
قصة حب في الإسلام
قصة حب في الإسلام:
نتناول اليوم قصة السيدة زينب ابنة رسول الله ، صلى
الله عليه وسلم ، مع ابن خالتها ، وهو أبو العاص بن
الربيع ، حيث أتى ذات ليلة ، وطلب منه يد زينب للزواج ،
فأبى النبي ، إلا أن يسألها أولًا ، ويأخذ رأيها ، وبالفعل ،
دخل النبي محمد ، وأخبر ابنته أن أبا العاص ، قد قدم طالبًا
الحياء من شيم الصالحات
يدها ، فما كان منها إلا أن احمرت وجنتاها ، وابتسمت على استحياء .
وبالفعل تم الزواج بينهما ، وعاشا سويًا حياة مليئة بالحب
، والمودة ، وأنجبا من الأولاد ، علي ، وأمامة ، وبينما كان
أبو العاص مسافرًا ، في إحدى المرات ، فرجع ، وكان النبي
قد نزل عليه الوحي ، وعلم أن زوجته قد أسلمت ، فلما
دخل إلى بيته ، قالت له زينب : ” ثمة مفاجأة كبرى ” ،
فتركها ، ولم يهتم ، فتتبعته قائلةً : ” لقد أصبح أبي رسولًا
، وبعث بدين الإسلام ، وقد أسلمت ” ، فرد عليها قائلًا : ”
أما كان يحق لي أن تخبريني ، قبل ذلك ؟ ” .
بداية المشكلة وتمسك زينب ابنة رسول اللّه بالحق واعانة زوجها عليه
ومن هنا بدأت المشكلة تتفاقم بين الزوجين ، فهي
مشكلة خطيرة ، تتمثل في العقيدة المتبعة ، ردت زينب
قائلةً : ” إن أبي صادق وأمين ، ولا يمكن أن أكذب أبي ،
لأنه ليس بكاذب ، حتى أن أكثر أهلي ، قد صدقوا برسالته ،
وآمنوا به ” ، فرد عليها قائلًا : ” وأما عني ، فلا يمكن أن
أسمح بأن يقال عني أنني أكفر بدين آبائي ، وأجدادي ،
وأخذلهم ، من أجل أن أرضي زوجتي ، ولا أقول أن أباك متهم ، فهلا قدرت ذلك ، وعذرت ؟ ” .
فردت عليه قائلةً : ” ومن أحق بأن يعذرك أكثر مني ؟ فأنا
زوجتك ، وسأظل أعينك على الحق ، حتى تتمكن من
الإيمان به ” ، ظلت زينب توفي بعهدها لزوجها ، حتى
مضى عشرون عامًا كاملًا ، ومكثت في مكة
صراع شديد والقلب يتمزق ، فهي إما أن تفقد أباها ،أو تيتم أطفالها
، حتى جاءت غزوة بدر ، وهنا قرر زوجها أن ينضم إلى صفوف
المحاربين من قريش .
فغضبت زينب أشد الغضب ، ولم تقتنع بفكرة أن يحارب
زوجها أباها ، فذلك أكثر ما كانت تخشاه ، فأخذت تبكي
بحرقة ، وتناجي ربها ، وتدعوه كثيرًا ، فهي إما أن تفقد
أباها ، أو تيتم أطفالها ، وهي لا ترغب في أن تفقد أيًا
منها ، وتتمنى أن تتوحد صفوفهما ، وأخذت تدعو ربها كثيرًا .
خرج زوجها لملاقاة أبيها ، وانتهت الحرب بأسر زوجها ،
فلما ذهبت الأخبار إلى مكة بانتهاء الغزوة ، سألت عن
أبيها ، فقيل أنه قد انتصر ، فأتبعت بالسؤال عن زوجها ،
فقيل أنه قد وقع في أسر المسلمين
عُقد السيدة خديجة رضي الله عنها ،وبكاء النبي صلى اللّه عليه وسلم لذكرها
، فودت أن تفتديه
، ولم تجد معها إلا عقدًا كان لأمها ، وكانت ترتديه دائمًا ،
فخلعته ، وأرسلته مع أخيه ، إلى رسول الله ، فلما ذهب
وجد أن النبي كان يجلس ، ويتلقى الفدية ، حتى يطلق
سراح الأسرى .
فلما ناوله أخو أبي العاص العقد ، وجد أنه عقد السيدة
خديجة ، فسأل متعجبًا : هذا العقد لفداء من ؟ ” ، فرد
قائلا : ” إنه فداء لابن العاص ” ، فما كان من النبي إلا أنه
بكى ، وقام ، وخطب في الناس قائلًا : ” أيها الناس ، إن
هذا الرجل ، لم نر في نسبه إلا خيرًا ، فهل تسمحون بأن
يفك أسره ؟ وأن تردوا إلى زوجته عقدها ؟ ” فرد
المسلمون ، وقالوا : ” بلى ، يا رسول الله ” .
صمت النبي للحظات ، ثم قال لأبي العاص : ” أخبر زينب
بألا تفرط في عقد أمها ” ، ثم طلب النبي من أبي العاص ،
أن ينفرد به قليلًا ، فلما انفرد به ، قال له : ” يا أبا العاص ،
أردت أن أقول لك شيئًا ، حيث أن الله قد أمرني بالتفرقة
بين المسلمين ، والكافرين ، فاسمح ، ورد إلي ابنتي ” ، فرد
أبو العاص بالموافقة على طلب رسول الله صلى الله
عليه وسلم .
فراق الحبيبين
أقبل أبو العاص ، وخرجت زينب تستقبله مهللةً على
مشارف مكة ، فقال لها على الفور : ” إنني راحلٌ ” ، فردت
عليه قائلةً : ” إلى أين سترحل ؟ ” ، قال لها : ” بل أنت التي
سترحلين إلى والدك ” ، فاستفسرت منه عن السبب ،
فأجابها قائلًا : ” حتى يتم التفريق بينك وبيني ، فارجعي ” ،
فطلبت منه أن يرافقها ، ويسلم لله ، فأبى .
فلملمت أشياءها ، وأخذت أبناءها ، ورحلت ، متجهة إلى
المدينة ،
الإخلاص إلي المحب
ومن يومها والخطاب يطرقون أبواب أبيها ،
لمدة ستة أعوام متتالية ، إلا أنها كانت ترفض أي شخص
يتقدم إلى خطبتها ، على أمل رجوع زوجها ، وإدخوله في
الإسلام ، وعقب مرور ستة أعوام كاملة ، خرج أبو العاص
بقافلة ، متجهًا من مكة ، إلى بلاد الشام ، وأخذ يسأل عن
البيت الذي تسكن فيه زوجته ، ووصل إلى البيت ، وهم
بطرق بابها ، أوذلك قبيل آذان الفجر مباشرة ، فسألته : ”
هل جئت مسلمًا ؟ ” ، فكان رده أنه أتى هاربًا .
فسأله إذا ما كان يقبل الدخول في الإسلام ، ولكنه أيضًا
أبى ، فقالت له : ” إذًا فمرحبًا بابن خالتي ، أبي أمامة ، وعلي ، لا تخف ”
إجارة زينب لأبو العاص ،وعتاب محب
، وعقب صلاة الفجر ، سمع المصلون صوتًا ،
يقول : ” لقد أجرت ابن الربيع ” ، وقالت زينب : ” يا حبيب
الله ، إنه إن بعد ، فهو ابن خالتي ، وإن قرب ، فهو أبو
الأبناء ، وإني قد أجرته ، فخطب النبي في الناس ، فإن
أرادوا رد ماله إليه ، وتركه ليرحل ، فليفعلوا ، وإما فالأمر
إليهم ، ولا حرج عليهم .
فاتفق الناس على رد ماله ، ولما وصلوا إلى البيت ، أخبر
الرسول الكريم زينب ، بأن تكرم ضيافته ، ولكن لا تسمح
له بالاقتراب منها ، فهو محرم عليها ، فسمعت كلام
أبيها ، فلما دخلا البيت ، حدثت أبا العاص ، قائلةً له : ” هل
هان فراقنا عليك ؟ ألا تسلم ، كي نكون معًا ؟ ” ، فرفض ،
ومن ثم أخذ أمواله ، وعاد إلى مكة ثانيةً .
اسلام ابو العاص بن الربيع وعودته لزينب ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
فلما وصل مكة ، أعطى الناس أموالهم ، فشكروه ، لأنه
وفى بوعده ، وعلى الفور ، نطق الشهادة ، ثم رجع إلى
المدينة في الفجر ، وذهب إلى الرسول الكريم ، ونطق
الشهادتين ، وطلب منه السماح إليه ، بأن يرد زوجته ،
فذهبا إلى بيتها ، وقبل الدخول ، سألها النبي عن رأيها
في الرجوع إلى ابن خالتها ، فاحمرت وجنتيها ، وابتسمت
على استحياء أيضًا .
نهاية حزينة
وعقب مرور عام ، توفيت السيدة زينب ، فحزن زوجها عليها حزنًا شديدًا ، وكان شديد البكاء على إثر فقدانها ، ولم يمر عام ، إلا وقد وافته المنية هو الآخر ، رضي الله عنهم