فطره سليمة خير من عقل مريض
فطرة سليمة خيرمن عقل مريض
عندما قام نوح بدعوة الخلائق من دواب وطير الى ركوب سفينة النجاة استجابت بلا تردد بينما ظل يدعوا بنى جنسة من البشر الف
سنة الاخمسين عاما ولم يستجيب له الا قليل هذة مفارقة عجيبة وغريبة وتلفت النظر والتأمل
فتلك المخلوقات والتى اطلق عليها الانسان مصطلح (غير عاقلة ) كيف استجابت ؟ وكيف خضعت ؟ وكيف استوعبت ؟
نداء نبيا من الانبياء فى قضية الايمان والتوحيد ولو تدبرنا فى كتاب الله وسنة رسولة الكريم لاصابنا الذهول حينما تكتشف وتعرف ان
الحيوانات والطيور لها منطق ولغة وعقل بل وعقيدة وايمان بينما ذلك الانسان العاقل المكلف برغم عقلة وتميزة ورقية يكفر ويشرك
بالله الواحد الاحد فهل العقل هو الذي اضل الانسان وجعلة يتخبط فى اتباع هواه ام ان العقل برئ من هذا
( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )[ سورة الروم: 30]
الفطرة معناها الخلقة التى خلق الله الناس عليها لما خلق الله خلقه خلقهم وقد غرس فيهم طبع السلامة والاستقامة وهذا ما بينة النبي صلى الله
عليه وسلم حين قال ( مامن من مولودا يولد الا على الفطره ولكن ابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه )
والحديث القدسى الشريف حين قال رب العزه عز وجل ( خلقت عبادى حنفاء كلهم فاجتاتهم الشياطين ) ومعنى حنفاء اى الاستقامة على طاعة الله
وجاء فى رواية صحيحة انه قال (خلقت عبادي حنفاء مسلمين فاجتالتهم الشياطين ) فالجميع على الفطرة، حنفاء مسلمين،
ثم يحصل لهم بعد ذلك التأثر، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ولا تنسى ذلك المخلوق الملعون الذى يعمل على ضلال الانسان وتحريف طبيعتة
وفطرتة التى خلق عليها _ انه الشيطان الرجيم والذى اقسم على اغواء بن ادم وهذا معلوم ولكن ما نريد قصده هنا ان الاصل فى خلق الله للبشر
وسائر الخلق هم انهم على الفطرة السويه السليمة والمستقيمة
ولو رجعنا بالاستدلال على ذلك المعنى فى الحيوانات والطيور والحشرات وغيره من سائر خلق الله والتى يعتقد الانسان ظلما وجهلا انهم مخلوقات
غير عاقلة تجد انهم مازالوا على تلك الفطرة السليمة لم تغيرهم اى مؤثرات عن تلك الفطرة وهذا لانهم غير مكلفين وليس لهم حساب او عذاب
والمكلفين من خلق الله صنفين والذى قال الله فيهما السبب فى خلقهم حيث قال ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) لم يقل الله وما خلقت
الملائكة والجن والانس وسائر الخلق الا ليعبدون وهذا لأنه جبل وخلق كل خلقه على طاعته وعبوديتة ولذلك او ضح وبين للانسان المكلف والجن
المكلف بحقيقة خلقهما واختصهما بذلك لأنه يعلم حقيقه المكلفين من الجن والانس انهم سوف يميلون عن الحق ويشركون بالله مالم ينزل به سلطانا
والملائكة مجبولون على السمع والطاعه ويفعلون مايؤمرون
واما من تعايش مع الانسان على الارض من حيوان وطير وهوام وحوت فهم على الفطره يعرفون الله ويسبحونه ويشكرونه بل ويستنكرون عبادة غير الله
ولكى يتضح ذلك هلما الى مثلين ذكرهما الله فى كتابة من سورة النمل
1_ هدهد سليمان
جاء فى سوره النمل قوله تعالى
("وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ
مُّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ
وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ
لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ" )
(النمل: 20 ـ 28).
لعل ما ذكرناه من الآيات الكريمة من سورة النمل تحكي لنا قصة هدهد سليمان عليه السلام، وتروي لنا العجيب من خبره مع هذا النبي العظيم،
حيث نرى الهدهد استخدم أسلوب التشويق في بداية القصة حينما قال: "فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ" .
فالهدهد، أحاط أي رأى وشاهد وسمع وفهم وحلل فهو قد أحاط الموقف علماً ولذلك قال أحطت وهو يجزم أن سليمان لم يحط به: " بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ".
إن الهدهد يعرف حزم الملك وشدته، ولذلك بدأ حديثه بمفاجأة تطغى على موضوع غيبته، وتضمن إصغاء الملك له.. وأي ملك لا يستمع وأحد رعاياه يقول له:
"أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ".
– وهو قد تحرى ودقق وبحث وعرف أن القرية اسمها سبأ وهي في بلاد اليمن التى تبعد عن ملك سليمان 1200 كيلومتر تقريبا
– وهو قد جاء منها بنبأ يذاع لأول مرة عند سليمان فكلمة "جِئْتُكَ" تدل على إحضار بيانات وعلم من مكان خارج عن المكان الذي أنت فيه الآن.
إذن فالهدهد استخدم أسلوب التشويق؛ لأنه يعرف أنه جاء بسبق صحفي يذاع لأول مرة خاصة لنبي الله سليمان عليه السلام، وهو واثق من نفسه ومن النبأ
الذي جاء به، فيصفه بأنه نبأ يقين، وقد عاجل الهدهد سليمان بهذه المقدمة المشوقة لكي يمتص غضبه بسبب غيابه، ولكي يستثيره، فقول سليمان الذي
توعده بالعذاب الشديد أو الذبح استثنى أن جاء الهدهد بسلطان مبين.
يؤكد علماء الصحافة أن كل خبر صحفي ينبغي أن يتكون من ( عنوان - ومقدمة -وجسم للخبر- وخاتمة ) وعندما ننظر إلى قصة
الهدهد مع نبي الله سليمان
نجد أن الهدهد يبتكر شيئاً جديداً في عالم الصحافة حيث رآه يقسم جسم الخبر المؤكد الذي جاء به إلى نبي الله سليمان عليه السلام إلى معلومات يراها
الإعلامي، وترصدها حواسه عن أشياء معلنة يراها بعينه ويسمعها بأذنيه ويمسكها بيديه وهي كالاتى
أ – إني وجدت امرأة تملكهم،
عرف أنها امرأة، فالهدهد له عقل ويعرف الفرق بين الذكر والأنثى.
– تملكهم عرف العلاقة الإدارية بينها وبين قومها، فهي لا ترأسهم ولا تقودهم ولا تؤمهم فحسب، وهي ليست فقط ملكتهم، ولكنها تملكهم.
ب – وأوتيت من كل شيء
ومعنى هذا أن الهدهد اطلع على ملكها وقيّمه، كما أن لديه خبرة في الأشياء عرف بها كيف يقيم هذا الملك.
ج – ولها عرش عظيم،
هو يقيم عرضها ويقدر أنه عظيم، فمن الذي علمه هذا؟ لا شك أنه الله رب العالمين ولا جدال أن كل هذه الأمور الأربعة محسوسة
ومدركة بالحواس الخمس أو ببعضها.
– أنباء عن أشياء مخفية عن الحواس فهي أشياء في عقل أو قلب بعض الناس فلا تدرك بالحواس الخمس وإنما بالعقل منها.
د – "وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ"،
وأنت لا تستطيع من رؤيتك لقوم يسجدون أن تعرف أهم يسجدون لله أم للشمس، أم نفاقاً؟
فذلك في نيتهم التي لا يمكن الاطلاع عليها من الظاهر، ولكن الهدهد عرف ما في عقولهم.
س– فصدهم عن السبيل فهي أخبار لا تدرك بالحواس ولكن بالاطلاع على مخبوء العقل
ص– "لَا يَهْتَدُونَ"، وهذه معناها أن الهدهد يعرف الهدى من الضلال،
وهكذا نرى أن الهدهد في قصته الخبرية استخدم الألفاظ المناسبة التي تدل على المعنى المراد.
وعلى هذا القياس تفهم ان الهدهد يعرف ويفهم ويستوعب ويميز ويتحاور ويستنكر ويؤمن بالله ويعرف انه واحد لاشريك له هذا امر قد يفتقده كثيرا من
البشر المكلفين
اذن الخلاصه تدل على المعنى حيث ان العقل لايدل فلى النهايه ان صاحبه مؤمن وهذا يفسر اللبس والخلط عند الناس فى قضية الايمان
بالله الواحد حيث خلق الله للانسان عقلا مميزا مع تكليفه فأبى اكثر الناس الا الكفر والجحود لأن فطرتهم فسدت وانتكست فتجد ان هناك من البشر
عقولا جبارة وذكاء ملفت وعبقرية نادرة الا انه لم يهتدى بعقله هذا لعباده الله ولم يعرف الوصول الى الايمان بل تجده يعبد البقر او الشجر او الصنم
فى حين ان كل مايعبده الانسان يعرف الله ويسبح بحمده
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا
غَفُورًا) [الإسراء: 44]
1_النملة
المثل الثانى الذى يدلل على عقل مخلوقات الله او فطرتهم جاء فى قوله تعالى
( حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )
[ النمل: 18]
يعد السلوك الاجتماعي للنمل هو الأعقد بين عالم الحشرات، ، وقد ذكر المولى تبارك وتعالى قدرة النمل على التكلم، في السورة التي سماها بسورة النمل
وقد أثبت العلم وجود لغة خاصة يتفاهم بها النمل ويتواصل من خلالها حتى عن بعد. كما تعد دماغ النملة هي الأكبر بين الحشرات قياساً لحجمها، فهي
تحوي أكثر من 250000 خلية عصبية، هذه الخلايا العصبية لها مهمة إرسال الرسائل والتواصل والتخاطب...الخ، وبعض الباحثين يؤكدون أن دماغ النملة يعمل
أفضل من أي كمبيوتر في العالم!.
كيف عرف النمل أن هذا العملاق هو نبي الله سليمان ؟ وكيف عرف النمل أن هؤلاء العمالقة الذين يحيطون بسليمان هم جنوده ؟ لا شك أن هذا ذكاء
خارق لتلك الحشرة التي يستهين بها الإنسان ويطؤونها بأقدامهم دون أن يشعروا بها، كيف تقول نملة: ) وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( إذا لم تكن تعرف معنى
الشعور) لا شك أن هذا الكائن الذي ورد في القرآن الكريم على درجة عالية جدا من الذكاء وهذا ما أثبته العلم الحديث الآن.
اذن النمل يتكلم ويفهم ويعرف ويقدر الامور ويحذر اقرانه من الاخطار بل ويلتمس حسن النية لسليمان وجنوده حيث قال وهم لا يشعرون بمعنى وهم
لايقصدون كيف عرفت نملة اسم نبى الله سليمان عليه السلام وكيف قدرت وتنبئت بحدوث الخطر المحتمل وكيف تنبه اقرانها للخطر اليس هذا عقلا
وفهما وادراكا وايمانا أليس تلك الفطرة السليمه المستقيمه التى لم تفسد افضل من انسان عاقل ومكلف ولا يعرف ان هناك خطرا قادما عليه لامحاله
وهو يوم الحساب والعذاب وكم حذرنا الله الى هذا فى كتابه ومع ذلك تجد ان اكثر الناس لايعرفون ولا يؤمنون ولا يعقلون
انها الفطره السليمه والخلقة السويه الى فطر الله عليها خلقه فطره سليمه خير من عقل مريض
نسأل الله الاخلاص فى القول والعمل وان يرزقنا العمل بما علمنا انه ولى ذلك والقادر عليه والى لقاء اخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة