سبب نزول سورة الكافرون
سبب نزول سورة الكافرون
سبب نزول سورة الكافرون
ذَكر ابنُ عباس- رضي الله عنه- في سبب نُزول سورة الكافرون أنّ جماعةً من كِبار قُريش ؛ كالوليد بن المُغيرة وأبي جهل وغيرهم ، جاؤوا إلى النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- ، وطلبوا منه أن يكون مَلِكاً عليهم ، وأن يترك الدّعوة إلى الإسلام ، وإذا لم يقبل بذلك ، فيعبد آلهتم يوماً ، ويعبدون إلهه يوماً ، فأخبرهم النبيّ أنه لن يعبد آلهتم ، ولن يعبدوا إلهه ، وقيل في سبب نزولها أنّ رجالاً من قريش جاءوا إلى النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- ، وقالوا له" يا محمد ، هلمّ اتّبع ديننا ونتّبع دينك" ، فنزلت السُّورة فيهم.
وقال ابن عباس- رضي الله عنه- قدِم بعض المُشركين إلى النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- وعرضوا عليه المال حتى يُصبح أغناهم ، وأن يُزوّجوه بمن يُريدُ من النّساء مُقابل أن يتوقّف عن ذكر آلهتهم بسوء ، فإن لم يقبل ، فليعبُد آلهتهم سنة ، ويعبدوا آلهته سنة ، فنزلت سورة الكافرون جواباً على ذلك. وجاء عن جماعةٍ من أهل التفسير أنّ النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- لما قرأ بسورة النجم في مكة على المُشركين ، ووصل إلى ذكر أسماء الأصنام ؛ اعتقد المُشركون دخوله في دينهم ، فطمعوا فيه ، لكنّ النبيّ ردّ عليهم ، ثُمّ نزلت فيهم سورة الكافرون ، وقرأها عليهم ، فأيقنوا أنّه تبرأ منهم ، فشتموه وآذوه.
وقيل إنّها نزلت في بعض المُشركين الذين كانوا يستهزئون بالنبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- وهو يقرأ بسورة النجم في مكة ، فلما قرأ قوله- تعالى-( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ، قالوا" ألقى الشيطان على لسانه" ، فردّ عليهم النبيّ ، فطلبوا منه- عليه الصلاةُ والسلام- عدم مُفارقة الكعبة إلا على أحد أمرين ؛ إمّا بالدُخول معهم في بعض دينهم وأن يعبد آلهتهم مُقابل أن يدخلوا في بعض دينه ويعبدوا إلهه ، أو أنْ يتبرّأ من آلهتهم ويتبرّؤوا من إلهه ، فنزلت سورة الكافرون ، وقرأها عليهم كجوابٍ لهم على سؤالهم.
تعريف عام بسورة الكافرون
ذهب ابن عباس وابن مسعود والحسن وعكرمة- رضي الله عنهم- إلى أنّ سورة الكافرون سورة مكية ، ونزلت بعد سورة الكوثر ، وذهب ابن عباس في قولٍ آخر وعبد الله بن الزُّبير وقتادة والضحاك- رضي الله عنهم- إلى أنّها من السُّور المدنية ، وعدد آياتها ستّ ، وأمّا كلماتُها فهي ستٌّ وعشرون كلمة ، وحروفها أربعةٌ وتسعون حرفاً ، وذكر الإمام المراغي أن مُناسبتها لما قبلها- وهي الكوثر- أنّ الله- تعالى- أمر فيها رسوله- عليه الصلاةُ والسلام- بعبادته ، وشكره ، والإخلاص له ، وفي سورة الكافرون إشارةٌ إلى نفس المعاني ، وأمّا سبب تسميتها بسورة" الكافرون" فهو لورود كلمة" الكافرون" فيها.
وترتيبها في المُصحف السورة التاسعة بعد المئة ، واشتملت السورة على البراءة من المُشركين وأعمالهم ، وإخلاص العمل لله- تعالى- ، ولسورة الكافرون العديد من الأسماء ، وهي فيما يأتي :
سورة العِبادة ، وسورة المقشقشة ؛ أي المبرئة من الشرك ، وقد ذكرها الطنطاوي في تفسيره الوسيط.
سورة الجحد ، وسورة الدِّين ، وقد ذكرها الواسطي في تفسيره.
سورة المُنابذة ، وسورة الإخلاص ، وذكر هذه الأسماء الزّحيلي في تفسيره.
فضل سورة الكافرون
تُعدّ سورة الكافرون من السور العظيمة ، وجاءت العديد من الأحاديث التي تُبيّنُ فضلها ، فقد جاء أنّها تعدلُ ربع القُرآن ، لِقول النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام-( مَنْ قرأَ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ عَدَلَتْ لهُ بِرُبْعِ القُرآنِ ، ومَنْ قرأَ قُلْ هو اللهُ أحَدٌ عَدَلَتْ لهُ بِثُلثِ القُرآنِ) ،كما أنّ النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- كان يُكثرُ من قراءتها ، فقد ورد عنه أنّه قرأها في ركعتي الطواف ، والفجر ، وقبل الفجر ، وبعد المغرب ، وعند النّوم ؛ وقراءتها عند النّوم براءةٌ من الشرك ، لِقول النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام-( اقرأْ قُلْ يَا أيُّهَا الكَافِرُونَ عند منامِك ، فإنها براءةٌ من الشركِ) ،بالإضافة إلى قراءتها عند الرُّقية.