قصة سيدنا نوح عليه السلام
دعوة سيدنا نوح
كان نوح -عليه السلام- أوّل رسول يُرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد بدأ رسالته بدعوة قومه إلى التوحيد والإيمان بالله وحده، قال -تعالى-: ( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).[١٦] وقد خاطب نوح -عليه السلام- قومه؛ لأنّهم أهله، وعشيرته، وهم مَظنّة النصر، والعون على الشدائد، فكان لا بُدّ من استثارة مشاعرهم، وعواطفهم؛ بتذكيرهم بحقّ القرابة عليهم، ثمّ بيّنَ نوح -عليه السلام- لقومه حقيقة التوحيد؛ بإثبات الألوهية لله -تعالى-، ونَفْيها عمّن سواه، وأنّه لا إله إلا الله، ولا مُستَحِقَّ للعبادة سواه، فهو الذي ينبغي أن تتعلّق به القلوب وحده، وهو الذي يُجيب المضطر إذا دعاه. ثمّ ذكّر نوح قومَه بعذاب الله -تعالى- الذي أعدّه لمَن يكفر بدعوة أنبيائه، ثمّ دعاهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وساقَ لهم الأدلّة التي تُثبت هذا اليوم؛ بذِكر أحوال الناس قبل البعث، وانتقالهم من طور إلى آخر؛ فهم يُبعَثون من قبورهم التي انتقلوا إليها في الدنيا، إلى الحساب، والوقوف على الصراط؛ فتكون الجنّةُ مصيرهم إن هم آمنوا، أو النار إن هم جحدوا.[١٧] وقد ردّ قوم نوح -عليه السلام- على دعوته باتّهامه بالضلالة، قال --تعالى-: (قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)،[١٨]
مرتبت سيدنا نوح بين الأنبياء
ذكر الله قصة نوح -عليه السلام- في سُور كثيرة من كتاب الله -تعالى-؛ فقد أخبرت سورة نوح بتمامها عن قصّة نوح -عليه السلام- مع قومه، كما جاء ذكر هذه القصّة في كلٍّ من سورة الشعراء، والمؤمنين، وهود، والأنبياء، ويونس، والصافات، والعنكبوت، والأعراف، واقتربتِ الساعة (سورة القمر).[١٩] ويُشار إلى أنّ سيّدنا نوح -عليه السلام- تميّز بصفات وخصائص عدّة أهّلَته لأن يكون واحداً من أولي العزم من الرُّسل؛ فقد لَبِث في قومه فترة طويلة يدعوهم إلى دين الله -تعالى-، مُتحمِّلاً في سبيل ذلك الأذى والمَشقّة، ومُسخِّراً جهده كلّه للدعوة التي استخدم فيها شتّى الأساليب؛ حيث دعا قومه سرّاً وجهراً، وليلاً ونهاراً، ولم يُؤثّر في دعوته لهم ما لَقِيَه من تسفيهٍ، وأذي