولًا لمهمة عظيمة: إخراج بني إسرائيل من ظلم فرعون وعبادة الأصنام.
المواجهة مع فرعون:
واجه موسى عليه السلام فرعون بقوةٍ وإيمانٍ، مُطالِبًا إيّاه بالإفراج عن بني إسرائيل وعبادة الله وحده.
أظهر الله على يديه معجزاتٍ عظيمة، فشقّ البحرَ ليُنجي قومه من فرعون وجنوده، وأرسل عليه وعلى قومه الطاعون والقمل والجراد.
لكنّ فرعون وجنوده أصروا على طغيانهم، فغرقوا جميعًا في البحر، بينما نجا موسى وبني إسرائيل.
التيه والوصايا:
بعد عبور البحر الأحمر، قاد موسى عليه السلام بني إسرائيل في رحلةٍ طويلةٍ عبر الصحراء، عُرفت باسم "التيه".
خلال هذه الرحلة، واجه موسى صعابًا وتحدياتٍ جمة، تمثّلت في نقص الطعام والماء، وشكّ قومه وعدم إيمانهم، وعبادة العجل من قبل بعضهم.
في جبل طور سيناء، نزل الله على موسى التوراة، التي تضمّنت الوصايا الإلهية، والشرائع والقوانين التي تُنظّم حياة بني إسرائيل.
الوصايا العشر:
نزل الله تعالى على موسى عليه السلام في جبل طور سيناء ألواحًا تُسمّى "الوصايا العشر"، وهي شريعةٌ إلهيةٌ تُنظّم حياة بني إسرائيل.
تضمنت هذه الوصايا تعاليمَ أساسيةً، مثل:
- عبادة الله وحده: لا إله إلا الله، ولا شريك له.
- نهي عن الشرك: لا تُشرك بالله أحدًا.
- برّ الوالدين: طاعة الوالدين واحترامهما.
- نهي عن القتل: حرمة قتل النفس المُحرّمة.
- نهي عن الزنا: حرمة الزنا والفواحش.
- نهي عن السرقة: حرمة السرقة والاعتداء على أموال الناس.
- نهي عن الشهادة الزور: حرمة الكذب والزور.
- نهي عن الزنا: حرمة الزنا والفواحش.
- حفظ السبت: اتّخاذ يوم السبت يومًا للراحة والعبادة.
- كرم الضيافة: إكرام الضيف وإطعامه.
العودة إلى الأرض المقدسة:
بعد تلقيّ الوصايا، واصل موسى عليه السلام رحلته مع بني إسرائيل متجهًا إلى الأرض المقدسة التي وعدهم الله بها.
لكنّ بعض بني إسرائيل شكّوا في قدرة الله على إدخالهم الأرض المقدسة، فرفضوا المسير، وأرسلوا جواسيس للتجسّس على أرض كنعان.
عاد الجواسيس بخبرٍ مُثبّطٍ للعزائم، فخاف الناس وترددوا، لكنّ موسى وهارون ظلّوا ثابتين على إيمانهما.
غضب الله على بني إسرائيل بسبب شكّهم، فعاقبهم بالتيه أربعين عامًا.
مات جيلٌ كاملٌ من بني إسرائيل خلال هذه الفترة، ولم يدخل الأرض المقدسة إلا من آمن بالله وصدق رسوله.
الموت والدفن:
قبل وفاته، أوصى موسى عليه السلام أخاه هارون بقيادة بني إسرائيل.
وصعد موسى إلى جبل النبوة، حيث كلّمه الله تعالى للمرة الأخيرة، ثمّ قبضت روحه الطاهرة.
لم يعلم أحدٌ بمكان دفنه، حفاظًا من الله على جثمان نبيّه من عبادة الأصنام.
خاتمة:
تُعدّ قصة سيدنا موسى عليه السلام من أعظم القصص في تاريخ البشرية، مليئةً بالعبر والدروس، تُجسّد صراع الخير والشر، والحق والظلم، والإيمان والشك.
ففي كلّ مرحلةٍ من مراحل حياته، نجد درسًا عظيمًا يُعلّمنا الإيمان والصبر والعزيمة والأخلاق الفاضلة.
