الراهب برصيصا وخطوات الشيطان
🕯️ قصة برصيصا الراهب:
في زمنٍ من الأزمنة، كان هناك راهب يُدعى برصيصا، عُرف بين الناس بالتقوى والعبادة، وكان يعيش في صومعة يعبد الله ليل نهار، مبتعدًا عن الناس وعن متاع الدنيا ولكن ،
في تلك الفترة، قرر ثلاثة إخوة أن يخرجوا للجهاد في سبيل الله، وكان لديهم أخت جميلة، لم يعرفوا أين يتركونها حتى يعودوا. ففكروا في من هو أعبد الناس وأكثرهم أمانة، فلم يجدوا أفضل من الراهب برصيصا آنذاك.
ذهبوا إليه وطلبوا منه أن يحرس أختهم إلى حين عودتهم، فرفض في البداية، لأنه لا يريد أن يختلط بالناس، وخاصة النساء. لكنهم ألحّوا عليه، فأوحى إليه الشيطان أن في ذلك عمل خير، فوافق في النهاية.
🏠 بداية الفتنة:
وضع الإخوة أختهم في بيتٍ قريب من صومعة الراهب. في البداية، كان برصيصا يضع الطعام عند الباب، ويدق عليها ثم يعود لصومعته دون أن يراها. لكن مع مرور الوقت، بدأ الشيطان يوسوس له: "ما الضرر إن تحدثت معها لتطمئن؟".
وفعل. شيئًا فشيئًا، صار يجلس معها ويتحدث، ثم بدأ يُعجب بها، حتى وقع في الزنا معها!
🤰 الكارثة:
حملت الفتاة من برصيصا، فخاف أن يفتضح أمره. وبدلاً من التوبة، وسوس له الشيطان أن يقتلها ويتخلص من الطفل. وبالفعل، قتلها ودفنها سرًا.
عندما عاد إخوتها وسألوا عنها، قال لهم إنها ماتت مرضًا، وأنه صلى عليها ودفنها. فصدقوه، لأنه كان معروفًا بالتقوى.
لكن الله لا يُخفي عليه شيء...
👿 الفضيحة:
جاء الشيطان في المنام إلى الإخوة، وكشف لهم مكان قبر أختهم، وأخبرهم بما فعله الراهب. وعندما ذهبوا للمكان الذي أخبرهم به، وجدوا أختهم مدفونة مع الطفل.
أخذوا الراهب إلى الحاكم، واعترف بفعلته، فحُكم عليه بالإعدام.
😈 آخر حيلة للشيطان:
وهو في طريقه للإعدام، ظهر له الشيطان مجددًا في هيئة رجل، وقال له:
"أنا من أوقعتك في هذا كله، وأنا الوحيد الذي أقدر أن أنقذك! اسجد لي مرةً واحدة فقط، وسأنقذك!"
في لحظة ضعف، وافق برصيصا، وسجد للشيطان.
عندها، قال له الشيطان:
"كفرت بربك يا برصيصا! أنا بريء منك! إني أخاف الله رب العالمين!"
ثم تركه وهلك برصيصا كافرًا بعد أن كان من أعظم العُبّاد!
📜 الحكم والعبر المستفادة:
خطورة خطوات الشيطان:
الشيطان لا يأتي بالمعصية دفعة واحدة، بل يُزينها خطوةً خطوة (كما في قوله تعالى:
"ولا تتبعوا خطوات الشيطان" - [البقرة: 168]).
لا تغتر بالعبادة فقط:
برصيصا كان عابدًا، لكنه يفتقد العلم والبصيرة، فوقع في أعظم الذنوب: الزنا، القتل، والكفر!
الخلوة بالنساء من أسباب الفتنة:
الخلوة المحرّمة تؤدي إلى الوقوع في الزنا، حتى لو كان الإنسان تقيًّا.
الذنوب تجر إلى ذنوب أعظم:
بدأ الأمر بمخالطة بسيطة، وانتهى بالكفر.
التوبة هي النجاة، لا التمادي:
لو تاب برصيصا من البداية، لرحمه الله، لكنه اختار الكذب والقتل والكفر.
الشيطان عدو الإنسان الأول:
قال تعالى:
"إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا" - [فاطر: 6].
ملاحظة هامة:
قصة برصيصا ليست مذكورة في القرآن الكريم نصًا، لكنها جاءت في كتب التفسير والقصص الإسرائيلية التي رويت عن بعض الصحابة والتابعين (مثل ابن عباس ومجاهد وقتادة). وقد وردت إشارات لها في تفسير قول الله تعالى:
"كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ، فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ"
[الحشر: 16]
