أُويس القرنى مع أمير المؤمنين وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه أجمعين…
سؤال أمير المؤمنين عن أُويس القرنى
حج بالناس عمر بن الخطاب رضى الله عنه سنة ثلاث وعشرين وكان شغله الشاغل فى حجه البحث عن رجل من رعيته من التابعين يريد مقابلته، وصعد عمر جبل أبا قبيس وأطل على الحجيج ونادى بأعلى صوته: يا أهل الحجيج من أهل اليمن أفيكم أُويس بن عامر من مراد ثم من قرن …؟
فقام شيخ طويل اللحية من قرن فقال: يا أمير المؤمنين إنك أكثرت السؤال عن اُويس هذا، وما فينا أحد أسمه أُويس إلا أبن أخ لى يُقال له أُويس فأنا عمه، وهو حقير بين أظهرنا، خامل الذكر، وأقل مالاً، وأوهن أمرا من أن يُرفع إليك ذكره.
فسكت عمر كأنه لا يريده ثم قال: يا شيخ وأين أبن أخيك هذا الذى تزعم؟
أهو معنا بالحرم؟
قال الشيخ: نعم يا أمير المؤمنين هو معنا بالحرم، غير انه فى أراك عرفة يرعى إبلاً لنا.
أُويس القرنى مع أمير المؤمنين وعلى رضى الله عنهما
فركب عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما على حمارين لهما، وخرجا من مكة وأسرعا إلى أراك عرفة، ثم جعلا يتخللان الشجر و يطلبانه، فإذا هما به فى طمرين من صوف أبيض، قد صف قدمية يُصلى إلى الشجرة وقد رمى ببصره موضع سجوده وألقى يديه على صدره والأبل حوله ترعى، قال عمر لعلى رضى الله عنهما: يا أبا الحسن إن كان فى الدنيا أُويس القرنى فهذا هو وهذه صفته .
ثم نزلا عن حماريهما وشدا بهما ألى أراكه ثم أقبلا يريدانه.
فلما سمع أُويس حسهما أوجز فى صلاته ثم تشهذ وسلم وتقدما إليه فقالا له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فقال عمر رضى الله عنه: من الرجل؟
قال: راعى إبل وأجير للقوم.
فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك ولا عن الإجاره، إنما أسألك عن أسمك فمن أنت يرحمك الله؟
فقال: أنا عبد الله وأبن أمته.
فقالا: قد علمنا أن كل من فى السموات والأرض عبيد الله، وإنا لنقسم عليك إلا أخبرتنا بأسمك الذى سمتك به أمك
أُويس القرنى واللمعة البيضاء
فقال: ياهذان ما تريدان إلى؟ أنا أُويس بن عبد الله
فقال عمر رضى الله عنه: الله أكبر، يجب أن توضح عن شقك الأيسر.
قال: وما حاجتكما إلى ذلك؟
فقال له على رضى الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفك لنا وقد وجدنا الصفة كما خبرنا، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر لمعة بيضاء كمقدار الدينار أو الدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، فأوضح لهم أُويس عن شقه الأيسر.
فلما نظر على وعمر رضى الله عنهما إلى بعضهما إلى اللمعة البيضاء ابتدروا أيهما يقبل قبل صاحبه وقالا: يا أُويس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك من السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا فإن رأيت أن تستغفر لنا يرحمك الله كما أخبرنا بأنك سيد التابعين، وأنك تشفع يوم القيامة فى عدد ربيعة ومضر.
فبكى أُويس بكاءً شديداً، ثم قال: عسى أن يكون ذلك غيرى .
فقال على رضى الله عنه: إنا قد تيقنا أنك هو لا شك فى ذلك، فأدع الله لنا رحمك بدعوة وأنت محسن.
فقال أُويس: ما خص بإستغفار نفسى ولا أحد من ولد آدم، ولكنه فى البر والبحر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فى ظلم الليل وضياء النهار، ولكن من أنتما يرحمكما الله؟
… يُتبع