قصة أصحاب الفيل

قصة أصحاب الفيل

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

قصة أصحاب الفيل

image about قصة أصحاب الفيل

في زمنٍ ليس ببعيد من مولد النبي محمد ﷺ، حدثت واقعة عظيمة سجّلها القرآن الكريم في سورة كاملة تُسمّى سورة الفيل. هذه الحادثة أصبحت مثالًا خالدًا على حماية الله لبيته الحرام، وإظهار قدرته أمام الطغاة مهما بلغت قوتهم.

كان في اليمن حاكمٌ يُسمّى أبرهة الأشرم، نصّبه الأحباش واليًا عليهم. وكان أبرهة يريد أن يصرف العرب عن الكعبة المشرفة، بيت الله العتيق، الذي بناه خليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. فقد كان العرب يأتون من كل أنحاء الجزيرة ليطوفوا بالبيت، وهذا ما جعل للكعبة مكانة عظيمة في قلوبهم.

قرر أبرهة أن يبني كنيسة ضخمة في صنعاء، وسماها "القلّيس"، وزيّنها بالذهب والجواهر حتى تُبهِر العيون. ثم كتب إلى ملك الحبشة يخبره أنه سيجعل العرب يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلًا من الكعبة. لكن العرب لم يرضوا بهذا الأمر، إذ الكعبة هي رمز عقيدتهم وتاريخهم، فلم يهتموا بكنيسة أبرهة. بل إن أحدهم دخل الكنيسة وأساء إليها، فغضب أبرهة غضبًا شديدًا، وأقسم أن يسير إلى مكة ليهدم الكعبة ويجعلها عبرة للعرب.

جهّز أبرهة جيشًا عظيمًا، وخرج معه بفيل ضخم لم يُر مثله من قبل، حتى صار الجيش يُسمّى بـ أصحاب الفيل. أخذوا يسيرون من اليمن حتى اقتربوا من مكة. وعند وصولهم إلى الطائف ومكة، نشروا الخراب وأخذوا بعض أموال الناس، ومنها مئتي بعير كانت لعبد المطلب، جد النبي محمد ﷺ وسيد قريش.

ذهب عبد المطلب إلى أبرهة ليطلب منه رد إبله، فقال له أبرهة متعجبًا:

"جئتُ لأهدم بيتكم العظيم، وأنت لا تتكلم فيه وتطلب فقط إبلك؟!"
فأجابه عبد المطلب بكلمات خالدة تدل على التوكل على الله:

"أنا ربُّ الإبل، وللبيت ربٌّ يحميه."

اقتنع أبرهة برد الإبل، لكن قلبه كان مُصِرًّا على هدم الكعبة. فلما أمر جيشه بالتقدم نحو البيت، توقّف الفيل الكبير فجأة ورفض أن يتحرك باتجاه الكعبة مهما ضُرب أو أُجبر. وإذا وُجِّه نحو اليمن أو أي اتجاه آخر، كان يسير بلا مشكلة! وكأن الله جعله شاهدًا على بطلان ما أرادوا.

وفي لحظةٍ فاصلة، أرسل الله عز وجل جنودًا من عنده، لم يكونوا بشرًا ولا جيشًا من الأرض، بل طيرًا أبابيل جاءت جماعات، تحمل حجارة صغيرة من طين محروق. راحت تلك الطيور تلقي الحجارة على جيش أبرهة من السماء، فأصابتهم إصابات قاتلة، حتى صاروا كالعصف المأكول؛ أي كأوراقٍ يابسة أكلتها الدواب ولم يبقَ منها شيء.

وهكذا لم يستطع أبرهة ولا جيشه أن يقتربوا من الكعبة، بل انتهت حملتهم بالفشل والدمار. وبقي البيت الحرام محفوظًا بعناية الله ورعايته، ليظل رمزًا للتوحيد ومهوى أفئدة المؤمنين.

وقد نزلت سورة الفيل تخليدًا لهذه الحادثة، قال تعالى:

**﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ۝ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ۝ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ۝ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ۝ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾.

العبرة من القصة

هذه القصة تعلمنا أن قوة الله فوق كل قوة، وأن الطغاة مهما عظمت جيوشهم ومهما تكبّروا، فإنهم لا يستطيعون أن يغلبوا إرادة الله. كما تعلّمنا أن المؤمن يثق بربه كما فعل عبد المطلب، فهو يعلم أن لله بيتًا يحميه ودينًا ينصره.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-