قصة سيدنا موسي

قصة سيدنا موسي

0 المراجعات

سيدنا موسى عليه السلام: نبي الصبر والتحدي

الميلاد في زمن الظلم

وُلد سيدنا موسى عليه السلام في زمنٍ كانت فيه مصر تحت حكم فرعون الطاغية، الذي استعبد بني إسرائيل وأذاقهم صنوف العذاب. وكان يخشى من نبوءة أخبره بها الكهنة أن غلامًا من بني إسرائيل سيولد فيسقط ملكه، فأمر بقتل كل مولود ذكر منهم. في خضم هذا الخوف، أوحى الله إلى أم موسى أن ترضعه، فإذا خشيت عليه، تضعه في صندوق وتلقيه في النهر، ووعدها بحفظه وإعادته إليها.
سار الصندوق في النهر حتى وصل إلى قصر فرعون، فالتقطه آل فرعون، وأعجبوا بجماله وهدوئه. أرادت زوجة فرعون "آسيا بنت مزاحم" أن تتخذه ابنًا لها، فرحبت به، لكن الله جعل قلب أم موسى مطمئنًا حين أعاد إليها طفلها لترضعه بأجر وهي آمنة عليه.

النشأة في قصر الطغيان

نشأ موسى عليه السلام في بيت فرعون، لكنه كان يحمل في قلبه رحمةً بالمظلومين. تعلم فنون الحياة في القصر، ونشأ قوي البنية، ثابت الشخصية. وفي يوم من الأيام، دخل المدينة على حين غفلة، فوجد رجلًا من بني إسرائيل يستغيث به ضد رجل من قوم فرعون. دافع موسى عن المظلوم، فضرب الرجل ضربة غير مقصودة أودت بحياته. حين علم فرعون بالأمر، غضب غضبًا شديدًا، وبدأ بالتخطيط لقتل موسى، لكن رجلًا مؤمنًا من آل فرعون جاء يحذره، فخرج موسى هاربًا من مصر متوجهًا إلى مدين.

سنوات في مدين

سار موسى مسافات طويلة حتى وصل إلى مدين منهكًا وجائعًا. عند بئر الماء، وجد امرأتين تمنعان أغنامهما من الاختلاط بغيرها حتى ينتهي الرعاة، فسقى لهما موسى في مشهد مليء بالمروءة والكرم. عادتا إلى أبيهما وأخبرتاه عن هذا الرجل القوي الأمين، فدعاه الشيخ الصالح وأكرمه، ثم عرض عليه أن يعمل عنده ويزوجه إحدى ابنتيه. عاش موسى في مدين سنوات طويلة، عمل خلالها راعيًا للغنم، وكانت هذه الفترة إعدادًا روحيًا وبدنيًا لمهمته الكبرى.

الوحي على جبل الطور

بعد انتهاء المدة، قرر موسى العودة إلى مصر مع أهله. وفي الطريق، أبصر نارًا من بعيد، فتوجه إليها ليأتي بخبر أو شعلة. هناك كانت المفاجأة العظمى؛ إذ ناداه الله من جانب الطور، واصطفاه نبيًا مرسلًا. أمره الله أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده وترك الظلم، وأمده بمعجزات عظيمة: عصاه التي تتحول إلى حيّة عظيمة، ويده التي تخرج بيضاء مشرقة من غير سوء. طلب موسى أن يجعل الله أخاه هارون وزيرًا له، فاستجاب الله له.

المواجهة الكبرى مع فرعون

ذهب موسى وهارون إلى فرعون برسالة التوحيد، لكن فرعون استكبر وادعى الألوهية، وسخر من موسى. ولإثبات زعمه، جمع فرعون السحرة من أنحاء البلاد، وحدد يوم الزينة لمواجهة موسى أمام الناس. ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، فخُيّل للناس أنها تتحرك، لكن موسى ألقى عصاه فتحولت إلى حيّة عظيمة تلقف ما صنعوا. أدرك السحرة أن ما رآه الناس ليس سحرًا بل معجزة من عند الله، فآمنوا به وسجدوا، رغم تهديد فرعون لهم بالقتل.

الخروج من مصر والمعجزة الكبرى

استمر موسى في دعوة فرعون وقومه سنوات طويلة، ومع كل معجزة كان فرعون يزداد عنادًا. أرسل الله على المصريين الآيات: الطوفان، الجراد، القمل، الضفادع، والدم، لكنهم لم يتوبوا. وفي النهاية، أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل ليلًا. لما علم فرعون، تبعهم بجيشه حتى وصلوا إلى البحر. عندها قال قوم موسى: "إنا لمدركون"، لكنه أجابهم بثقة ويقين: "إن معي ربي سيهدين". أمره الله أن يضرب البحر بعصاه، فانفلق وصار طريقًا يابسًا، فمرّ موسى وقومه سالمين، وغرق فرعون وجنوده عبرةً لكل طاغية.

الدروس والعبر

الثقة في الله: حتى في اللحظات التي يظن فيها الإنسان أن لا مخرج، يأتي الفرج.

الصبر على الابتلاء: حياة موسى مليئة بالتحديات والمحن، لكنه لم يفقد إيمانه.

قوة الحق أمام الباطل: كلمة الحق أقوى من أي سلطان أو سحر.

رحمة الله بعباده: الله لا يترك عباده المخلصين، ويهيئ لهم أسباب النجاة.

خاتمة

قصة سيدنا موسى عليه السلام هي ملحمة إيمانية تعلّمنا أن الإيمان والثبات هما طريق النصر، وأن الله إذا أراد شيئًا هيأ له الأسباب مهما كانت المستحيلات أمامه. وكما قال موسى عليه السلام: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾، فلنثق نحن أيضًا أن معية الله لا تغيب عن المؤمنين.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة