التِّجَارَةِ مَعَ اللَّهِ عَزْوِجل
قِصَّةُ حَقِيقِيَّة حَدَثَتْ مُنْذُ 80سَنَةٍ
مقدمة
يَقُولَ صَاحِبُ الْقِصَّة ؛ كُنَّا نُرَبِّي الْأَغْنَام ,فَإِذَا كَبِرَتْ وَسَمِنَتْ نَأْخُذُهَا لِلسُّوق لِبَيْعِهَا هُنَاكَ , وَكَانَ السُّوق يَبْعُد كَثِيرًا عَنْ الْمِنْطَقَةِ الَّتِي نُسُكٍنها
وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ أَصَابَتْنِي حَاجَة , فَذَهَبَتْ اتِّفَقد الْأَغْنَام فَلَمْ أَجِدْ سِوَى خَرُوفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْع فَقَدْ كَانَ كَبِيرًا وَسَمَّيْنَا , وَلَوْلَا حَاجَتِي لِلنُّقُود لَنْ أَذْهَبَ مِنْ أَجْلِ خَرُوف وَاحِدٌ .
أُخِذَتْ الْخَرُوف وَمَشَيْت فِي طَرِيقِي , وَكَانَتْ الطَّرِيقُ وَعِرَة , فَقَابَلَتْ رَجُلًا مِنْ مِنْطَقَةٍ أُخْرَى مَعَهُ عَدَدٌ مِنْ الْخِرْفَان ,

فَسَأَلْتُه
إلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِب ؟
أَجَابَنِي : ذَاهِبٌ إلَى السُّوقِ كَيْ أَبِيعُ هَذِهِ الْخِرْفَان .
فَقُلْت لَهُ :
أَنَا كَذَلِكَ مُتَّجَهٌ إلَى السُّوقِ
فَمَشَيْنَا مَعًا , هُوَ لَدَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ 10خِرْفَانٍ , وَأَنَا لَدَى خَرُوفٍ وَاحِدٍ

وَفِي أَثْنَاءِ سَيَّرْنَا رَأَيْنَا خَيْمَة فَقُلْت لِصَاحِبَيْ :
لِنَذْهَبْ إِلَى هَذِهِ الْخَيْمَةَ وَنَسْتَرِيح عِنْدَهُمْ قَلْبِلا.
فَقَالَ لِي : لَا بَأْسَ
وَعِنْدَمَا وَصَلْنَا إِلَى الْخَيْمَةِ , وَجَدْنَا إمَام الْخَيْمَة 3 صِبْيَان يَتَضَوَّرُون جُوعًا , وَيَبْدُو عَلَيْهِمْ الْفَقْر الشَّدِيد , فَسَأَلْتُهُمْ
أَيْن أَبَاكُمْ ؟
فَقَالُوا : ذَهَبَ , وَأُمِّي وَلَدَتْ الْبَارِحَة وَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ نَأْكُلُه .
فَقُلْتُ لِصَاحِبِي : مَا رَأْيُكَ أَنْ نَذْبَحَ خَرُوفًا مِنْ خُرْفَانك وَنَطَبخه لَهُمْ , عَلَيْكَ النَّصِّ وَعَلَى النَّصِّ
فَقَالَ : لَنْ أَذْبَح خَرُوفًا مِنْ خُرْفَاني , إذَا أَرَدْت أَذْبَح خُرُوفك .
فَقُلْتُ لَهُ :سَأَذْبح خُرُوفي , لَنْ أَتْرُك الْأَطْفَالِ بِهَذَا الْحَالِ , فَذُبِحَتْ الْخَرُوف وَأَطْعَمَتْ الْأَطْفَال وَأُمُّهُمْ فَفَرِحُوا بِذَلِك وَابْسُطُوا وَكَانُوا فِي غَايَةِ السَّعَادَةِ , ثُمَّ تَعَشَّيْت أَنَا وَصَاحِبِي , وَعَلِقَتْ مَا تَبْقَى مِنْ الذَّبِيحَةِ , ثُمَّ انْطَلَقْنَا , وَفِي أَثْنَاءِ سَيَّرْنَا قُلْت لِصَاحِبَيْ :
لَمْ يَعُدْ لِي حَاجَةٌ لَأَذْهَبُ إلَى السُّوقِ سَأَذْهَب إلَى أَحَدٍ أَقَارِبِي يَسْكُن قَرِيبًا مِنْ هُنَا , وَعِنْدَما وَصَلْتُ إِلَى قَرِيبِي رَحَّبَ بِي , وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنَّ يُقْرِضْنِي نُقُودًا لِأَشْتَرِي حَاجِيَّات أَوْلَادِي , فِي اللَّيْلِ ذَهَبَتْ كَيْ أَقْضِي حَادِتي وَابْتَعَدَتْ عَنْ الْخَيْمَة كَثِيرًا , وَلَمَا انْتَهَيْت رَأَيْتُ شَيْئًا أَمَامِي كَأَنَّهُ قِطْعَةُ جِلْد , فَرَفَعَتْه ف‘ذَا هُوَ كِيسٍ مِنْ قُمَاشٍ فِيهِ قَطْعُ ذَهَبِيَّة ,فَأَخَذَتْه وَتَذَكَّرْت مَا صَنَعْتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ , وَعَوِّضْنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ , فَعُدْت إلَى الْخَيْمَة وَجَلَسْتُ مَعَ قَرِيبِي هَذَا , وَفِي الصَّبَاحِ عِنْدَمَا أَرَدْت الذَّهَاب أَعْطَانِي النُّقُودَ الَّتِي طَلَبَتْهَا مِنْهُ , فَقُلْتُ لَهُ :
لَمْ يَعُدْ لِي بِهَا حَاجَةٌ , وَأُخْرِجَتْ 5 قَطَع ذَهَبِيَّة وَأَعْطَيْتُهَا لَه , سَأَلَنِي مَا هَذَا ؟
أَجَبْتُه: هَذَا رِزْقُ سَاقَهُ اللَّهُ لِي وَلَك .
ذَهَبَتْ اللَّيّ السُّوق وَاشْتَرَيْت حَاجِيَّات أَوْلَادِي , وَأَثْنَاء عَوْدَتِي قَابَلْت صَاحِبِي وَكَان حَزِينًا مَهْمُومًا فَسَأَلْتُهُ :
هَلْ بِعْت الْخِرْفَان
فَقَالَ لِي :لَا وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ أَثْنَاءَ سَيْرِهِ هَطَل مَطَرٌ غَزِيرٌ وَجَرَتْ السُّيُول فِي الْوَادِي وَنَجَا بِنَفْسِهِ , وَأَخَذَتْ السُّيُول جَمِيع الْخِرْفَان , وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ .
أَنَّهَا الْمُتَاجَرَة مَع اللَّه
- فَصَنَايع الْمَعْرُوفُ
- تَقِي مَصَارِعَ السُّوءَ ,
- وَمِنْ سَار جَابِرًا لِلْخَوَاطِر
أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْ جَوْفِ الْمَخَاطِر
____________________________________
بعض الأحاديث والايات عن عوض ربنا
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
قصة أيوب عليه السلام: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ}.
قصة زكريا عليه السلام: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}.
قصة يوسف عليه السلام: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (عندما قالها بعد أن منّ الله عليه وعلى أخيه).
أحاديث نبوية وأقوال مأثورة عن عوض الله:
"إذا أحب الله قوماً ابتلاهم": فالابتلاء تمهيد للعوض والتمحيص.
"ما ترك شيء لله إلا عوضه الله خيراً منه": دليل على أن تركنا لأجل الله يُقابَل بأفضل مما تركنا.
"إن لم يأتيك ما أردت، سيأتيك ما يُنسيك كل ما أردت": يعبر عن أن عوض الله قد يأتي بصورة أجمل بكثير مما توقعنا.