قصة قوم عاد وثمود

قصة قوم عاد وثمود

1 المراجعات

حين تكلمت الصخور وسكت الجبابرة: قصة عاد وثمود

في عمق الصحراء، وبين الجبال الصامتة والوديان المنحوتة، لا تزال آثار أقوام عظيمة تشهد على حضارات خلقت بالقوة والعظمة… وهلكت بالغرور. قوم بنوا المساكن في الجبال والصخور، ورفعوا القصور في الرمال، وقالوا: "من أشد منا قوة؟". ولكنهم نسوا أن الذي خلقهم… أقوى منهم جميعًا.

إنها قصة قوم عاد وثمود، قصة حضارتين عظيمتين انتهتا في لحظة، لا بالزمن ولا بالحروب… بل بعصيان أمر الله.

 

قوم عاد: قوة جبّارة ضاعت في الريح

قوم عاد هم أول من ذكرهم القرآن بعد قوم نوح، وقد سكنوا منطقة تُعرف بـ"الأحقاف" بين اليمن وعمان اليوم. أنعم الله عليهم بأجساد قويه وضخمة وقوة لا مثيل لها، حتى أنهم كانوا يقطعون الجبال ويشيدون الأبراج العالية في الصحراء، كما قال الله عنهم:

"ألم تر كيف فعل ربك بعاد  *إرم ذات العماد *التي لم يُخلق مثلها في البلاد".

لكنهم، مع هذه القوة، عبدوا الأصنام وتكبروا، ورفضوا دعوة نبيهم هود عليه السلام، الذي كان منهم وبَينهم، وقال لهم بحكمة:

"أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ  وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ".

 

فلما استمروا في الكفر، أنزل الله عليهم عذابًا رهيبًا: ريح صرصر عاتية استمرت سبع ليالٍ وثمانية أيام، اقتلعتهم من الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية.

 

قوم ثمود: لم تحميهم الجبال

بعد هلاك عاد، جاء قوم ثمود في شمال الجزيرة العربية، في منطقة تُعرف اليوم بـ"مدائن صالح". وهؤلاء تفننوا في نحت الجبال، فسكنوها وحصّنوها، وكانوا متقدمين في فنون العمارة والهندسة. أرسل الله إليهم نبيًا منهم هو صالح عليه السلام، ودعاهم لعبادة الله وترك الظلم والفساد.

فطلبوا منه معجزة، فاستجاب الله لهم: ناقة عظيمة خرجت من قلب الصخرة، تشرب يومًا كاملًا من الماء، ويتركون لها اليوم الآخر. كانت آية عظيمة، ولكن قلوبهم لم تلن.

تآمروا على الناقة وقتلوها، وقالوا: "هات ما تعدنا به إن كنت من الصادقين". وهنا نزلت عليهم الصيحة، فهلكوا في لحظة، ولم يبقَ منهم أحد، كما قال الله:

"فأخذتهم الصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين".

 

العبرة الخالدة

قصتا عاد وثمود ليستا مجرد أحداث تاريخية، بل رسائل خالدة لكل من يظن أن القوة أو الذكاء أو المال يمكن أن يُغني عن الله. هاتان الحضارتان لم تسقطا بفعل ضعف… بل بسبب الكبرياء وإنكار نعمة الله.

قال الله تعالى:

“فهل ترى لهم من باقية؟”

أي لا ترى لهم أثرا يذكر، سوى عبرة لكل من يأتي بعدهم.

 

خاتمة

في زمننا هذا، نتفاخر بالبناء والابتكار والتكنولوجيا، لكننا إن فقدنا الإيمان والتواضع، نُعيد أخطاء الماضي. فقصص عاد وثمود ليست حكايات من زمن ولى، بل دروس حية في كتاب مفتوح… لمن أراد أن يتدبر.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة