قصه إسلام حمزه بن عبد المطلب رضي الله عنه

قصه إسلام حمزه بن عبد المطلب رضي الله عنه

0 المراجعات

قصة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه – أسد الله وسيد الشهداء

نسبه ومكانته قبل الإسلام

حمزة بن عبد المطلب هو عمّ رسول الله ﷺ وأخوه في الرضاعة، إذ أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب. وُلد قبل النبي ﷺ بسنتين، وكان من أشرف رجال قريش نسبًا، وأعظمهم مكانة، وأشجعهم قلبًا. اشتهر بحب الصيد والفروسية، وكان فارسًا مغوارًا، قوي البنية، طويل القامة، لا يهاب أحدًا من فرسان العرب.

كان حمزة يعيش حياة الحرية والكرامة في مكة قبل الإسلام، ويتمتع باحترام كبير بين قريش، فقد كان سيّدًا في قومه، كريم الخلق، عزيز النفس، يجيد الرماية وركوب الخيل، ويُعرف بحبه لمكارم الأخلاق حتى في الجاهلية.

بداية الدعوة وصمته في البداية

عندما بُعث النبي ﷺ بالرسالة، كان حمزة منشغلًا بحياته، ولم يكن قد اتخذ موقفًا واضحًا من الدعوة الجديدة. كان يعرف صدق ابن أخيه، لكنه لم يدخل في الإسلام في السنوات الأولى، ربما لعدم اكتراثه بالمسائل الدينية حينها أو لانشغاله بالصيد والأسفار.

لكن مع مرور الوقت، اشتد أذى المشركين للنبي ﷺ وللمسلمين، وكانت قلوب المؤمنين تتوق إلى نصير قوي يحمي الدعوة في مكة.

الحادثة التي غيّرت مسار حياته

في يوم من الأيام، كان النبي ﷺ يطوف بالكعبة وحيدًا، فجاء أبو جهل، كبير مشركي قريش، وبدأ يسبّ النبي ﷺ بكلمات قاسية، بل واعتدى عليه جسديًا أمام الناس، ولم يجرؤ أحد على التدخل. اكتفى النبي ﷺ بالصبر والمغادرة، لكن الأمر لم يمرّ دون أن يصل إلى مسامع حمزة.

كان حمزة حينها عائدًا من رحلة صيد، يحمل قوسه على كتفه. وعند دخوله مكة، أخبرته إحدى الجواري بما فعله أبو جهل مع محمد ﷺ. اشتعل الغضب في صدره، فاندفع مسرعًا نحو الكعبة حيث يجلس أبو جهل بين زعماء قريش، ولم يتردد لحظة، بل رفع قوسه وضرب أبا جهل على رأسه ضربة شجّت رأسه وسالت منها الدماء، ثم صاح بصوتٍ عالٍ:

“أتشتم محمدًا وأنا على دينه؟! قولها إن استطعت!”

كانت هذه الكلمات بمثابة إعلان إسلامه أمام الجميع، وإن كان في تلك اللحظة دافعه الحمية والنخوة أكثر من القناعة الكاملة.

من الحمية إلى الإيمان

بعد الحادثة، جلس حمزة مع نفسه يفكر في ما قاله، وتساءل عن دعوة محمد ﷺ. وبدلًا من التراجع، قرر أن يلتقي بالنبي ﷺ ويسمع منه مباشرة. تحدّث معه النبي ﷺ عن التوحيد وعن الرسالة التي أرسله الله بها، فشرح الله صدره للإسلام، وأعلن إيمانه إيمانًا حقيقيًا راسخًا.

ومنذ ذلك اليوم، أصبح حمزة من أعمدة الدعوة، وصار المشركون يهابون التعرض للنبي ﷺ علنًا في حضوره، لأنهم يعلمون أن حمزة لا يتهاون في الدفاع عنه.

أثر إسلامه على المسلمين

كان لإسلام حمزة أثر نفسي ومعنوي هائل على المسلمين في مكة. فقد شعروا بأن لهم سندًا قويًا، وأن الدعوة باتت تحظى بحماية رجل شجاع لا يخشى أحدًا. حتى أن بعض المؤرخين قالوا: "بإسلام حمزة تقوّت الدعوة في مكة علنًا".

مشاركته في الغزوات

غزوة بدر

عندما أذن الله للمسلمين بالقتال، كان حمزة في الصفوف الأولى. وفي معركة بدر الكبرى، أبدى شجاعة عظيمة، وقاتل قتال الأبطال، فكان يواجه فرسان قريش بلا تردد. وقد قتل عددًا من كبار المشركين، مما رفع معنويات المسلمين وأضعف صفوف العدو.

غزوة أحد واستشهاده

في السنة الثالثة للهجرة، وقعت معركة أحد. وكعادته، كان حمزة في مقدمة الصفوف يقاتل ببسالة نادرة، يضرب بسيفه يمينًا وشمالًا، حتى صار المشركون يتجنبون مواجهته مباشرة. لكن قريش كانت قد أعدت خطة للتخلص منه، حيث أوعزت إلى وحشي بن حرب، وهو عبد حبشي ماهر في الرمح، أن يقتل حمزة مقابل عتقه.

وبالفعل، انتهز وحشي فرصة انشغال حمزة بالقتال، فطعنه برمحه طعنة قاتلة، فسقط شهيدًا في سبيل الله. وبعد المعركة، مثلت هند بنت عتبة بجسده، فبقرته وأخرجت كبده في مشهد مؤلم للنبي ﷺ والمسلمين.

حزن النبي ﷺ عليه

عندما علم النبي ﷺ باستشهاد حمزة، حزن عليه حزنًا شديدًا، وبكى بكاءً مرًّا، ووقف عند جثمانه وقال:

"لن أصاب بمثلك أبدًا، ما وقفت موقفًا أغيظ إليّ من هذا الموقف"، ثم لقّبه بـ"سيد الشهداء" و"أسد الله".

دروس وعبر من حياته

الحمية قد تكون باب الهداية: دخول حمزة في الإسلام بدأ بدافع الغيرة على النبي ﷺ، ثم تحول إلى إيمان صادق.

القوة في الحق: شجاعة حمزة كانت في خدمة الإسلام، فالقوة إذا استُخدمت لنصرة المظلوم تغيّر الموازين.

الثبات حتى الشهادة: ظل حمزة يقاتل ببسالة حتى لقي ربه شهيدًا، فصار مثالًا للتضحية والفداء.

القدوة في الإيمان والعمل: جمع بين الإيمان العميق والعمل القوي لنصرة الدين.

إرثه الخالد

بقي اسم حمزة بن عبد المطلب محفورًا في ذاكرة الأمة الإسلامية، كنموذج للرجل القوي الذي حوّل قوته من خدمة الجاهلية إلى نصرة الحق. قصته تلهم الأجيال بأن الرجوع إلى الله يمكن أن يغيّر حياة الإنسان بالكامل، وأن التضحية في سبيل الحق تبقى خالدة في التاريخ.

الخاتمة:

حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه لم يكن مجرد محارب شجاع، بل كان رجلًا وهب نفسه لله، فاستحق أن يلقب بـ"أسد الله" و"سيد الشهداء". قصته درس خالد في الإيمان والشجاعة والوفاء، وستظل سيرته نورًا يهتدي به كل من أراد نصرة الحق والوقوف في وجه الظلم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة