خبيب بن عدى بطل وشهيد فوق الصليب

خبيب بن عدى بطل وشهيد فوق الصليب

0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

وعلى آله وصحبه أجمعين…

خبيب بن عدى بطلاً فى غزوة بدر

لما رفعت غزوة بدر أعلامها كان هناك جندياً باسلاً وبطلاً مقداماً هو خبيب بن عُدى، وكان من بين المشركين الذين وقعوا فى طريقه إبان المعركة فصرعهم بسيفه (الحارث بن عامر بن نوفل) وبعد المعركة عادت البقايا المهزومة من قريش إلى مكة وعرف بنو الحارث مصرع أبيهم وعزموا على افنتقام من خبيب، ورجع المسلمون إلى المدينة يثابرون على بناء مجتمعهم الجديد.

وذات يوم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف تحركات قريش وأستعدادها لغزو جديد، فأختار من أصحابه عشرة رجال من بينهم خبيب بن عدى و جعل أميرهم عاصم بن ثابت، وأنطلق الصحابة حتى بلغوا مكاناً بين عسفان ومكة، ونمى خبرهم إلى حى من هذيل يُقال لهم بنو حيان فسارعوا إليهم بمائة رجل من أمهر رماتهم، وراحوا يتعقبونهم، ويقتفون آثارهم، وكادوا يزيغون عنهم، فتناول بعض هذا النوى وتأمله ثم صاح: إنه نوى يثرب فلنتبعه حتى يدلنا عليهم.

وساروا مع النوى المبثوث على الأرض أبصروا على البعد الصحابه، وأحس عاصم بن ثابت أمير العشرة أنهم يطاردون، فدعا أصحابه إلى صعود قمة عاليه على رأس جبل، واقترب الرماة المائة، وأحاطوا بهم عند سفح الجبل، وأحكموا حولهم الحصار ودعوهم لتسليم أنفسم بعد أن أعطوهم موثقا ألا ينالهم منهم سوء، وهنا قال عاصم بن ثابت: (أما انا فوالله لا أنزل فى مشرك، اللهم أخبر عنا نبيك).

وشرع الرماة المائة يرمونهم بالنبال، فأصيب اميرهم عاصم بن ثابت وأستشهد، وأصيب معه سبعة وأستشهدوا، ونادوا الباقيين بأن لهم العهد والميثاق إذا هم نزلوا، فنزل الثلاثة : خباب بن عدى وصاحباه.

وأقترب الرماه من خبيب وصاحبه زيد ابن الدثنة فربطوهما، ورأى زميلهم الثالث بداية الغدر فقرر أن يموت، حيث مات عاصم بن ثابت وإخوانه وأستشهد حيث أراد.

تعذيب وبيع خبيب بن عدى للمشركين 

حاول خبيب وزيد أن يخلصا من وثاقهما ولكنه كان شديد الإحكام وقادهما الرماة البغاة إلى مكة حيث باعوهما للمشركين، ودوى فى الآذان أسم خبيب، فسارع بنو الحارث إلى شراء خبيب وأخذوا يعدون لمصير يشفى أحقادهم، و وضع قوم آخرون أيديهم على صاحب خبيب زيد بن الدثنة وراحوا يُصلونه هو الآخر عذابا.

أسلم خبيب قلبه ومصيره لله رب العالمين، وأقبل على نسكه ثابت النفس، رابط الجأش كان الله معه و كان هو مع الله.

خبيب بن عدى أسيراً تقى لدى المشركين 

دخلت عليه يوماً إحدى بنات الحارث الذى كان أسيراً فى داره، فغادرت مكانه مسرعة إلى الناس تناديهم لكى يبصروا عجبا، فقد رأته يحمل قطفا كبيراً من العنب يأكل منه، وكان موثوقاً فى الحديد ولا يوجد بمكة كلها ثمرة عنب واحدة، ولم يكن هذا إلا رزقاً رزقه الله خبيب بن عدى.

وفى أحد  الأيام طلب خبيب من أصحاب الدار أن يعطوه موساً لقص أظافره وتهذيب لحيته وشاربه ولتنظيف نفسه، فلما كان معه الموس غفلت صاحبة الدار عن إبنها فدخل غرفة خبيب وجلس فى حضنه، تنبهت صاحبة الدار فرأت إبنها يجلس فى حضنه ففزعت فخافت ان يقتله و الموس فى يده، ولكنه قال: من يخاف الله لا يفعل هذا وما كان لى أن أكون من أصحاب محمد وأفعل ذلك خذى الغلام ولا تقلقى ، فقالت: ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب.

إستفزاز المشركين لخبيب بن عدى 

وحمل المشركون إلى خبيب نبأ إستشهاد زميله وأخيه زيد بن الدثنة رضى الله عنه، ظانين أنهم بهذا يسحقون أعصابه ويذيقونه ضعف الممات وما كانوا يعلمون أن الله الرحيم قد أستضافه وأنزل عليه سكينته ورحمته.

وراحوا يساومونه على إيمانه، ويلوحون له بالنجاة إذا كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعندما يئسوا منه قادوه إلى مصيره، وخرجوا به إلى مكان يسمى التنعيم وما إن بلغوه حتى استأذنهم خبيب فى أن يُصلى ركعتين وأذنوا له، وصلى الركعتين فى خشوع وسلام وتدفقت فى روحه حلاوة الإيمان، فود لو يظل يُصلى ولكنه التفت صوب قاتليه وقال: (والله لولا أن تحسبوا أن بى جزعا من الموت لازددت صلاة)، ثم شهر ذراعه نحو السماء وقال: (اللهم أحصهم عددا وأقتلهم بددا)، ثم تصفح وجوهم فى عزم وراح ينشد:

                                                                                                       ولست أُبالى حين اُقتل مسلما                    على أى جنب كان فى الله مصرعى

                                                                                                       وذلك فى ذات الإله وإن يشأ                         يبارك على أوصال شلو مُمزع

تصليب خبيب بن عدى 

وكانت هذه المرة الأولى فى تاريخ العرب التى يصلبون فيها رجلاًثم يقتلونه فوق الصليب فقد أعدوا من جذوع النخل صليباً كبيراً ثبتوا فوقه خبيب بن عدى رضى الله عنه، وأحتشد المشركون فى شماته ظاهره ووقف الرماة يشحذون رماحهم وبدات الرماح والسيوف تنهش لحمه الطاهر، وهنا أقترب منه أحد زعماء قريش وقال له: أتحب أن محمدا مكانك وأنت سليم معافى فى أهلك.

فقال: والله ما أحب أنى فى أهلى و ولدى معى عافية الدنيا ونعيمها ويُصاب رسول الله بشوكه.

كان خبيب بن عدى رضى الله عنه قد يمم وجهه شطر السماء وأبتهل إلى الله قائلا: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا.

وإستجاب الله لدعائة فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة غمره إحساس وثيق بأن أصحابه فى محنة، وترائى له جثمان أحدهم معلقا، ودعا المقداد بن عمرو و الزبير بن العوام فركبا فرسيهما، ومضيا يقطعان الأرض وثبا وجمعهما الله بالمكان المنشود وأنزلا جثمان صاحبهما خبيب بن عدى رضى الله عنه ودفناه، ولا يعرف أحد حتى اليوم مكان قبر خبيب بن عدى رضى الله عنه.

                                                                                                                                                                           تمت بحمد الله وفضله 

                          

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

78

متابعين

92

متابعهم

66

مقالات مشابة