معركة اليرموك والإيثار الخالد بين الصحابه

معركة اليرموك والإيثار الخالد بين الصحابه

Rating 5 out of 5.
2 reviews

معركة اليرموك وتعامل الصحابه 

تزخر سيرة الصحابة رضي الله عنهم بمواقف إنسانية عظيمة، تتجاوز حدود البطولة العسكرية إلى قمم التضحية والإيثار. ومن أبرز المشاهد التي لا يعرفها الكثيرون ما حدث بعد معركة اليرموك، حين ضرب ثلاثة من الصحابة الكبار أروع مثال على الإيثار في لحظة الموت. إنها قصة خالدة تحمل في طياتها دروسًا في الإنسانية، التضحية، ووضع الآخرين فوق النفس.وقعت معركة اليرموك في السنة الخامسة عشرة للهجرة، في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بقيادة القائد العظيم خالد بن الوليد رضي الله عنه. كانت مواجهة حاسمة بين المسلمين والروم بقيادة القائد البيزنطي تيودور، وتُعتبر من أعظم معارك الفتح الإسلامي للشام.

اشترك في هذه المعركة عدد من كبار الصحابة مثل معاذ بن جبل، شرحبيل بن حسنة، أبو عبيدة بن الجراح، وغيرهم من الأبطال الذين سطروا صفحات مجيدة في التاريخ.انتهت المعركة بانتصار ساحق للمسلمين، وانهزام جيوش الروم، مما فتح الباب أمام الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام. لكن، وسط هذا النصر الكبير، كانت هناك مشاهد إنسانية لا تقل عظمة عن النصر نفسه.image about معركة اليرموك والإيثار الخالد بين الصحابه

المشهد المؤثر بعد القتال 

بعد انتهاء القتال، امتلأ الميدان بالجرحى، وكان من بينهم ثلاثة من الصحابة البارزين:الحارث بن هشام رضي الله عنه: من فرسان قريش الذين أسلموا بعد فتح مكة.

عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه: ابن زعيم قريش أبو جهل، الذي كان من أشد أعداء الإسلام، لكنه أسلم وأصبح من أخلص جنود الله.

سهيل بن عمرو رضي الله عنه: خطيب قريش الذي كان له موقف شهير في صلح الحديبية، ثم شرح الله صدره للإسلام.كان الثلاثة في لحظات حرجة، جرحى منهكون وعطشى عطشًا شديدًا تحت شمس المعركة الحارقة.اقترب أحد المسلمين يحمل إناء ماء ليُسقي الحارث بن هشام أولًا، ففتح الحارث عينيه بصعوبة، لكنه رأى ابن عمه وصديقه عكرمة يتلوى من شدة العطش، فأشار بيده أن يُعطى الماء له أولًا.

انتقل الرجل إلى عكرمة، فلما قُرّب إليه الماء، نظر إلى سهيل بن عمرو الذي كان يئن بجواره، فأشار أن يُعطى سهيل أولًا.

فلما وصل الإناء إلى سهيل، كان قد أسلم الروح وفارق الحياة. فعاد الرجل سريعًا إلى عكرمة، فوجده قد لحق به. ثم رجع إلى الحارث، فإذا به قد مات هو الآخر!لقد ماتوا جميعًا دون أن يشرب أحدهم قطرة ماء، ليتركوا للأمة درسًا خالدًا في معنى الإيثار الحقيقي.

هذا المشهد القصير يلخص قيما عظيمة:

1. الإيثار: أن يقدم الصحابي أخاه على نفسه رغم حاجته الماسة.

 

2. الأخوة في الله: فقد جمع الإسلام بين رجال كانوا في يوم من الأيام أعداء في مكة، فإذا بهم اليوم يموتون وهم يقدمون بعضهم على بعض.

 

3. التضحية: جعلوا حياتهم أقل شأنًا من أنانية النفس، مقدمين رضا الله على شهواتهم.

أثر القصه في التاريخ 

خلّد المؤرخون هذه القصة لتكون شاهدًا على عظمة جيل الصحابة. فقد ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية، وأوردها ابن عبد البر في الاستيعاب، لتكون مثالًا خالدًا على ما غرسه الإسلام في نفوس رجاله.

هذه القصة ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي مصدر إلهام لكل الأجيال. إنها تقول لنا بوضوح: عظمة الأمة ليست فقط في انتصاراتها العسكرية، بل في قيمها الإنسانية وأخلاق رجالها.

معركة اليرموك لم تكن مجرد انتصار عسكري فتح أبواب الشام، بل كانت أيضًا مسرحًا لمواقف إنسانية تبقى أبد الدهر. قصة الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو رضي الله عنهم، تظل درسًا خالدًا في التضحية والإيثار، ورسالة لكل مسلم أن يعيش لغيره كما يعيش لنفسه.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

3

followings

0

similar articles
-