قصة بقرة بنى إسرائيل وصاحبها

قصة بقرة بنى إسرائيل وصاحبها

0 المراجعات

حدثت هذه القصة فى زمن سيدنا موسى عليه السلام، وهو أن رجلاً من بنى إسرائيل كان عنده مال وفير وكان عنده بنت، فجاء أبن أخيه يوماً إليه ليخطبها فرفض الرجل خطبة أبن أخيه ورده خالى الوفاض منكسراً من رده، فغضب الفتى أيما غضب وأغتاظ لرد عمه إياه، و عزم أمره على قتل عمه وأخذ ماله و الزواج من ابنته و الحصول على ديته.

فقدم الفتى إلى عمه و قد جاءت قافلة محملة بالبضائع وقال له: أى عم، هلا أنطلقت معى فتصيب لى من هؤلاء التجار، فإننى أخشى إن ذهبت وحيداً ألا يعطوننى شيئاً، وإنك إن ذهبت معى و رأوك أعطونى.

فخرع عمه معه ليلاً و عندما بلغوا مكاناً بعيداً التفت الفتى إلى عمه وقتله عمداً متعمداً، وعاد إلى أهله كأن شيئاً لم يكن.

ولما أصبح هذا الفتى الذى قتل عمه، ذهب إلى عمه كأنه لا يعلم مكانه فلم يجده، فأنطلق إلى المكان الذى قتله فيه، فإذا بقوم من التجار حول عمه الميت مجتمعين، فتباكى عليه وحثى على وجهه التراب وأتهمهم بعمه وصار يُنادى طالباً دية عمه منهم.

ذهب الفتى بالتجار مشتكياً إياهم إلى سيدنا موسى عليه السلام، فقضى عليهم بالدية، فطلب التجار من سيدنا موسى عليه السلام أن يدعو الله ليعلموا القاتل الحقيقى، وذلك لأن ديته عليهم عظيمة، و لا يريدون أن يعيروا بأنهم قتلوا ذلك الرجل.

دعا سيدنا موسى عليه السلام الله تعالى أن يُظهر لهم القاتل الحقيقى، فأمرهم الله سبحانه و تعالى أن يذبحوا بقرة، فتعجبوا من أمر الله و أنكروا على سيدنا موسى عليه السلام وأخذوا يسألونه عن صفات هذه البقرة، حتى ضيقوا على أنفسهم، فأخبرهم سيدنا موسى عليه السلام ان الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة لا بكر و لا هرمة بل تكون بين ذل، ثم طلبوا معرفة لونها، فأخبرهم أنها صفراء فاقعة اللون  تسر كل من ينظر إليها من حسن منظرها و جمال لونها، ثم طلبوا تحديد صفات أكثر حتى لا يُخطئوا فى إختيار البقرة، فأخبرهم أنها بقرة لم يذللها العمل فى الحقول و لا تثير الأرض و لا تعمل فى الحراثة و لا السقاية، و هى سليمة من العيوب و لا بياض فيها.

لما رآى التجار أنه لا مناص من أن يبحثوا عن تلك البقرة التى وصفها لهم نبى الله تعالى، قبلوا بذلك و أذعنوا له، وأنطلقوا يبحثون عن البقرة المطلوبة و يجدون فى طلبها فى جميع النواحى ولكنهم لم يجدوها.

وأثناء البحث عن البقرة مر القوم بفتى معروف ببره لوالدته وجدوا عنه البقرة التى ينشدونها، و بجميع المواصفات التى ذكرها الله تعالى لهم، وقصة هذا الفتى أن والده رجل صالح من بنى إسرائيل كان يتحرى الحلال فى الرزق و الصدق فى القول و الإيمان الحقيقى بالله سبحانه وتعالى، وعندما حضرته الوفاة كانت عنده هذه العجلة وكانت له زوجة وأبنهما الصغير و هو لا يملك سوى هذه العجلة، فأتجه إلى الله سبحانه وتعالى و قال: (اللهم إنى أستودعك هذه العجلة لولدى).

ثم أطلقها فى المراعى لم يوص عليها أحدأَ ولكنه أستودعها الله سبحانه وتعالى الذى لا تضيع عنده الودائع أستودعها يد الله الأمنية على كل شيئ، ثم قال لأمرأته: إنى لا أملك إلا هذه العجلة، و لا آمن عليها إلا الله، و لقد أطلقتها فى المراعى.

و توفى هذا الرجل الصالح، فأستجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه و بقيت هذه العجلة ترعى فى المراعى لا يقدر احد عليها أو الإقتراب منها.

و عندما كبر هذا الفتى، وكان باراً بوالدته، فكان يقسم الليل ثلاثة أثلاث، يُصلى ثلثاً، وينام ثلثاً، و يجلس عند رأس أمه ثلثاً، فإذا أصبح إنطلق فأحتطب على ظهره، فيأتى به إلى السوق، فيبيعة بما شاء الله، ثم يتصدق بثلثه، ويأكل ثلثه، ويعطى والدته ثلثه، وفى يوم من الأيام قالت له أمه: إن أباك قد ترك لك وديعة عند الله و هى عجلة، إستودعها الله فى المراعى لترعى و علامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها و كانت تسمى المذهبة لحسنها و لصفرتها، فقال: يا أمى و أين أجدها؟

قالت الأم: كُن كأبيك هو توكل و أستودع، و أنت توكل وأسترد.

فذهب الفتى يبحث عن العجلة فقال: اللهم رب إبراهيم و رب موسى رد إلى ما أستودعه أبى عندك.

فإذا بالعجلة تاتى إليه و قد أصبحت بقرة، فأخذها و رجع إلى أمه.

و عندما حدثت حادثة القتل فى بنى إسرائيل و كانوا يبحثون عن البقرة التى وصفها لهم سيدنا موسى عليه السلام، وجدوا هذه البقرة عند هذا الفتى البار بوالدته إبن الرجل الصالح، فقالوا هذه البقرة التى وصفها لنا موسى عليه السلامن فذهبوا إلى هذا الفتى و طلبوا شراءها منه فقال لهم: بكم؟

قالوا: ثلاثة دنانير.

فذهب الفتى ليستشير أمه فقالت: لا تبع.

رجع الفتى إليهم فعرضوا مرة أخرى أن يشتروها بستة دنانير، فذهب الفتى ليستشير امه فقالت: لا تبع.

وطلبت منه أمه أن يبيعهم بملئ جلدها ذهباً، فدفعوا له ما أرادته أمه، فكان هذا ميراثه هو و أمه من أبيه و هذا من بره لأمه و من صلاح والده له عندما أستودعها الله سبحانه وتعالى الذى لا تضيع ودائعة حتى يحفظ زوجته و إبنه، والله هو من يسير أمور عباده و يرعاهم و يحفظهم و هو من يُدبر الأمر.

ولما أشترى القوم البقرة من الفتى ذبحوها كما امرهم نبى الله موسى عليه السلام، ثم طلب منهم أن يضربوا القتيل ببعض أجزاء هذه البقرة، فضربوه بها فعادت روح القتيل إليه و أحياه الله سبحانه وتعالى فسألوه: من قتلك؟

فقال لهم: لقد قتلنى إبن أخى. 

ثم مات من جديد، فأخذوا الفتى و قتلوه بعمه.

وكانت هذه الحادثة معجزة من المعجزات الكثيرة التى أنزلها الله سبحانه وتعالى على سيدنا موسى عليه السلام.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

116

متابعين

90

متابعهم

66

مقالات مشابة