معنى الرزق في الأرض ومفاتيحه في السماء!

معنى الرزق في الأرض ومفاتيحه في السماء!

0 reviews

الرزق.. ذلك الهدف الذي يبحث عنه كل البشر. ولكن هل يعلم الجميع معنى الرزق أو أنواعه؟ هل يسعى الجميع لمعرفة أسرار الرزق والسعي إلى  مفاتيحه؟  بل هل يدرك كل عبد ما يُرزق به كل يوم وليلة ولحظة من عمره؟ 

وهل سعيه للمزيد يُعد طمعاً؟  أم طلباً للرزق من الرزاق مالك خزائن الأرزاق؟

كل هذا وأكثر سنتعمّق فيه في هذه المقالة التي تكتبها أطراف أصابعي ليس نقراً على لوحة التحكم.. بل عزفا على أوتار قلبي ورفقاً بخلايا عقلي الذي يفكر دوماً في حقيقة الحياة والرزق والسعي في هذه الدنيا، فإلى ما نسعى منذ تكوُّن وعينا بالحياة حتى نهاية أيامنا فيها؟؟  

ما هو مفهوم الرزق؟ 

ماذا يقول الله عن الرزق؟ يقول الله تعالى في كتابه الحكيم 

(بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَـٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ) ﴿٢٥ البقر

(كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ﴿٦٠ البقرة﴾

وفي هذين المثالين كان يشير الله إلى أن الطعام رزقاً

كما يقول الله 

(وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ ... ﴿٢٣٣ البقرة﴾

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم ) ﴿٢٥٤ البقرة﴾

و هنا يشير عز وجل إلى أن المال أيضاً رزقاً

وقال الله عز وجل 

(وما أنزل الله من السماء من رزق) (الجاثية:5)،

وهنا جاء قوله عن المطر بأنه رزقا

ولما قال عز وجل 

(بل أحياء عند ربهم يرزقون) آل عمران:169 

كان الرزق  هنا ثواب الآخرة، وهكذا فإن معنى الرزق هو كل ما يُنتَفَع به، وكل ما أنعم به الله على خلقه لكن …

يكاد ينحصر تفكيرنا في أن الرزق هو المال .. وهذا كلام لا غبار عليه ، فالمال مهم وهو سبب في الحصول على الكثير من مسببات الراحة والسعادة في الدنيا .. لكن عليك ألا تنسى أن الرزق ليس مال فقط .. تأمل حالك ستجد أنك تتنعم في عدد لا يحصى من النعم (الرزق) التي يملكها فقط ملك الملوك أليس كذلك؟

هل هذا ما ندركه كبشر أم أننا .. نخاف!!

 

الخوف على الرزق:

لا تنكر عزيزي القارئ أنك أحيانا ولو قليلة أصابك الخوف .. الخوف من غضب مديرك حتى لا ينقطع مرتبك (رزقك) .. الخوف من فشل مشروعك حتى لا تخسر أموالك (رزقك)، أو الخوف من الفقر … إن كان هذا حدث معك فلا لوم عليك، لأنك بشر ومن صفات البشر الخوف أحيانا والضعف أحيانا أخرى.

لكن عليك أن تذكر نفسك وتسألها و تجيبها أيضا  على هذا السؤال  “من الذي يملك الرزق؟”  أهو مديرك أم الله؟ أهم البشر ولو اجتمعوا أم الله؟ .. فلا تخف الله هو من يملك الرزق وقد أعطاك مفاتيحه!

 

مفاتيح الرزق ومغاليقه!

هل للرزق مفاتيح؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما مغاليقه وكيف ولماذا قد يُغلق؟

نعم للرزق مفاتيح أولها العمل الصالح،  فمن الطبيعي أن يكون العمل الصالح في الحياة الدنيا من مفاتيح الرزق. وكذلك السعي، وشكر النعمة، وصلة الأرحام. كما أن الصدقات والإحسان إلى الفقراء من مفاتيح الرزق، وتحرِّي الحلال والبُعد عن الشبهات من مفاتيح الرزق … 

وهكذا عزيزي القارئ تعرفنا على مفهوم الرزق ومفاتيحه، فما هي مغاليق الرزق التي تتسبب في حبسه عن الإنسان؟

من المؤكد أن عكس كل ما سب ذكره من مفاتيح الرزق هي مغاليق له، فالمعاصي والمنكرات وقطع الأرحام وسوء الأخلاق والبخل والكبائر من أسباب انقطاع الرزق ولكن؟؟؟

ماذا عن الكفار والعصاة والطغاة الذين نرى فيهم مظاهر الغنى الفاحش والثراء اللا محدود ؟؟ مهلاً لا تنخدع فليس كل الرزق مالاً كما ذكرنا فقد يُرزق الشخص بالمال ويًبتلى في الصحة والعمر أو تُمسك عليه راحة البال والبركة مثلاً. ..

ولكن هنا أثير في نفسي وربما نفسك سؤال.. لماذا قد يرزق الله العاصي مالا وتوفيقا ونجاحا ويحرم المؤمن ؟؟؟ 

العلاقة بين الرزق والإيمان:

أليس الإيمان والعمل الصالح والاستغفار والدعاء من أسباب ومفاتيح الرزق؟ إذا لماذا لا يرتبط الإيمان بالرزق بجميع أنواعه  فنجد من المؤمنين الصالحين الفقير والمُعسِر والمُبتلى بعدم التوفيق أو بالمرض أو بعدم الإنجاب؟ ولفهم الأسباب، الأمر يقتضي فهم حكمة المولى في هذا.

إذ أن الله سبحانه وتعالى يقبل من عبده المؤمن إيمانه ويجازيه ثوابا في الدنيا من أنواع الرزق التي لا تقتصر على المال، وثوابا وكرما وإحسانا في الآخرة. أما عبده العاصي فيقابل الله عز وجل عِصيانه وكفره بالعدل وهو أعدل الحاكمين فقد يكون عاصيا وفاحشا يأكل من حرام ولكن يحسن إلى أهله مثلا أو يساعد فقيرا …  فيرزقه الله بعدله ثوابه عن أي عمل صالح قام به في الدنيا فقط دون الآخرة.

فالله عنده خزائن الرزق يفتحها لمن يشاء.. انتظر لحظة! عندي تساؤلا آخر ربما هو عندك أيضا …… مادام الأمر كذلك، لماذا لا يرزقنا الله جميعا ويبسط الرزق لنا جميعا؟ فيرزق المؤمن في الدنيا من أسباب سعادتها بقدر إيمانه ويرزق العاصي كذلك بقدر عمله الصالح؟  وهكذا ينتشر السلام وربما يتوب العاصي فلا فقر ولا جريمة ولا حسد،  آآآآه إنها الجنة أليس كذلك؟

ولو بسط الله الرزق لعباده .. الكون 25

نعم، يملك الله خزائن الرزق وبيده أن يفتحها لكل خلقه، أتعتقد أن في هذا سعادة البشر ؟ إذا كان كذلك فاقرأ السطور التالية …

تجربة الكون 25 “الجنة”: 

في هذه التجربة التي أُجريت في عام 1958، قام العالم الأمريكي  “جون كالهون” بصنع جنة بكل معنى الكلمة لأربع أزواج من الفئران ووفر لهم كل أنواع الرزق المعروفة في عالم الفئران من طعام وشراب وألعاب. فلا جوع ولا أعداء من بني البشر أو بني الحيوان تهاجمهم، ولا برد قارص وحتى شمس حامية … فكأنه -ولله المثل الأعلى- بسط لهم من الرزق ما يشاؤون !!

فماذا كانت النتيجة؟

كانت التتيجة كالتالي حسب ترتيب الأحداث:-

تكاثر وازدهار

زيادة المواليد والنمو 

بدأت الفئران الأقوى والأكبر في مهاجمة الأصغر والأضعف

ظهور الانهيار النفسي بين الذكور 

ظهور العدوانية بين النساء

النفور والانعزال بين الجنسين 

مهاجمة الأمهات لصغارها!

انخفاض كبير في معدل المواليد 

وصول نسبة موت المواليد لنسبة 100 %

انتشار العنف والوحشية بلا سبب 

بدأت الفئران في أكل لحوم بعضها بالرغم من توافر كل أنواع الطعام!!!

انتهاء بالفناء التام لكل المجموعة …

 وهنا وقف العلماء في ذهول عندما صرخ العلم مثبتا قول الله عز وجل في كتابه الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 عاما في سورة الشورى 

﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينـزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير ﴾ [ الشورى: 27] 

وكذلك هو الحال وأفظع طبعا إذا بسط الله الرزق لكل عباده.. كفانا ما أصبحنا نراه اليوم من بشاعة ووحشية تظهر في المجتمعات بين الحين والآخر وتزداد على مدى العصور شيئا فشيئا نتيجة امتلاك البعض للمال والسلطة والشهرة والنفوذ بين البشر.. فما بالك لو فتح ملك الملوك علينا خزائن رزقه!!

وبعد أن أحيى هذا المثال العملي روح الإيمان في قلبي وقلبِك  عزيزي القارئ، فأنصح نفسي وأنصحك بالامتثال والتسليم لقضاء الله وإرادته فيما قضى لنا من رزق. والاكنفاء فقط بما علينا من واجب تجاه أنفسنا .. فما هو هذا الواجب؟؟

 

واجبك نحو الرزق!

يقول عز من قائل في سورة النجم (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [النجم:39]، فما عليك إلا السعي إلى رزقك مقتفيا الحلال منه ومتوكلا على الله فيرزقك الله التوفيق والفلاح والبركة في الرزق بإذن الله تعالى.

 

الخلاصة

نحن غارقون في زحامِ من النعم .. فالرزق ليس مالا فقط، فلا تنظر إلى شأن العصاة المنعمون فهم محرومون من رزق الآخرة، أما أنت فتوكل على الله بالسعي والعمل واجعل الله في قلبك يكن لك عونا. واعلم أنه يملك خزائن الرزق ينزل لك بها بقدر مل ينفع دنياك وآخرتك. 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

1

followers

1

followings

1

similar articles