تفسير آيات من سورة يوسف - الجزء الخامس
نستكمل تفسير آيات سورة يوسف وهي الآيات من 36 إلى 38.
بعد أن ظهرت براءة سيدنا يوسف من تهمة زوجة عزيز مصر، كثر حديث الناس حول هذه القضية. وفي محاولة للتغطية عليها قرر عزيز مصر أن يسجن سيدنا يوسف عليه السلام.
(وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِۖ)
في الوقت الذي دخل فيه يوسف عليه السلام إلى السجن، قُبض على رجلين وتم إلقاؤهما في السجن أيضاً. كان يوسف عليه السلام حكيماً ذا علم غزيز وطبع حسن رقيق، فأحبه معظم من كان معه في السجن.
ويقول المفسرون أن الرجليدان كانا قد تآمرا على قتل الملك بوضع السم في طعامه، ولكن أحدهما اعترف بذلك قبل أن يأكل الملك، فأدخلا السجن.
(قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗاۖ وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ)
في أحد الأيام رآ كل من الرجلين حلما في منامه، فقاما يخبران سيدنا يوسف عليه السلام به. فقال الأول: لقد رأيت نفسي في المنام أعصر الفاكهة خمراً وأسقي به. وقال الرجل الآخر: لقد رأيت أنني أحمل الخبز على رأسي، وكانت الطيور تأتي لتأكل منه.
(نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِۦٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)
يقولان ليوسف عليه السلام، أخبرنا بتفسير هذه الأحلام، إنا قد عرفناك صادقاً عالماً.
(قَالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ)
كان يوسف عليه السلام يعرف تأويل رؤياهما بما أوحى إليه الله به، ولكنه كان يريد أن يبرهن لهما على نوته بمعحزة، حتى يثقوا بالتفسير الذي سيقوله. قال لهم سأخبركم بنوع الطعام الذي سنتناوله كل يوم قبل أن يأتي إلينا. وكان سيدنا يوسف يقول لهم أن الطعام كذا، فيكون كما قال.
(ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ)
ثم يقر يوسف عليه السلام بفضل الله تعالى عليه وأن هذا كله مما علمه الله إياه.
(إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ)
و(تركت) هنا ليست تعني أنه كان فيها ثم تركها، إنما تعني أنه لم يدخلها أصلاً. يقول أن الله من علي بهذا العلم فأنا أؤمن به وباليوم الآخر وأشرك بكل ما سواه.
(وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ)
ثم يتحدث سيدنا يوسف عن أن الدين الحق هو الذي جاء يدعو إليه أبوه يعقوب وجده إسحاق وجده إبراهيم عليهم السلام. وأنه لا يجوز لأحد أن يشرك بالله تعالى لأنه خالقهم. هذا ما فضلني الله به عن الناس فعلي أن أشكره، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.أظهرت هذه الآيات إحدى معجزات سيدنا يوسف عليه السلام، والتي دللت وبرهنت على نبوته.