وعلي الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم
الاعراف كلما قرات القران تستوقفني هذه السورة واتدبر معانيها لما فيها من نعيم . تعتبر سورة الأعراف من أطول السّور في القرآن الكريم، وهي سورة مكيّة يبلغ عدد آياتها مئتين وستّ آيات، وهي سورة عظيمة اشتملت على ذكر قصص الأنبياء وحالهم مع أقوامهم، كما ذكرت هذه السّورة الكريمة قصّة الأعراف وأهلها، وسميّت السّورة باسمها، فما هي الأعراف ولماذا سمّيت بذلك؟ وأين تقع الأعراف؟
أخبرت الشريعة الإسلامية عن وجود مكانٍ بين الجنّة والنار يسمّى الأعراف، وهو سورٌ عالٍ يستطيع من يكون فوقه من أهله أن ينظر إلى أهل الجنة وأهل النار، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)،[٤] حيث ورد في بيان أهل الأعراف عددٌ من الأقوال، إلّا أنّ الراجح فيها أنّهم قومٌ استوت حسناتهم مع سيئاتهم، وفيما يأتي بيان باقي الأقوال التي تحدّثت عن أهل الأعراف:[٥] قيل إنّهم قومٌ خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله، دون إذن أهلهم، فقُتلوا أثناء ذلك، فكان قتلهم في سبيل الله سبباً في إعتاقهم من النار، وكانت معصيتهم لأهلهم سبباً في عدم دخول الجنة. قيل إنّهم قومٌ رضي عنهم أحد والديهم دون الآخر، فيقفون على الأعرف إلى أن يقضي الله بين الناس، ثمّ يدخلون الجنة. قيل إنّهم أهل الفترة، وأطفال المشركين. قيل إنّهم أهل الفضل من المؤمنين، يكونون على الأعراف؛ ليطّلعوا على أهل الجنة وأهل النار. قيل إنّهم من الملائكة، وليس من البشر. وقد ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- القول الأول، الدالّ على أنّ أهل الأعراف هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وقال حذيفة، وابن عباس -رضي الله عنهما- في ذلك إنّ أهل الأعراف قومٌ قصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، ويكونون على السور الذي يُضرب بين الجنة والنار، فيكون باطنه فيه الرحمة؛ لأنّه من جهة الجنة وأهلها، وظاهره فيه العذاب؛ لأنّه من جهة النار وأهلها، وكلمّا نظروا إلى جهة أهل الجنة قالوا لهم سلامٌ عليكم، وإذا نظروا إلى جهة أهل النار دعوا الله -تعالى- ألّا يجعلهم معهم في النار، ومصيرهم أنّ الله -تعالى- في النهاية يدخلهم الجنة برحمته، ولا يدخلون النار، ويكونون آخر أهل الجنة دخولاً إليه .
هذه هي حكاية أصحاب الأعراف وخوفهم من الحساب وشوقهم للجنة. فيا رب يا رحمن اكتب لنا رضاك وجنتك يا رحيم