اسباب سقوط الاندلس من ايدي المسلمين
كانت الاندلس من اكثر المناطق الاسلامية جمالاً، وأفضلها ريحاً، واطيبها جواً، وكان سكانها من العرب والمسلمين من اكثر الناس فصاحة وبلاغة، وقد خرج منها الزعماء والقادة والشعراء والفرسان والنحويين والقراء والشيوخ والعلماء، قال عنها احد القادة المسلمين: “ شـامية في طيبها وهوائها، يمنية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها، اهوازية في عظم جبايتها، صينية في معادن جواهرها، عدنية في سواحلها "
وقال عنها احد الشعراء في رثائها قائلاً:
لا انت أنتِ ولا الديارُ ديارُ
خف الهـوى وتولت الأمطارُ
كانـت مُجاورة الطلول واهلها
زمناً عذاب الوردِ فهي بِحارُ
…
لم تسقط الاندلس بسبب الغزوات الخارجية، ولم يضعفها ذلك كثيرا في كثير من الاحيان، لذلك لجأ اعداء الاندلس الى حيلة خطيرة، وهي ضرب العضم بالعضم والكتف بالكتف، فجعلوا يبثون الفتنة بين المسلمين في الاندلس ليضربوهما ببعض مما يسهل التفككات الداخلية بين الجنود والعساكر حتى تأتي الطامة الكبرى والهزيمة الساحقة، وهي التدخل الخارجي المدمر بعدها، وهذا ما حصل بالضبط، ومن اهم اسباب سقوطها هو بث الفتنة اليمنية القيسية او القحطانية والعدنانية .
1: القحطانية والعدنانية هما شعبين ، ينتسب لهم العرب جميعاً، فيقال ان قحطان هو ابو الجنوب المعروف بـ “ اليمن ” وعدنان هو ابو الشمال المعروف بـ “ نجد والحجاز ” ، كان من الاول فرسان وشعراء وحكماء وبلغاء وقادة، وكان للأخير مثل ذلك، حاربا هاذين الشعبين جانبا لجانب وكتفا لكتف لنشر دين الله سبحانه جل وعلا، واستطاعوا ان يفتحوا البلدان وان ينشروا الاسلام فيها، وان يعمروا البلدان التي فتحوها بما فيها الاندلس، حتى صارت تحت ظل الخلافة الاسلامية، الى ان تم بث الفتنة بين الشعبين ونشر التعصبات القبلية بينهما من قِبل الاطراف الخارجية والعدائية، وسرعان ما تعاركا واختلفا في ما بينهما، فألتقيا في مواقع عديدة ومعارك كبيرة، ضعف منها الطرفان، وتساقط من الجنبين ابطالها، وضعفت الاندلس بتحاربهم بينهم البين، مما سهل بشكل كبير اغتنام الاطراف الخارجية هذه الفتنة، والدخول الى الاندلس وغزوها في عهد ابي عبدالله الصغير، آخر حكام سلالة بني الأحمر الاندلسية في الاندلس، وتسليم مفاتيح غرناطة اخر مدن المسلمين في الاندلس، وبذلك التسليم، تنتهي حكاية ثمانية قرون من السعادة، تنتهي حكاية ثمانية قرون من البقاء في الفردوس المفقود ، تنتهي حكاية الأندلس العزيزة…
.
2: كان الترف من اهم اسباب سقوط الاندلس، ففي اواخر الاندلس انشغل المسلمون وخصوصا امراء الاندلس بالترف والاسراف في صرف الاموال، واكل اشهى المأكولات والسكن في افخم القصور والمباني وارتداء الملابس الغالية الثمينة والفخمة، وانشغلوا عن دفاعهم عن الاندلس والذود عنها من بطش الكفار، مما سهل للكفار في غزوها وضمها اليهم.
.
3: في اواخر الاندلس، كثر الانحراف عن شرع الله سبحانه وتعالى، فقد كثر الخمر واللهو والغناء والموسيقى والجواري وغيره مما سهل سقوط الاندلس في ايدي الكفار، وكان يقال انه لم تقم حدود شاربي الخمر في ذلك الوقت، وهذه احدى المصائب التي حلت في ساكني الاندلس، فما في موضع ابتعد عن طاعة الله، الا كان خرابُه بسبب ابتعاده، ومما يحكى في انتشار الغناء والطرب واللهو والموسيقى في ذلك الوقت، ان الامراء كانوا يبنون للمغنيات قصوراً بجانب قصورهم، لتعليمهم الغناء والموسيقى وغير ذلك من الاعمال ، في وقت كانت كثير من المناطق والمدن الاندلسية تتساقط ويُقتل اهلها وتسبى نساؤها، والله المستعان.
.
4: كان من اهم اسباب سقوط الاندلس موالاة ومصادقة الكفار ، فقد كانت الهدايا تترادد بين ابن رزين الملقب بحسام الدولة، وبين الفونسو الذي احتل طليطلة الاندلسية، فجازاه الفونسو بإهدائه قرداً كأحتقار لحسام الدولة، ولكن الغريب ان حسام الدولة رحل مفتخراً بتلك الهدية، كما ذُكر في بعض الاخبار.
.
نتمنى ان المقالة نالت اعجابكم، لا تنسونا من دعمكم.