العِز بن عبد السلام: سلطان العلماء وبائع الملوك

العِز بن عبد السلام: سلطان العلماء وبائع الملوك

0 المراجعات

    العِز بن عبد السلام

               سلطان العلماء وبائع الملوك

لطالما كانت الأمة الإسلامية مليئة بالشخصيات العظيمة التي تدخلها التاريخ والتي عُرفت بقول الحق والثبات علي المبدأ  أبرز هؤلاء العلماء الإمام العز بن عبد السلام، الذي لُقِّب بـ"سلطان العلماء"أطلق عليه هذا اللقب لأنه كان سلطانًا بالعلم كما أن السلطان سلطان بالحكم، فكان صوته أعلى من أصوات الملوك، وهيبته في القلوب أعظم من هيبتهم، لما له من علم وورع وصدق.

 وكذلك أطلق عليه أيضا   لقب "بائع الملوك"، لما عُرف به من قوة كلمة، وجرأة في مواجهة الحكام، ونصح للأمة.

نشأته وحياته العلمية

الإمام عز الدين بن عبد السلام (577 – 660هـ) أحد أعلام الأمة الإسلامية، عُرف بلقب سلطان العلماء وبائع الملوك، جمع بين الفقه العميق والجرأة في قول الحق. وُلد في دمشق ونشأ في بيئة متواضعة حتى صار من كبار علماء الشافعية، ثم انتقل إلى مصر حيث تولى منصب قاضي القضاة وخطيب جامع عمرو بن العاص. اشتهر بمواقفه الجريئة ضد الحكام

كما جمع بين العلم الغزير والورع والجرأة في الحق، فكان لا يخشى في الله لومة لائم ومن أشهر مواقفه :

1. خطبته في الجامع الأموي

حينما غزا الصليبيون بلاد الشام، صعد العز المنبر في الجامع الأموي وخطب خطبة نارية أيقظت القلوب، وحركت الناس للجهاد، فخرجوا يقاتلون العدو

2. موقفه مع المماليك

 لاحظ العز بن عبد السلام  وجود أمراء مماليك في مصر لا يزالون يُعاملون كأحرار، بينما في حكم الشريعة، كانوا عبيدًا لا يحق لهم التصرف في شؤون الدولة. فرفض أن يُجيز لهم أي ولاية أو إمارة، وأصر على أن يُباعوا في السوق الشرعي ويُصرف ثمنهم في مصالح المسلمين.

فبيعت المماليك بالفعل، وكانت حادثة فريدة في التاريخ، قادها هذا العالم الرباني، وكأنما يشتري بجرأته هيبة العلم أمام سطوة الحكم. ومن هنا لُقّب بـ"بائع الملوك".

3. وقوفه أمام السلاطين

لم يتردد العز في مواجهة الظلم أو الفساد، وكان إذا رأى من السلطان أو الأمراء تقصيرًا في حق الله، واجههم بكلمة الحق، حتى أصبح صوته ميزانًا للعدل، ومهابًا عند الحكام والشعب معًا.

مؤلفاته العلمية

ترك العز بن عبد السلام عددًا من المؤلفات الهامة، منها

قواعد الأحكام في مصالح الأنام: وهو من أوائل الكتب التي أرست مفهوم مقاصد الشريعة حيث يرتكز الكتاب على مبدأ عظيم في الشريعة: 

"كل تكاليف الشرع ترجع إلى تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم في الدين والدنيا".

وبالتالي بني العز بن عبد السلام  على هذه الفكرة قواعد فقهية وقانونية عظيمة، يُمكن من خلالها ترجيح الأحكام، وفهم عللها، والتفريق بين ما هو مقصود بذاته، وما هو وسيلة إليه

ومن أبرز مؤلفاته أيضاً :

الإلمام في أدلة الأحكام

يجمع فيه الأدلة الشرعية للأحكام الفقهية.

الفتاوى

مجموعة من فتاواه التي تبين قوة اجتهاده واستقلاله العلمي.

التفسير الكبير

تفسير للقرآن الكريم، لكن لم يكتمل.

مختصر النهاية

اختصار لكتاب "النهاية في المذهب" للإمام الماوردي.

ملحة السول في علم الأصول

كتاب في أصول الفقه على منهج الشافعية.

الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز

في البلاغة واللغة.

شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال

كتاب في التصوف والسلوك.

وله عدة رسائل صغيرة في موضوعات متفرقة مثل:

فضل الجهادو أحكام الجهاد وأسرار التشريع

وفاته 

تُوفي بعد حياة مديدة حافلة بالعلم والعمل في سنة 660هـ (1262م)، تاركًا إرثًا عظيمًا من العلم والشجاعة والالتزام… وكان، بحق، "سلطان العلماء". لم يكن عز الدين مجرد فقيه، بل كان ثائرًا بالحق في وجه الباطل، ومجددًا في فهم مقاصد الشريعة. ترك مدرسة علمية جمعت بين الفقه والأصول والتصوف، وأثّر في علماء كبار بعده. رحل عن الدنيا سنة 660هـ، لكنه بقي في ذاكرة الأمة مثالًا للعالم الذي جمع بين العلم والجهاد، وبين القلم والموقف

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة