من فضائل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه
من أصول أهل السنة والجماعة محبة الصحابة الكرام، والترضي عنهم، وذكر محاسنهم، ونشر فضائلهم؛ امتثالًا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وفي مقدمة الصحابة، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم وأرضاهم.
والراشدون الأربعة هم صفوة الصحابة، وخواص الخواص، وأقرب الناس إلى الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وأحبهم إلى قلبه.
وأهل السنة مجمعون على أن الخلفاء الراشدين المهديين هم أفضل الصحابة إطلاقًا، وأن ترتيبهم في الفضل هو ترتيبهم في الخلافة، فأولهم الصديق، ثم الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي الكرَّار المرتضى.
وسيدنا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين، وثالث العشرة المبشرين، وهو من أشهر الصحابة وأعظمهم.
لقد اشتهر عثمان رضي الله عنه بالكرم والجود، وشدة الإيمان، والسماحة مع الناس، وبقي على هذه السيرة الحميدة العظيمة حتى ذهب إلى ربه شهيدًا مظلومًا عزيزًا، آثر الاستشهاد والموت على إراقة الدماء، فرضي الله عنه وأرضاه.
وفضائل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومناقبه كثيرة جليلة عظيمة، أشهر من أن تُذكر، وأكثر من أن تُحصر.
ولقد تزوج رضي الله عنه من ابنتَي النبي صلى الله عليه وسلم: السيدة رقية، ثم السيدة أم كلثوم، فسُمِّي ذا النورين، وحسبك بها شرفًا.
وهو الذي جهز جيش العسرة في غزوة تبوك من ماله، وحمل الناس على ألف بعير وسبعين فرسًا؛ كما في الاستيعاب والفتح.
وعثمان رضي الله عنه هو الذي اشترى بئر رومة في المدينة المنورة بخمسة وثلاثين ألف درهم، وجعلها في سبيل الله تعالى.
وعثمان ذو النورين هو الذي وسع المسجد النبوي الشريف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشترى الأرض المجاورة له بخمسة وعشرين ألف درهم؛ كما روى النسائي وابن حبان.
وعثمان رضي الله عنه هو أحد الذين حفظوا القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ الناس عليه القرآن.
وثبت عنه أنه قرأ القرآن كله في ركعة واحدة؛ كما في طبقات ابن سعد.
وبالجملة فقد جمع الله في أمير المؤمنين عثمان بن عفان كل الفضائل والمناقب التي جعلته عظيمًا جليلًا، واستحق أن يكون ثالث الخلفاء الراشدين المهديين، رضي الله عنهم أجمعين.
وإن الحديث عن فضائل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومناقبه الجليلة مما تنشرح له صدور المتقين، وتفرح به قلوب المؤمنين، وكذلك الحال مع بقية الراشدين المهديين.
وفي هذه الصفحات سأذكر فضائل أمير المؤمنين عثمان بن عفان ومناقبه، مقرًّا بالتقصير، راجيًا من الله العون والتوفيق.
إلى جانب أبي بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير وسعد.
10- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان ...))؛ [أخرجه الترمذي والنسائي، وللحديث تتمة].
11- عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: ((كان عثمان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، والله يحب المحسنين))؛ [أخرجه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة].
ولأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه من المناقب والفضائل غير ذلك الكثير، وسيرته كلها من أولها إلى آخرها مليئة بالمفاخر والفضائل، وستبقى سيرة سيدنا عثمان رضي الله عنه منارة شعاع وهدى ونور، مهما حاول الحاقدون تشويهها، ومهما افترى السبئيون المرجفون عليها، ومَثَل الذي يطعن في أمير المؤمنين عثمان كمثل الذي يأتي إلى أبي قبيس يريد أن يهدمه بنعاله.
ويكفي عثمان شرفًا وفخرًا أنه ذو النورين، وأنه هو الذي جمع المصحف، وأرسل النسخ إلى الأمصار، وأنه هو الذي وسع الحرمين في عهده، وهو الذي فتحت في عهده إفريقية وطبرستان وغيرها كثير، وهو الذي جرت في عهده معركة ذات الصواري، وهو الذي أنشأ مرفأ جدة؛ خدمة للحجاج، وغير ذلك الكثير.
فكل هذه الفضائل والمناقب والمفاخر هي لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، ثالث الخلفاء الراشدين، وأمير المؤمنين المسلمين.
وكان في الخاطر كتابة المزيد من فضائل سيدنا عثمان، وكتابة المزيد من سيرته، ولكن رأيت أن أكتفي بما ذكرته وقدمته خشية الإطالة، وكل فضيلة من هذه الفضائل تجعلنا نعلم شيئًا من مكانة عثمان رضي الله عنه عند الله، وعند رسوله، وعند المسلمين.
وفي الختام رضي الله عن سيدنا عثمان بن عفان أمير المؤمنين وأرضاه، وحشرنا في زمرته المباركة، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين أجمعين.