من الأندلس إلى الصين: رحلة الفن الإسلامي عبر قاعات المتحف

 

متحف الفن الإسلامي: جوهرة حضارية في قلب العاصمة

في قلب القاهرة، حيث تتقاطع الأزمنة وتتقاطع السلالات والثقافات، ينتصب متحف الفن الإسلامي كمنارة شاهقة للفن والمعرفة والتاريخ. وعلى مقربة من ميدان باب الخلق، الذي شهد قرونًا من التحولات السياسية والاجتماعية، يقف هذا المتحف العريق ليُعلن عن أحد أهم كنوز الحضارة الإسلامية وأثرًا ناطقًا على تطور الفن والعمران والعقيدة في قلب العالم الإسلامي.

النشأة والتأسيس

أُنشئ متحف الفن الإسلامي عام 1881 بأمر من الخديوي توفيق، بهدف حفظ وترميم القطع المعمارية المنقولة من مساجد وآثار القاهرة مثل مسجد الحاكم. وبدأ بمتحف صغير يضم 111 قطعة فقط . في عام 1903، انتقل المتحف إلى مبنى جديد في حي باب الخلق، بتصميم مميّز على الطراز النيو-مملوكي بواسطة المهندس ألفونسو مانيليسكو .

التحول والتوسع

في عام 1952، تغيّر اسم المعهد ليصبح متحف الفن الإسلامي، وتوسّعت مجموعته لتشمل فترات تمتد من العصر الأموي إلى العصر العثماني، مرورًا بالعصور العباسية والمملوكية . بحلول عام 2003، بلغ عدد القطع أكثر من 100,000، ما استدعى إعادة تصميم داخلي للمتحف بالتعاون مع قسم الفن الإسلامي في متحف اللوفر وصندوق آغا خان للثقافة، ليُعاد افتتاحه عام 2010 بعد تغييرات عرض متميزة .

التحديات والصمود

في يناير 2014، تعرض المتحف لأضرار جسيمة بسبب انفجار سيارة مفخخة بجواره، ما أسفر عن ضرر في الواجهة وبعض القطع الأثرية. بعد جهود ترميم، تمكن المتحف من إعادة الافتتاح في عام 2017 .

المجموعات والعروض

القطع المعروضة: يتضمن المتحف نحو 4,500 قطعة في 25 صالة عرض، بينما يخزن أكثر من 100,000 قطعة أخرى في المخازن .

تنوع المحتوى: يضم معروضات تشمل الخزف، الزجاج، المعادن، المنسوجات، المخطوطات، والأدوات العلمية مثل الأسطرلابات .

تحف فريدة: مثل أقدم دينار إسلامي معروف، ومحراب محمول من العصر الفاطمي (القرن الـ12)، عُرض للمرة الأولى في القرن نفسه ويُظهر براعة الحرفة والخط الزخرفي .

الموقع والخدمات

يقع المتحف في منطقة باب الخلق وسط القاهرة، ويتميز بسهولة الوصول سواء بالسيارة أو المترو (محطة السادات تبعد نحو 15 دقيقة سيرًا) . كما يقدم مرافق متنوعة للزوار، بما في ذلك مكتبة وقسم لبرامج تعليمية وبحثية، إلى جانب مقهى ومتجر للهدايا التذكارية .

لماذا يستحق المتحف الزيارة؟

يُعدّ أكبر متحف مخصص للفن الإسلامي في العالم، حيث يجمع آلاف القطع الفنية التي تعكس تطور الحضارة الإسلامية عبر الزمن والمناطق الإسلامية المتنوعة .

تجربة ثقافية فريدة تجمع بين الجمال الفني والدقة التاريخية، في مبنى عمراني يعكس عمق التراث الإسلامي.