البحث عن الراحة المفقودة  حوار بين النبي وجبريل عليهما السلام

البحث عن الراحة المفقودة حوار بين النبي وجبريل عليهما السلام

0 reviews

حوار بين النبي وجبريل عليهما السلام

سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام: هل أنت تضحك؟
فقال: نعم.
فسأله النبي: متى؟
قال جبريل: عندما يُخلق الإنسان، ومن أول لحظة يولد فيها وحتى يموت، وهو يبحث عن شيءٍ لم يُخلق في الدنيا.
فتعجب النبي وقال: وما هو هذا الشيء؟
قال: الراحة، فقد جعلها الله في الآخرة ولم يجعلها في الدنيا.

وهم الراحة في الدنيا

منذ الطفولة وحتى الشيخوخة، يظل الإنسان في رحلة بحث لا تنتهي:

الطفل يتمنى أن يكبر.

الشاب يتمنى أن يعود صغيرًا.

الشيخ يتمنى أن يعود شابًا.

العزباء تتمنى الزواج.

المتزوجة تتمنى لو عادت عزباء.

من لم ينجب يتمنى طفلًا واحدًا.

ومن أنجب يتمنى أحيانًا لو لم ينجب.


كلٌّ يظن أن الراحة في حالٍ غير حاله، لكن الحقيقة أن الراحة الحقيقية لم تُكتب في هذه الدنيا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» [رواه مسلم]

الابتلاء سنة الحياة

قال تعالى:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155].

ويقول عز وجل:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ۝ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5-6].

الحياة دار ابتلاء، يمر فيها الإنسان بالمصاعب والاختبارات حتى يتهيأ لدار القرار، حيث النعيم المقيم والراحة الأبدية.

دروس من قصص الأنبياء

مريم عليها السلام حين قالت: يا ليتني مت قبل هذا، لم تكن تعلم أن الله أكرمها بحمل نبي عظيم. وهنا يظهر لنا أن الله يُخرج من رحم الشدة أعظم المنح.

موسى عليه السلام حين دفن أخاه هارون وبكى من ألم الفقد، أوحى الله إليه: يا موسى لم أنسَهم أحياءً، أفأنساهم أمواتًا؟
وهكذا، يُعلّمنا الله من خلال أنبيائه أن البلاء قد يخفي في داخله رحمة عظيمة لا نراها.

الحكمة في الضغط والابتلاء

كما أن الزيتون لا يخرج أصفى زيوته إلا إذا عُصر، والفواكه لا تخرج أحلى عصائرها إلا إذا ضُغطت، كذلك المؤمن لا يظهر أجمل ما في قلبه إلا عند الشدائد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» [رواه مسلم].

إذا شعرت أن الدنيا تضغطك بهمومها، فتذكر أن الله يريد أن يُخرج منك أجمل ما فيك من صبر ورضا وإيمان

زينة الحياة ومتاعها

الإنسان كثيرًا ما يظن أن المال أو المنصب أو الجاه يجلب له الراحة، لكنه ما إن يصل إلى ما أراد حتى يكتشف أن في قلبه فراغًا لا يملؤه شيء. قال تعالى:
﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ [الحديد: 20].
فالمؤمن يدرك أن الدنيا مرحلة عابرة، وزينتها لا تدوم، وأن السعادة الحقيقية في القرب من الله، والراحة في ذكره وعبادته

طريق الراحة الحقيقية

الراحة التي يبحث عنها الناس لا توجد في تغيير الأحوال، ولا في كثرة الأموال، وإنما في طمأنينة القلب ورضا النفس. قال تعالى:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
فإذا أردت راحة قلبك، فالجأ إلى الله، وأكثر من ذكره، وكن على يقين أن ما كتبه الله لك خير مما تتمناه لنفسك.
 

خاتمة

الراحة لم تُخلق في الدنيا، بل في جنات النعيم. فما علينا إلا أن نصبر ونتوكل على الله، ونسأله حسن العاقبة.
قال تعالى:
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185].

اللهم اجعلنا من الصابرين الراضين، وارزقنا راحة القلب في الدنيا، وراحة الجنة في الآخرة.

 

فإذا أتممت القراءة فوحّد الله ❤

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

0

followings

1

similar articles